اليمن في المشروع الإيراني ودبلوماسية الدرونز والصواريخ

> أصبحت اليمن (صنعاء) أحد الإجرام الفاعلة التي تدور في فلك إيران، وكان لحضور وفد أنصار الله في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد واستقباله كموفد رسمي لدولة يعبر عن الدعم الكبير الذي تحظى فيه سلطة الأمر الواقع في صنعاء، كما أظهرت المقابلة تأكيدا لأهمية دور صنعاء كأهم عنصر في السياسة الإيرانية في عهد الرئيس إبراهيم رئيسي.

إيران تتباهى بانتصاراتها في اليمن مقابل إخفاقات الشرعية المدعومة دوليًا وإقليميا، التي أضاعت البوصلة في دهاليز الفساد، والتي أقصت كافة شرائح المجتمع اليمني من المشاركة في إدارة الحرب، واستحوذ فصيل سياسي ممثل بحزب الإصلاح فرع حزب الإخوان المسلمين باليمن على دفة قيادة الشرعية، الذي غير بوصلة اتجاه الحرب جنوبا، وانتهت في آخر المطاف في الدفاع عن مدينة ونصف مدينة أخرى من جغرافية الجمهورية العربية اليمنية.

إيران لا تتورع عن استخدام حلفائها في المنطقة لخدمة مصالحها الجيوسياسية عبر المليشيات التي أنشأتها، حتى لو تعارضت تلك المصالح مع المصالح الوطنية لبلدانهم، وهم مجرد بيادق في حربها الإقليمية والدولية ونشاهد ما تقوم به في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن، وحيث لم تستطع أن تقوم فيه بشكل مباشر توعز لمليشياتها لتنوب عنها في توجيه ضربات في تلك البلدان، وهي رسائل إما بالصواريخ متعددة المدى أو الطائرات المسيرة بكافة أنواعها، وهي رسائل للإقليم والعالم ولمن يهمه الأمر إما لتفادي ضغوط تمارس دوليا عليها وإما للفت نظر إلى تعديل مواقف إقليمية ودوليه حيالها، وإما لتسريع اتفاق ما معها أو غير ذلك. ولا يهمها العواقب التي سيتحملها شعوب تلك البلدان، ولا حتى يضع الموالون لإيران أي اعتبار لمصالح شعوبهم.

تحولت اليمن (صنعاء) إلى منصة لاستهداف مواقع حيوية في داخل المملكة العربية السعودية، حيث ازدادت أعداد الهجمات بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة؛ لمزيد من الضغط على السعودية لإنهاء الحرب وتليين موقفها، وهذا مفهوم كونها زعيمة التحالف العربي، لكن أن تمد إيران أذرعها حتى في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية والتحالف، ونقصد بذلك المنطقة الشرقية من اليمن، وعلى وجه الخصوص محافظة المهرة فهذا الذي أصبح غير مفهوم البتة، والسؤال كيف تمكنت خلية الإطلاق كما تتداولها الأخبار من التمركز في تلك المنطقة المحاطة بالمعسكرات التابعة للشرعية والتحالف، ومثل هذه العملية تتطلب جهدا فنيا وقياديا عالي المستوى؛ لأن الهدف المطلوب تدميره، هو هدف متحرك، ولهذا لا بد من وجود نقاط سيطرة متعددة من اتجاهات مختلفة حتى يتم التقاطه بدقة، وفِي نفس الوقت تدميره، أين هي تلك النقاط وفِي أي بلد أو مواقع أخرى، وفي الأخبار الأولى المتداولة بين القوى العالمية، وبالذات أمريكا، أعلنت بأن الطائرة انطلقت من المهرة عبر خلية تابعة للحوثي بالقيام بهذا العمل، وأكدت ذلك بريطانيا ودوّل أخرى، وأخذت بريطانيا قرار النزول على أراضي المهرة تحت حجة مطاردة عناصر الخلية المتهمة، وكأنها ستظل تلك الخلية في مكانها تنتظر القوات الخاصة البريطانية حتى تأتي للقبض عليها، لكن كانت المفاجئة بأن أمريكا أعادت النظر في تصريحها، وقالت بأنها غير متأكدة من موقع الإطلاق، مما يعني أن التحرك البريطاني غير مبرر لكن السؤال المهم هل هذا التصريح له علاقة بصفقة مع إيران حول الملف النووي أي يتم التغاضي عن تصرفات إيران الهدامة في الإقليم مقابل صفقة أخرى تخص أمريكا؟ لا أحد يعرف حتى الآن وستظهر الحقائق لاحقا.

من المؤسف أن تصبح اليمن ساحة صراع إقليمي ودولي تنطلق منه لتنفيذ عمليات ضد أهداف بحرية على بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر، وأصبحت إيران عبر مليشياتها تهدد الأمن والسلم الدوليين، وهذا الأمر ليس بجديد لكن الشيء الجديد أن يظل المجتمع الدولي متساهلا تجاه تصرفات إيران، وعدم اتخاذ مواقف صارمة لردعها في الوقت المناسب، ذلك التساهل ظهر منذ بداية الانقلاب الذي لم يتشكل حتى اليوم موقف دولي واضح من سلوك إيران بل نلاحظ ضغوطا يمارسها المجتمع الدولي على التحالف العربي خلال سنوات الحرب الماضية لوقفها تارة تحت مبررات إنسانية وأخرى من خلال منع بيع أسلحة أو التعاون اللوجستي مع التحالف.

ومع معرفتهم حجم مخالفة قواعد الاشتباك من قبل الحوثي، وهناك العديد من هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة على حشود مدنية في الجنوب أو مهرجانات في عدن وآخرها مهاجمة مطار عدن الدولي، ولَم نسمع من المجتمع الدولي غير التعبير عن الغلق أو الإدانة اللفظية، بينما قرارات مجلس الأمن تلزم كافة الدول بتطبيقها على الدولة المخالفة لهذه القرارات.

من خبرة إيران في الحروب نقل الصراعات بعيدا عن أراضيها عبر مليشياتها، وهي تسارع بنفي أي عمل عسكري تقوم به تلك المليشيات، ومن تجربتها في الحرب مع العراق عندما خسرت نصف أسطولها البحري عندما فكرت بالقيام بعمل عسكري ضد السفن العابرة للخليج، ولهذا فهمت الدرس الأول، ولهذا تنقل معاركها البحرية خارج حدودها البحرية، ولهذا استوعبت الدرس وتقاتل عبر وكلائها في المنطقة.

الهجوم على الناقلات واستهدافها في عرض البحر، وعلى مقربة من السواحل العمانية يثير العديد من الشكوك حول انتقاء تلك الأهداف التي تعتبر أهدفا سهلة؛ كونها لا تمتلك حماية مرافقة لها. والسؤال كيف تكتشف إيران ذلك الوضع وهل بمقدورها رصد كل تحركات السفن العالمية الناقلة للنفط في البحار؟ وهل تمتلك إيران منظومة مراقبة فضائية مستقلة تستطيع أن تضع كل بحار العالم تحت مجهرها أو أن هناك تعاون دولي أو إقليمي ما يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البحار المستهدفة لكي تضعها الدول الكبرى تحت سيطرتها بحجة مكافحة القرصنة كما حدث في خليج عدن في العقود الماضية؛ ليبرر تواجد قوات متعددة الجنسيات على مقربة من الشواطئ في بحر عمان؛ لتكتمل حلقة التواجد الكبير لأساطيل تلك الدول من خليج عدن إلى بحر عمان بهدف حماية التجارة العالمية، مما يؤثر على استقرار وأمن الدول المطلة على تلك البحار.

ستظل تحمل حادثة استهداف ناقلة نفط في بحر عمان بطائرة مسيرة انطلقت كما يقول البعض من شرق اليمن الكثير من الأسئلة التي بحاجة إلى أجولة مقنعة، الأمر الذي مكن نزولا فوريا لقوات بريطانية على أرض المهرة لمطاردة الخلية كما يقولون، بينما مصدر الخلية والمستفيد الأول والأخير من عملها في أمن وأمان لا أحد يمسه بسوء، بينما لم يفكر البعض لماذا تتواجد عناصر الإرهابية بشكلها القاعدي والحوثي في أراضي الجنوب، في الوقت الذي أثبت الجنوبيون قدرتهم بإمكانياتهم المتواضعة وبدعم من التحالف من هزيمة المشروعين الإرهابيين بجدارة ومهنية عالية، أعتقد أن الرسالة الجديدة يحب أن تقرأ بعناية، وأن يتمكن أصحاب القرار من إعادة النخب الجنوبية إلى مواقعها السابقة في شبوة وأبين والمهرة وحضرموت لتكون الضمانة الوحيدة لمكافحة الإرهاب بشقيه القاعدي والحوثي

14/8/2021

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى