كفى تشتتا وانقساما

> التلاحم الوطني ضرورة ملحة لمواجهة الخطر الذي يحدق بالجنوب للزج بشعبه إلى صراعات تحرف مسارنا الوطني الذي ناضلنا من أجله ثمان سنوات تعرضنا فيها لشتى أنواع التعذيب والمهانة والذل من قبل نظام صنعاء الذي لا يفرق بين الأمن والاستقرار وإرهاب الدولة، وقد واجهنا كل أساليب قمعه بصدور عارية، وفقدنا فيها كوكبة من خيرة شبابنا في عمر الزهور ضحوا بأرواحهم من أجل عزتنا وكرامتنا، ليكلل نضالنا بالانتصار الذي تحقق في يوليو 2015م بعد التصدي للمؤامرة ودحر العدوان الذي كان لا هم له سوى إضعاف الإرادة الجنوبية وفرض الهيمنة والتسلط، لأن كل الأحزاب والتجمعات الشمالية بمختلف انتماءاتها تنسى خلافاتها وتتوحد لكسر الجنوب أرضاً وإنساناً في الوقت الذي تتوسع فيه رقعة الخلاف والشقاق بين أبناء الجنوب، وتطغى المماحكات وسياسة كسر العظم لبعضنا البعض، والتباين في المواقف وعدم الإيمان بحق الاختلاف وقبول الآخر واحترام رأيه كما هو، وليس كما نريد مما زاد فجوة الخلاف اتساعاً، وقضى على أي تقارب بين المكونات على الساحة، وتناسى الجميع أن الفرصة إذا ضاعت لن تتكرر مرة أخرى.

يا سادة نحن بحاجة ماسة إلى مد جسور التواصل وردم فجوة الشقاق، وهذا لن يتأتى إلا بترسيخ الحوار الندي بين كل مكونات الحراك، للتوصل إلى قناعات مشتركة تؤكد حقنا في استعادة كرامتنا المسلوبة التي انتزعت منا دون وجه حق.

إذا امتلكنا الإرادة فليس هناك مستحيل، وأن يقتنع الجميع بأن المسؤولية مشتركة فيما وصلنا إليه، وتشخيص أسباب ما آلت إليه علاقتنا ببعض، والبحث عن معالجات لردم فجوة الخلاف وتقديم التنازلات التي تفرضها المصلحة العليا للوطن، والإيمان بأن الوطن فوق الجميع وملك الجميع ومسؤولية الجميع، وأنه لا يوجد ممثل وحيد للإرادة الوطنية لشعب الجنوب، وأن هناك غيره من له أعضاء وأنصار على الساحة مؤيدون له سبحانه وتعالى القائل: "ولا تبخسوا الناس أشياءهم".

نحن اليوم أحوج ما نكون إلى التوافق على موقف ورؤية موحدة وحامل سياسي لقضية الجنوب، لأن قضيتنا قضية وطنية سياسية عادلة بامتياز، ونحدد ماذا نريد، وكيف نحقق ما نريد حتى ننتزع حقنا في الكرامة الإنسانية التي نصت عليها الشرائع السماوية والقوانين الإنسانية والدولية الوضعية، وهذا لن يتأتى إلا بوحدتنا ونبذ التشتت والتمزق والانقسام الذي نعانيه وقضى على أي تقارب بيننا بالرغم من وحدة الهدف والمصالح المشتركة، وإثبات وجودنا على أرض الواقع وعدم فتح المجال واسعاً للمتسلقين، ومن يريد أن يلعب على حبال تمزقنا وتشتتنا وانقسامنا.

وحدتنا صمام أمان لنا وإثبات وجودنا كقوة مؤثرة على الأرض ومتحكمة في صنع قرار مصيرنا بما لا يتعارض مع التوجهات الإقليمية والدولية، وهذا نابع من قناعة أننا لا نستطيع في هذا الزمان أن نعمل بمعزل عن التوجهات الإقليمية والدولية.

يا سادة إن الأوضاع المأساوية التي يعيشها شعبنا في الجنوب تفرض علينا جميعاً التوافق على حل سياسي لإنهاء الحرب العبثية، ويضمن الاستقرار وإحلال السلام وإقامة مداميك الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والتحول المؤسسي لمحاربة البلطجة، والفساد الذي يتربع على كل مفصل من مفاصل هذا النظام، وأوجد عدداً من الذين يتاجرون بدماء وحقوق المغلوبين دون خشية أو وجل في ظل قضاء غير عادل وغير نزيه والقانون حبر على ورق، عوضاً عن التخندق الذي قد يدفع بالأمور إلى ما لا تحمد عقباه ويجرنا إلى نفق مظلم.

كفى احتراباً كفى عبثاً بأرواح الأبرياء وزجهم في محرقة خدمة لمصالح المتصارعين على السلطة والثروة والمتصارعين إقليمياً ودولياً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى