فتح جبهة يافع - البيضاء والمجلس الانتقالي لم ينطق بكلمة

> د. صالح الوالي

> في الثالث من يوليو 2021م وبعد مرور ست سنوات ونصف، فتحت جبهة يافع – البيضاء، ولم ينطق الانتقالي بكلمة واحدة، وكأن الأمر لا يعنيه، على أنه يصرح بأن شعب الجنوب فوضه للدفاع عنه وعن أرضه باستعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية.

وفي خطاب الأخ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي في 7/7/2021م لم يتطرق إلى فتح جبهة جديدة يافع – البيضاء، بل إنه، تجنبا لذلك، لم يذكر الجبهات التي تحشدها عسكريا حكومة الشرعية وحزب الإصلاح والقاعدة في أبين والصبيحة، ولا إلى الجبهات المشتعلة في الضالع وشبوة وحضرموت وعدن وغيرها ذات الصلة...

وبالرغم من أن قوات الساحل الغربي جنوبية تتبع التحالف العربي ولا تتبع الانتقالي، لكن هذا الأمر لا يبرر أو يعفي الانتقالي بأي شكل من الأشكال، لأن فتح جبهة جديدة يمس أرض الجنوب من المهرة إلى باب المندب.
والسؤال نوجهه للشرعية والتحالف والانتقالي ما أهمية فتح جبهة يافع-البيضاء عسكريا بعد أكثر من ست سنوات من الحرب، وما النتائج المرجوة من فتح هذه الجبهة، وما المترتبات على ذلك في المستقبل القريب؟

في أحسن الأحوال، لو افترضنا أن قوات العمالقة حققت بعض الانتصارات في البيضاء، هل ستغير هذه الانتصارات من نتائج الحرب، التي لم تتبقى غير مديرية أو مديريتين في مارب وشارعين في تعز في طريقها للانضمام لحاضنتهم التاريخية صنعاء؟

ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا أن أنصار الله ليسوا أنصار الله (2015م)، فقد أصبحوا يمتلكون الصواريخ الباليستية الدقيقة النوعية، والطائرات المسيرة، وغيرها من الأسلحة الحديثة المتطورة، والزوارق البحرية، واستطاعوا تغيير مجريات الحرب لصالحهم بامتياز، ولم يبقَ إلا إعلان حكومة الشرعية الاستسلام بعد اعترافها بأنصار الله طرفا شرعيا بعد أن كانت تنعتهم بأقذع الأوصاف السيئة، وكذلك مبادرات المملكة التي تطالب أنصار الله بوقف إطلاق النار ولهم ما يريدون... وكذلك مبادرات ومقترحات الدول الكبرى والأمم المتحدة؟

لذا هل ممكن لاحد أن يفيدنا عما حققه الجيش الوطني والإصلاح والقاعدة والتحالف من انتصارات أم أن المسالة فيها أن؟

وإذا افترضنا تحول الحرب على جبهة يافع - البيضاء إلى حرب دائمة، كما يخطط له، لأن بقية الجبهات بمناطقها انضمت لأنصار الله، السؤال هل سيزود التحالف الجبهة الجديدة بالسلاح الصاروخي النوعي الضروري والطيران المسير وغيرها، كما زود التحالف الشرعية وحزب الإصلاح وغيرهم ..ولنا مثال بجبهات الضالع وأبين والصبيحة أم أن الهدف منه فقط فتح جبهة جديدة بقصد إضعاف شعب الجنوب وتشتيت قواته وقتله، ثم تفتيته ليسهل ابتلاعه كالثور عندما يتعثر في الوحل تتناهشه الضباع، وما اتفاق الرياض إلا مثال، بموجبه أصبح الانتقالي جزء صغير جدا من حكومة الشرعية .

والعجيب أن الانتقالي يطالب بتشكيل وفد مشترك مع حكومة الشرعية. والسؤال مع من سيتفاوض الوفد المشترك؟ هل سيتفاوض مع الانقلابين الحوثيين التابعين لإيران أم مع الطرف الشرعي أنصار الله؟

ومن نافلة القول يتضح أن صمت الانتقالي عن فتح جبهة جديدة ربما تنفيذا لبعض بنود اتفاق الرياض غير المعلن؛ لربط فتح جبهة يافع - البيضاء مقابل انسحاب الألوية العسكرية من حضرموت وشبوة مناطق الثروة، وهذا مستحيل، وربما هذا الاعتقاد الواهم بالوعود هو ما أقنع وفد الانتقالي، وكبل نفسه من حيث لا يعلم أو يعلم بالتوقيع على اتفاق الرياض الجائر...

وإذا أحسنا الظن بقيادة الانتقالي بتوقيعه الاتفاق فربما يعود إلى ضعف مستشاريه، أي أنهم غير مدركين تماما لطبيعة الصراع الذي يدور على أرض الجنوب. وما قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م إلا الخطوة الأولي لتفتيت وتمزيق الجنوب للاستيلاء على ثرواته، وهذا ما نعيشه اليوم من نظام وقانون وثقافة وتطور ورُقي ورفاهية وازدهار في ربوع الوطن الجنوبي.

والملاحظ تمسك حكومة الشرعية بتنفيذ الشق العسكري قبل السياسي من اتفاق الرياض، وهذا ما جعلنا نتساءل من تمسك الشرعية بتنفيذ الشق العسكري قبل السياسي خلافا للعقل والمنطق كالذي يضع العربة أمام الحصان لكن هذا ما نشهده اليوم.

والجدير بالذكر أنه خلال فترة مكوث حكومة الشرعية في عدن لم تنفذ غير الاجتماعات واللقاءات والتصريحات وبعض التسهيلات، أما المعوقات فلا كهرباء ولا رواتب ولا مياه ولا أمن ولا....إلخ، بل أنها غادرت عدن إلى مقرها الدائم في الرياض مما اضطر الوفد التفاوضي السفر إلى الرياض لمراضاتها والتودد لها للعودة إلى عدن؟ أو أنه استجابة لضغوطات الراعي؟

والسؤال المحير ما هي الأجندة التي سافر الوفد للتفاوض عليها بالرياض، هل للتفاوض على نفس الاتفاق أو تعديله أو إضافة بنود جديدة أو تقديم تنازلات أو على اتفاق جديد؟

وفي 1 يوليو2021م صدر بيان المملكة بأنه "فقد تم جمع ممثلي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في الرياض لبحث استكمال الدفع بتنفيذ اتفاق الرياض... وفي هذا الصدد تشير المملكة إلى أن التصعيد السياسي والإعلامي وما تلاه من قرارات تعيين سياسية وعسكرية من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي لا تنسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين".(الأيام)

والسؤال ما المسائل التي لم تستكمل لبحثها مع أن الانتقالي مكث قرابة ستة أشهر بالرياض على ماذا كان يتفاوض؟
وجاء في بيان المملكة " بان قرارات تعيين سياسية وعسكرية من قبل المجلس الانتقالي لا تنسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين"؟ وبحسب البيان على الانتقالي ان يفصح عن فحوى اتفاق الرياض الذي لا ينسجم ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين؟

ومع وبالرغم من كل ذلك، يثور السؤال هل الرياض وسيط ام راعي للاتفاق؟ وبالتالي نحتاج أولا الى توضيح مفهوم ومدلول الراعي؟

وبالتالي هل يجوز للراعي أن يفرض على الطرفين الموقعين تنفيذ الاتفاق جبرا باعتباره راعي الاتفاق؟ أي هل تعد وساطة الراعي إجبارية باعتبار أنه محكم بات، نهائي؟ وفي 2 يوليو 2012م أصدر المجلس الانتقالي بيانا ردا على ما يبدو على بيان المملكة بأنه "يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي جاهدا لتنفيذ اتفاق الرياض". وللأسف لم يجرؤ على الرد على بيان المملكة وإنما جاء يشكو ويشرح للملكة ما حصل من أحداث وطالب بتنفيذ البند الثامن بتشكيل وفد تفاوضي مشترك، وحذر الطرف الآخر بانه يمارس إجراءات عسكرية وسياسية خطيرة ستحول دون تنفيذ بنود الاتفاق. "الأيام".

وفي هذا العجالة على مستشاري الانتقالي الوقوف على بيان المملكة وتمحيصه والخروج بحصيلة منه، وأخص مراجعة بيان الانتقالي الذي يصعب التعليق عليه ...وأكرر هنا على مستشاري الانتقالي وصيف الحالة اليمنية والجنوبية من منظور القانون الدولي لكي يسهل لقيادة الانتقالي التخاطب مع المجتمع الدولي بمصطلحاته ومفاهيمه.

وفي 3 من يوليو 2021م أصدرت الحكومة الشرعية بيان: "بان الحكومة وهي ترحب بكل مضامين الواردة في بيان المملكة، تجدد تمسكها بتطبيق اتفاق الرياض بكل جوانبه وتفاصيله ..." وأشارت إلى أنها "إذ تبدي التزامها بنفس النهج الضروري لتطبيق الاتفاق، فإنها تدعو الأخوة في المجلس الانتقالي إلى إيقاف كافة اشكال التجاوزات التي تطال مؤسسات الدولة وهياكلها وإلغاء ما تم من إجراءات والتوقف عن تأزيم الأوضاع بصورة مستمرة ..." (الأيام).

وأخيرا على الانتقالي أن يصرح عن موقفه من فتح جبهة جديدة كما يصرح على كل شاردة وواردة، التقى، اجتمع... لأن شعب الجنوب العربي فوضه لاستعادة الدولة الهوية الجنوبية العربية وانتزاع الاستقلال وإقامة الدولة الوطنية المستقلة كاملة السيادة.

والله من وراء القصد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى