​الشمال ليس فقيرا

> هي مفارقات غريبة عجيبة إلا أنها تنطلي على العامة وتخاطب مشاعرهم من زاوية إن الشمال الفقير مرهون غناء شعبه بالجنوب وخيراته.
كما لو إن الشمال لا يمتلك أدنى مقومات البقاء من هنا نشأ زعماء جدد ورؤساء أحزاب وشخصيات سياسية أتت بشعار الوحدة أو الموت وتحت هذا الشعار تم نهب اليمن شماله وجنوبه.. لم يصل العامة شيئًا من عائدات الثروات وأدخلونا في حروب لا نهاية لها كما لو ساهموا في خلق درجة عالية من التباغض والمناطقية.

وهو الوضع الذي يعيش عليه هؤلاء الزعماء المرموقين ممن ينتهبون كل شيء وتقاسموا النفط والثروات والمنافذ والعائدات والبحر وثرواته الغذائية كل ذلك صار ملكًا للزعماء الذين يحزنهم الشمال الفقير ويدافعون عن الوحدة بضراوة حتى لا يموت شعب الشمال.

فهل حقًا الشمال فقير؟ وهل هم بحاجة لمساحة جغرافية؟ وهل حدث تطور المجتمعات وتحقيق الثراء لديها من منظور المساحة الجغرافية؟
فمثلا البلد الغني ألمانيا هو من أغنى بلدان أوروبا بينما مساحته الجغرافية توازي مساحة اليمن إلا أن تطور الألمان ارتكز على عامل العقول البشرية ولاستقرار السياسي والعدل الاجتماعي وغيرها حقق هذا البلد منجزات على الصعيد الاقتصادي، فماذا عن شمال اليمن الفقير، ومن وراء إفقاره؟
في الواقع هذا نهج عملت عليه كل السلطات الجائرة التي وصلت إلى سدة الحكم، فكان أن تركزت كافة العائدات والثروات بيد الحاكم المطلق، أعني الزعيم وصروفه مضت عقود تحت تلك الوطأة، ولم تبادر أي من تلك الزعامات إلى تغيير الوضع، حيث زادت فئات الفقراء والمهمشون، وجرى نهب عقارات البسطاء في حدود قراهم ومدنهم، كما تم الاستئثار بالعائدات وتوجيه كل شيء من أجل سلطة الحاكم.

لم ينعم شمال اليمن باستقرار يذكر، ولا تنمية، وحين كانت ليلة القدر بالنسبة لنظام صالح في الحصول على صك وحدة لا يمكن أن تحدث حتى في الخيال، واندماجية تفتحت شهيتهم لالتهام كل مقدرات الجنوب، وإقصاء أبناءه، تقاسموا النفط وآباره، وكل ما كان من مقومات الأرض الجنوبية، تناهشوا عقارات الأرض بصورة لم تحدث في التاريخ، طال النهب ملاعب الأطفال والمدارس وشواطئ المدن..

وحين أفاق الجنوبيون من معاناتهم وماحل بهم من دمار ماحق  لم يجد هؤلاء الزعماء بدًا من رفع نبرة البكاء على الشمال الفقير متناسين مقومات تجتمع بهذا الحجم السكاني، وجغرافية أرضه، وإبداعات أبناءه، وما لديهم من طموحات استثمارية، وأنشطة سكانية، وعائدات ثروات، وغنى في أراضيهم الزراعية.. ناهيك عن عائدات المهاجرين الضخمة. الشمال دون تلك ليس بحاجة أصلًا لزيادة المساحة الجغرافية بقدر ما هو محتاج للأمان والتنمية، والقيادة العادلة وتصحيح عبث عهود واستثمار عقول أبناؤه المبدعين، لو حصل هذا سوف يحدث التحول العارم في وضع الإنسان، وستزول فكرة البناء على الجنوب، تلك الراية التي تحتفي خلفها أمكر اللصوص وأدهاهم فهل سألتم يومًا عن حجم ثروات تلك الزعامات التي تدير فتن الحروب وتقتات على دماء اليمنيين؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى