ومن تعز يأتي الجديد

> تاريخيا تتناوب المدن والمواقع والجهات الإرث الحضاري، فسبأ ومعين وحمير جهات ومدن وقبائل ودول تداولت الحكم والتمدن في أزمة متعاقبة قبل فجر الإسلام.
أصبحت صنعاء بعد مارب و… وظفار مركز الحكم قبيل فجر الإسلام بمائتين وخمسين عاما تقريبا.

وفي التاريخ الوسيط تحل جبلة وتعز وزبيد وعدن كمراكز جديدة للحكم والجذب.

في النصف الأول من القرن العشرين أصبحت عدن مدينة المدن في الجزيرة والخليج، نشأت فيها مظاهر التمدن والتحضر والحياة العصرية: نشأت النقابات والصحافة والأحزاب والتجارة والتعليم الحديث والتواصل مع العصر وحضارة القرن العشرين. ومع الثورة الوطنية والتحررية، كانت عدن مركز اهتمام الدول الكبرى وحركات التحرر الوطني إلى جانب صنعاء مركز الثورة الوطنية سبتمبر ١٩٦٢.

وكانت تعز وإب والمكلا والحديدة في قلب التحولات المدنية.
لا أتحدث عن تعز في العهد الرسولي، ولكن عن الخمسينات وما بعدها، حين أصبحت مركز الحكم والمعارضة في آن.

ولكن تعز الستينات تصبح رافدا وخليفة الثورة اليمنية شمالا وجنوبا. وفي السبعينات ورثت من عدن نشاط الصحافة والأحزاب والعمل التجاري والعمل النقابي والنشاط المدني وتتشارك معها إب والحديدة.
بدون… هبة حضرموت ١٩٩٥ والحراك الجنوبي السلمي ١٩٩٧، إن الدعوة السافرة لإسقاط النظام بدأت من تعز ومن مبادرة أيوب الصالحي الذي تحرك في شوارع المدينة بباصه المختطف أيضا مناديا: "الشعب يريد إسقاط النظام" !

وانتقلت رياح الربيع العربي إلى صنعاء السباقة في الاحتجاجات المدنية الأسبوعية أمام مجلس الوزراء.
وامتدت الاحتجاجات إلى الحديدة وذمار وأب وحجة لتغمر أمطار ربيع العام ٢٠١١ الأرض اليمنية كلها.

هناك ظاهرتان مهمتان لا بد من الاهتمام بهما: الأولى والاحتجاجات في تعز "ومن تعز يأتي الجديد"، مظاهرة يوم السبت الموافق ٢٣ أغسطس مؤشر مهم لا بد أن تقرأ قراءة صائبة لأنها ترمز للحالة اليمنية شمالا وجنوبا فالاحتجاج في تعز الموجه ضد الفساد والاستبداد والتفلت الأمني والقتل والاختطاف والاعتقال خارج القانون هي القاسم الأعظم والمشترك بين كل مليشيات وأطراف الحرب.

مظاهرة تعز والاحتجاجات المدنية فيها تحد مهم ورد صائب على تغول التفلت الأمني وتسيد السلاح والمليشيات غير المنضبطة، والموجه إلى صدور المواطنين وقمع الحياة المدنية والسياسية. وهي البداية التي تستأهل الاهتمام والمد إلى مختلف المناطق.
أما الظاهرة الثانية والمهمة فهي ارتفاع نداء وصوت السلام من أهم معاقل الحرب في مراد وريف مأرب.

الظاهرة الجديرة بالدراسة هي التداخل بين الريف والمدينة وبين القبيلة والتكوينات الحديثة بين المجتمع المدني والأهلي وبين القرية والمدينة.
الأصوات الداعية للسلام في مراد وريف مأرب لهم علائق بالناصري والمؤتمر الشعبي العام، وهناك أطراف قريبة من أطراف الحرب بدأ التململ في صفوفها من طول أمد الحرب. والكوارث الناجمة عنه.

ارتفاع صوت السلام في مناطق الحرب وقريباتها دلالته مهمة وله مغزى كبير، المبادرة الآتية من أكثر من طرف هي الأخرى مهمة، والأهم تخفف اليمنيين من ضغط الصراع الإقليمي والانتباه أكثر فأكثر إلى معاناة شعبهم ومآسي الحرب التي لا تقف عند حد وطالت إصرارها كل شيء.
القبيلة اليمنية المزروعة في الحرب والمنذورة للمآسي هي الأكثر إدراكا وفهما.

من السياسيين والقادة لأنهم يصطلون بنارها بينما يستفيد نفر قليل من تجار الحرب.
لليمنيين تجارب في الحروب تبدأ ولا تنتهي، حتى المناطق المدنية في حضرموت أو تعز أو تهامة مرت بحروب لعقود كثيرة.
تحرك زعماء القبائل في بؤرة الحرب في مأرب ومراد والجوف والبيضاء ورداع والوسطى وتعز والحديدة وأبين وشبوة والضالع وتهامة وحجة وصعدة أمر في غاية الأهمية. والمهم عدم انتظار حل يأتي من الأمم المتحدة والإقليم، فاليمنيون دوما هم الأقدر على التحاور ووضع السلام لأنفسهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى