​الإصلاح لم يسلم بيحان للحوثيين

> القول إن حزب الإصلاح سلم بيحان للحوثيين لا يمكن استيعابه إلا من باب المناكفة وتنشيط فكرة نظرية المؤامرة وتحفيز فكرة التخادم الافتراضية بين الجانبين.
فكيف لحزب شره طموح مثل الإصلاح يسعى للاستحواذ على كل المناطق في الجنوب وفي الشمال على السواء، ويحرص على أن يهيمن على كل مفاصل مؤسسات الدولة، أو ما تبقى منها، أن يسلم طواعية مناطق مهمة كبيحان وفي محافظة حيوية كمحافظة شبوة، أو في تعز والجوف ومأرب وسواها من
المناطق لخصومه؟ ولمن؟ هل للحوثيين الذين أذاقوهم كؤوساً مترعة بمرارة الهزائم والإذلال، وما زالوا؟
الإصلاح ومعه قوات الشرعية ليسوا عاجزين عن مجابهة الحوثيين، وربما هزيمتهم وبالذات في الجنوب إن أرادوا ذلك. مستفيدون من الدعم الهائل من الخارج عسكرياً ومالياً وسياسياً وإعلامياً ومن دور الجماعات الجهادية، خصوصاً في ملاذات القبائل، ومن الموارد المالية الهائلة المحلية التي بمتناولهم، لكنهم لا يريدون تقديم خسائر وضريبة بشرية ومادية تنسجم مع حجم الهدف المرجو، وهذا ضرب من ضروب الأنانية، أو قل من الدهاء الذي يعرف به الحزب وأنصاره، فهؤلاء الذين يريدون من الآخرين القتال والتضحية نيابة عنهم -بعد أن وجدوا فعلاً من ينوب عنهم بكثير من المناطق- لا يرون اليوم أن معركتهم الحقيقية والفاصلة هي مع الحوثيين وحدهم، على أهمية وخطورة هذه المعركة وما يشكله لهم وجود الحوثيين بالجنوب من منافسة وتهديد لمناطق النفط والثروة، ويتمنون هزيمة الحوثيين أو إضعافهم، لكن من خلال تضحيات غيرهم، وسيعملون في قادم الأيام على استعادة بيحان ببندقية ودماء غيرهم، بل يرون أن المعركة الحقيقة لهم لم تحن بعد، وسيكون معظمها في الجنوب مع قوى جنوبية ومع الحوثيين بالتأكيد والمؤتمر ومع كل من يقف بوجهه.

معركة تبدو لهم وجودية وحاسمة ستنطلق غداة انتهاء هذه الحرب وبعد أن يفرغ الداخل والخارج من الاتفاق على التسوية السياسية، وستكون معركتهم المنتظرة بصور شتى وليست عسكرية فقط، ولهذا رأينا كيف تحاشى الإصلاح أي صدام دامٍ مع الحوثيين عام 2014م حين دخلوا صنعاء، وكيف ادخر الحزب كل جهده وآثر السلامة تحت شعار "لن ننجر ولن ندمر عاصمتنا"، محتفظاً بالتالي بإمكانياته المختلفة، قبل أن يستدرج السعودية إلى حربها الشاملة مع الحوثيين في مارس 2015م، وفي ذات الوقت لإجهاض وتفويت الرغبة السعودية الجامحة التي كانت تتوق بها المملكة حينها، أي عند تقدم الحوثيين وبلوغهم صنعاء، لصدام عسكري شامل بين خصميها، الحوثيين، والإصلاح "إخوان اليمن" الذي انخرط بقوة بخضم ثورات الربيع العربي مجاهراً بالعداء للسعودية لمصلحة الحركة الإخوانية الدولية، الخصم اللدود لمؤسستي الحكم بالرياض، السياسية والدينية السلفية، حين اعتبرت الرياض هذا التصرف من الحليف التقليدي لها إعلان قطيعة وتمرداً صريحاً على الأخ والممول الأكبر، وتنكراً سافراً لدعمها التاريخي له ولشيوخه ورموزه الدينية لا يمكن أن يمر دون عقاب، لكن بواسطة سوط حوثي قادم من أعالي مران وضحيان قبل أن تجد المملكة نفسها وهي في حالة ذهوله قد وقعت بالشرَك الذي نصبته للإصلاح بعد أن سيطر الحوثيون على كل الشمال، من شمال صعدة حتى جنوب تعز دون مقاومة أو صدام عسكري يذكر من الإصلاح كما كانت تنتظره.

واليوم ينتهج الإصلاح ذات النهج، أي ادخار القوة الكبرى العسكرية والمادية والمالية والقبلية إلى يوم النزال الأكبر الذي لم يحن بعد، بحسب معظم منظريه، ونراه لا يستهلك بالجبهات من هذه الطاقات إلا النزر اليسير الذي يمكنه من بقائه وتوازنه بالساحة، ولهذا يبدو لنا وهو يخسر المجابهة مع الحوثيين وكأنها مؤامرة منه ينسجها ضد الجنوبيين وضد التحالف، والأمر ليس كذلك أبدا، بل هي فعلاً هزائم حقيقية كنتيجة طبيعية ومنطقية لأسلوب الأنانية المفرطة، ولسياسة الركون على الغير واستغفالهم إلى ما لا نهاية، وليست هدايا مجانية للحوثيين كما يتصور البعض.
فمن ذا الذي يتعمد هزيمة نفسه بنفسه وسحق سمعته أمام أنصاره بتمكين خصومه من الأرض والقرار؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى