الجلاء.. قليل من الحكمة

> محمد العولقي

>
محمد العولقي
محمد العولقي
يمكن أن يكون نادي الجلاء نموذجاً لنادٍ كبير يجمع ولا يفرق لو آمن الجميع بأن العمل الإداري مغرم وليس مغنماً، تضحية لا وجاهة، وقار لا عناداً وتكسيراً للعظام.
تابعت فاصلاً من المسلسل الدراماتيكي بين الإدارة المؤقتة وأبناء خور مكسر من منتسبي النادي، بصرت ونجمت كثيراً في أصل وفصل السيناريو الكئيب فوجدته مسلسلاً أشبه بملهاة تجمع بين الكوميديا والتراجيديا، وبين كل حلقة وأخرى المزيد من إراقة ماء وجه هذا النادي.

وفي مسلسل لعلاقة المتوترة بين الإدارة المؤقتة ومن تسميهم المعارضة يختلط الخاص بالعام، العناد بالتحدي المصالح مع المطامع، لا تريد الإدارة الإصغاء لمنتسبيها أو حتى مهادنتهم وتلبية مطالبهم، وطالما أن هناك أطرافاً خارجية تغذي العناد وتنفخ في كير نادي الجلاء من الداخل، فطبيعي جداً أن يتحول الخلاف بين الطرفين إلى حلبة صراع مرير يشاهده وزير الشباب والرياضة ومدير مكتب الشباب والرياضة بعدن والسلطة المحلية بخور مكسر شأنهم شأن بائع البطيخ في جولة البط.

من يتابع ما يجري من مظاهر السلوك غير الرياضي في أماكن ومواقف كثيرة سيلاحظ بلا شك كيف أن خيبة بعض الناس السبت والأحد وخيبة نادي الجلاء لا تخطر على بال أحد، وأنا هنا أقرأ الصورة كما تابعتها عن بعد دون القفز على الرؤية الأخلاقية التي يجب أن تسود بين طرفي النزاع، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.

تحتار ويحتار دليلك وأنت تشاهد التعنت والصراعات والمسيرات الاحتجاجية وتسأل: نادي الجلاء ناد فقير معدم لا يصل إلى مستوى الوحدة أو التلال وشمسان والشعلة حتى ترفض الإدارة مغادرة المشهد المأساوي وتستميت ضد أبنائها بشعار (غلايتي وإلا الديك)، كما أن النادي لا يمتلك عقارات واستثمارات مادية يسيل لها لعاب (الكباش) وتستثير حمران العيون بما يدفع بالنادي إلى محرقة وقودها أبناء النادي، فلماذا ساءت العلاقة بين الإدارة المؤقتة والسواد الأعظم من منتسبي نادي الجلاء؟

لست هنا مؤيدا لطرف على حساب آخر، ولكنني هنا أحاول أن أضع جميع الأطراف في الصورة دون تملق أو ترجيح كفة على حساب أخرى، فنادي الجلاء في هذا التوقيت بحاجة إلى العقلاء يوقفون التصعيد ويغلبون مصلحة المنتسبين على مصلحة المتصلبين في المواقف، الجلاء بحاجة إلى قليل من الحكمة لمنع استنزاف ما تبقى للنادي من ماء وجه أمام محبيه، مع العلم أن الخوض في ملف تحركه أياد خفية تحسبا لمصالحها ووجاهتها أقرب إلى نكش عش الدبابير، ومع ذلك فلتقرأ الأطراف رأيي بتعقل بعيداً عن الشطح والتصنيف والتوصيف، بادئ ذي بدء يجب أن يكون الجلاء فوق كل المصالح والمغانم، وما دام أبناء خور مكسر يصرخون فيجب أن يصغي المعنويون لصراخهم الذي أسمع من به صمم ويضعون معالجة حقيقية لما يحدث.

ويا جماعة كان الله في عون أي مهموم بالوضع القائم في نادي الجلاء، وكان الله في عون كل غيور ومتطلع لإثبات أنه بالإمكان أفضل مما كان، والعبد لله واحد من الذين يتمنون على نائف البكري أن يرتقي إلى مستوى تطلعات جماهير الجلاء ويتدخل لتشكيل لجنة تقصي الواقع بحياد تام حتى لا يقال إنه مجرد تابع لفلان أو مناصر لعلان أو (عبد مأمور) لزعطان، لن يكون الأمر شاقاً على الوزير بأن تُشكل لجنة تضم مدير مكتب الشباب والرياضة بعدن، والقائم بأعمال وكيل وزارة الشباب والرياضة لقطاع الرياضة، ومدير عام مديرية خور مكسر، وممثلاً عن محافظ محافظة عدن ومدير البنك الأهلي المنتمي أصلاً لنادي الجلاء، وينهون الأزمة بتحضر ويا دار ما دخلك شر.

وبحسب متابعتي للوضع المتأزم في نادي الجلاء بين إدارة مؤقتة يدفعها كبرياؤها للعناد، ومنتسبون يصبون المزيد من الزيت على النار المستعرة أصلاً، ظلت الأطراف المعنية في مكتب عدن والوزارة والمحافظة ترفض الاقتراب من عمق الأزمة، أو حتى ملامسة تخومها، وهذا يفسر حقيقة أن أطرافاً متنفذة تتحكم في المشهد وتمنع الجهات ذات العلاقة من إيقاف الأسطوانة المشروخة، ولهذا السبب تتسع دائرة الخلافات وتتدهور العلاقات وتفقد الوزارة آخر لتر من دورها كحامية لحقوق الجمعيات العمومية.

ليس مقبولاً في بيئة رياضية يفترض أنها حاملة لقناعات الرأي و الرأي الآخر أن يهدد رئيس اللجنة المؤقتة مناوئيه بذهب المعز وسيفه، تماماً مثلما أن على المعارضين لسياسته ألا يحرقوا الأرض التي يمكن أن تقود إلى سلام وتفاهم وتقارب يساهم في إنهاء هذا الاحتقان بأقل الأضرار الممكنة.

وحاشا وكلا فأنا هنا لا أقتحم الضمائر ولا أرصد القلوب الممتلئة هذه الأيام بالكثير من حتى، لكنني هنا أحاول قدر المستطاع المساهمة في إخماد لهيب الفتنة ومنع جر نادي الجلاء إلى مربع مرير آخر تقطع فيه الأطراف شعرة معاوية، ويا ليت أن يأخذ الأخ نائف البكري ونعمان شاهر وخالد خليفي وأحمد لملس و د. أحمد سنكر كلامي على محمل الجد، ويسارعون إلى ردم الهوة وإصلاح ما أفسدته المصالح والشخصنة والتدخلات غير البريئة في شأن رياضي يفترض أن يصل إلى مشهد النهاية بعيداً عن شماعة الحسابات وقوى النفوذ والاستقواء بذهب المعز وسيفه.

ناس طول وعرض وعقول يتبادلون التهديد والوعيد، وكل طرف يستخدم طرقاً لإضعاف جبهة الآخر، ولقد تذكرت في خضم المساجلات التي تديرها أطراف القضية حكيمنا العربي الذي قال في خضم أزمة مشابهة للأزمة التي تعصف بنادي الجلاء:
ما فلان بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولو غدرت وفجرت مثله لكنت أدهى العرب.

ويا أعزائي في نادي الجلاء إدارة مؤقتة وجمعية عمومية (منتسبين) وما تبقى للمديرية من عقلاء وحكماء، ثمة فسحة للنفاق وبساط للمجاملة وملعب للتجمل، لكن يبقى العناد والتصلب في المواقف خيبة أكبر تقود إلى ما لا تحمد عقباه، ويا ليت بعد هذا الماراثون من الكر والفر والإقبال والإدبار بين إدارة تضع في أذنيها وقراً وغاضبين يصعدون ويطالبون بحقوقهم بتحضر، أن تجلس هذه الأطراف تحت رعاية وزارية أو محلية يتناصحون ويتواصون بالصبر ويشعلون مصابيح الفكر ويغلبون مصلحة النادي بعقلانية، فليس هناك يا أعزائي في الإدارة أفضل من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

مشكلة الإدارة المؤقتة مع المنتسبين من أبناء النادي قائمة على التربص والاحتقان، ويبدو الانفعال والتشنج واضحاً في ردود الأفعال. يحبون بقوة ويكرهون بنفس القوة، يستوي في هذا التناقض ما هو عام مع ما هو خاص، ولهذا فإن الذين يغذون الخلاف ويطالبون الإدارة بأن تستقوي وتقوي قلبها ضد أبنائها يجدون في العناد أرضية صلبة لتوسيع رقعة الخلافات والمناكفات والاحتقانات والخاسر الوحيد في هذه اللعبة الدراكولية هم أبناء وشباب النادي.

ولأن في بحر واقع نادي الجلاء الكثير من القواقع فإن من يقرأ خريطة الاحتقانات بين الإدارة المؤقتة وأبناء الخور، حيث يكتوي نادي الجلاء بنار الغيرة فلا بد من أن نعذره إن هو شيب وعاده شباب، وقاتل الله الأطماع ومن ينفثون في العقد ومن يوقظون الفتنة التي تنبئ بالمزيد من تعميق الخلافات في نادي الجلاء، إلا إذا نفضت وزارة نائف البكري الغبار عن خجلها وحيائها وتدخلت بضمير ينبض للحق من خلال تبني تسوية شاملة تراعي مصالح نادي الجلاء العليا وتضع حداً فاصلاً لما يحدث في هذا النادي من تجاوزات لا تليق.

ربما كان من المناسب أن يجلس أعضاء مجلس إدارة نادي الجلاء على طاولة الحوار ويشربون مع منتسبيهم الثائرين ضد سياستهم عصير البرتقال لتهدئة الأعصاب المشدودة والنفوس المحتقنة، لكن ليس قبل أن يدرك الجميع أن التنازل عن التصلب في الموقف عمل ديمقراطي يستدعي بالضرورة تحرير المزيد من الرسائل لبرنامج ما يطلبه المستمعون، يطلبون فيها إذاعة أغنية الصلح خير للفنانة نادية مصطفى، ليس هناك ما هو أجمل من أن تبتعد الإدارة المؤقتة عن وجع القلب وتصغي لصوت العقل في جو عائلي تتعدد فيه مظاهر وأنماط السلوك الحسن، بعيداً عن استعراض العضلات والدخول في متاهة جديدة مع منتسبين لا يكلون ولا يملون عن المطالبة برحيل الإدارة، سيكون رائعاً أن ارتقى رئيس النادي فوق كل الجراح وقال للمنتسبين: تعالوا إلى كلمة سواء وكفى الله المؤمنين شر القتال.

ولكل الأطراف في نادي الجلاء، كتبت رأيي بوضوح ويعلم الله أنني وضعت مصلحة نادي الجلاء فوق كل المصالح الصالحة والطالحة، ولن أطرق هذا الموضوع مجدداً على أساس أن من يقرأ هذه المقالة ولا يضع فكره كدليل حياة لا يستحق نصيحة أخرى، ولكل طرف حرية التعقيب أو التعليق في نفس هذه المساحة بعيداً عن التجريح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى