عكها يا معكي

> الحرب في اليمن هي حرب على الناس وعلى الخدمات وعلى الاقتصاد الوطني، ومن لديه تفسير آخر للانهيار الدراماتيكي للريال اليمني، فليتفضل ويشرح لنا الأمر.
ما الذي يحدث للريال اليمني أمام الدولار وإخوته من رضاعة البورصة؟

أكثر الخبراء لا يستطيعون الإجابة، وإذا تصدوا لتبرير هذا الانهيار بعد جهد جهيد يفسرون الماء بالماء.

تعددت أسباب انهيار عملتنا والموت واحد، منهم من يفسر الأمر على أنه ارتفاع وهمي لتحقيق مكاسب سياسية على حساب طرف آخر، ومنهم من يراه ارتفاعاً نفسياً في المقام الأول هدفه تعذيب المواطن وإرغامه على رؤية النجوم في عز الظهر، ومنهم من يؤكد أن هذا الانهيار لعبة كيدية يمسك بخيوطها من يحركون البنك المركزي بعدن كالدمية.

في كل الأحوال يبدو ترنح الريال مجموعة من الألغاز لا يمكن فك شفرتها اقتصادياً حتى لو استعان خبراء الشرعية بكتاب رأس المال للماركسي (كارل ماركس)، أو فتشوا في دفتر أحوال البورصات في كتاب ثروة الأمم لصاحبه (آدم سميث).
في تصوري أن الرأسمالية المتوحشة التي تغلغلت في مفاصل اقتصادنا من خلال تجار لا ضمائر لهم، ورجال أعمال لا قلوب لهم، وبنك مركزي يكتفي بالتطبيل في عدن، بينما الرقص في صنعاء، أنتجت واقعاً جديداً تشكل على خراب بلد ليس فيه عاقل واحد يوقف حنفية الفساد في كل مفاصل البنك المركزي.

ليست هناك خطط إسعافية لوقف التدهور والابتعاد عن التهور، ومع كل ارتفاع جنوني يركض البنك المركزي نحو الطابعة والقص واللصق دون ضمانات، والنتيجة أن العملة المتهالكة تطير من البنك بخفة تفوق خفة الجني الذي جاء بتاج بلقيس إلى سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه.
وعندما يرهن الشعب مصيره بيد حكومة ليس لها مأوى (داخلة خارجة.. خارجة داخلة على رأي الزعيم عادل إمام) مشغولة عن الخدمات بتفاهات السادة الوزراء ونثرياتهم وتوجهاتهم، فلا أمل في إيقاف دوران الريال في حلقة البنك المفرغة، أو قطع دابر الشياطين الذين يشفطون السوق بحجة التعويم القبيح.

لا يقدم البنك المركزي بعدن على إصلاحات إدارية حقيقية، يكتفي من غنيمة انهيار العملة بضخ مليارات جديدة مطبوعة (لنج)، فعمى العملة تماماً بحجة تكحيلها وفقاً لسياسة (عكها يا معكي).
الحرب على العملة الوطنية في الأساس حرب على المواطن الذي يتضور جوعاً ويعاني كل الويلات في غياب الراتب، مع العلم أن راتبه حالياً لا يساوي كيس سكر تايواني.

الذين دخلوا اللعبة الجهنمية من مافيا الفساد يعلمون أنها نهاية الدولة، فالأرقام مخيفة ومرعبة وهبوط الريال شبيه بجلمود صخر حطه السيل من عل.

وإذا كان المواطن المغلوب على أمره يكتفي بمشاهدة مسلسل هبوط الريال اليمني وارتفاع الأسعار حد الجنون شأنه شأن الحكومة، فلا شك بأن خبراء المال والتجارة يدركون حجم الكارثة والمأساة، لكنهم -بحسب أهواء السياسة وحسبة (برما) غير الأخلاقية- يضعون رؤوسهم في الرمال خوفاً على أنفسهم وحفاظاً على توجهات دولة الفساد العميقة، فهل حقاً لا يدركون أنهم يعيشون آخر سكرات دولة آيلة للسقوط اقتصادياً وسياسياً؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى