إحراق ممتلكات وبيوت يعتصرها الألم.. "الأيام" تستطلع أضرار اشتباكات كريتر
> عدن "الأيام" خاص:
> الطويلة، تلك المنطقة التي تحوي أفضل وأشهر آثار مدينة عدن "صهاريج الطويلة والدروب السبعة"، تحمل أيضا أسوأ الجروح في ذاكرة من سكنها، وحفرت على قلوبهم وذاكرتهم أوجاعا لأيام طويلة عاشتها الطويلة. رأوا فيها أشد لحظات الرعب وأقساها، وسمعوا خلالها دوي الانفجارات والذخيرة بكل أنواعها، ولم ينقص سوى هدير الطائرات، حسب أهالي الطويلة لتكتمل مشاهد 2015 وتعاد مرة أخرى.
هجوم واقتحام ترك كثيرا من الآثار هنا وهناك، ومما تمت ملاحظته في شوارع وأزقة منطقة الطويلة رغم توقف الاشتباكات، انتشار رجال الأمن في كل زوايا المنطقة.
صحيفة "الأيام" رصدت مشاعر متناقضة بين ترحيب ورفض لما جرى ويجري؛ فكبار السن تبدو على وجوههم نظرة الرضى، لأن المنطقة سوف ترتاح من المشاكل، بينما تجد الشباب مستائين ويصرخون "أين المصورين لرصد آثار معركة اقتحام الطويلة". تحدث إلينا كثير، وكان طلبهم جميعا ألا نذكر الأسماء خوفا من انتقام أحد طرفي الصراع منهم.
من مدخل الطويلة، عادت الحياة ظاهريا للشوارع، غير أنه في كل بيت حكايات وجع وألم وخوف ودموع وقلق، وكأنهم على فوهة بركان، ينتظرون متى سينفجر، ومتى سيكون الهجوم التالي.
وسؤال آخر تردد على ألسنة الجميع "من يعوضنا عن خسائرنا"، فكثير من السيارات والباصات، التي كانت مصدر دخل لأغلب الأسر هنا، أحرقت، فضلًا عن المنازل التي احترقت بما فيها من ممتلكات، الضحايا الذين سقطوا، وكان فيهم معيلًا لأسرة ما، من سيعوضهم وبماذا؟.
حمّلت إحدى النساء من منطقة الطويلة "الأيام" رسالة قالت فيها: "ما حدث جميعنا كنا نتوقع حدوثه في ظل تجهيز ثكنة عسكرية بداخل صهاريج عدن، ووجود شخص المدعو إمام النوبي، الذي كان يوما ما مسؤول الحزام الأمني بمعسكر 20 بمديرية صيرة، الذين يقطن حيا سكنيا ممتلئا بسكان مدنيين، وهو مدجج بالمدرعات والشاصات وأسلحة متنوعة أمام بيته، وكأن المنطقة لا حرمات فيها، وهو لا حسيب أو رقيب عليه، على الرغم من تنديداتنا لإخلاء المنطقة مما فيها، ومع ذلك لم يكن متوقعا أن يكون الحدث بهذا الحجم الكبير من الخسائر، أكانت بشرية أم عينية، ولم نتوقع أن يكون الأمر بهذه الصعوبة لتوقيف هذا الشخص وأفراده من قبل جيش من الأمن".
وأضافت: "ما حدث كان أمر غاية في الخطورة، حتى قبل أن يحدث، بسبب كل ما كان يمتلكه إمام من أسلحة أمام أعين السلطة والأمن دون تحريك أي ساكن، ولا إيقاف وسحب الذخائر منه بعد ما تمت إقالته مما جعله أكثر قوة. ما حدث كان أمرا مأساويا دون مراعاة للمدنيين، كان أمرا مروعا خارجا عن النظام والقانون".
وتابعت رسالتها: "كم من أسرة بسبب الخوف والهلع تضررت نفسيا ومعنويا وماديا، وكم من أسرة لديها جريح ومعاق ومتوفى، من سيعوضهم باستعادة هذه الأرواح صحيا وإعادة الثقة نفسيا لهم ولمن حولهم، ولرجال الأمن أنفسهم، الذين أصبحوا واجهة ومسببا رئيسا لفقدان الأمن والأمان وعدم مراعاة حقوق الإنسان والمساس بهم"، مؤكدة: "بل كانت الانتهاكات جسيمة بسبب خطة أمنية فاشلة لم تكن بمستوى المسؤولية والحكمة لمراعاة أمن وسلامة المواطنين بالمنطقة، لأن الخطة الأمنية كانت معروفة ومؤكدة بكل تفاصيلها لدى إمام النوبي وأفراده، وهذا ما جعله هو متأهب وجاهز، والمواطنون لهم الله، لم يتوقعوها حربا فوق رؤوسهم".
وأردفت تقول: "يقال إن إمام هرب! وهناك إشاعة أنه تم تسلميه وإعطاؤه حرية الاختيار في من يريد أن يحاكمه، واختار هو محاكمته من قبل التحالف!، أمر مضحك وفيه استخفاف بعقول الناس؛ لأنها لم تكن المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر، ولكن هذه المرة كانت أكبر وأكثر هلعا للمواطن، ولم يتخذ ضده أي عقاب وحساب في تلك الفترات، بل عاد أقوى ليؤكد للجميع أن الأمن في عدن ضعيف، ولا يهمه مصلحة الشعب. لن تكون الأمور طيبة ما لم تنظم مهام الجهات الأمنية، وليقفوا أمام إخفاقاتهم الأمنية الفاشلة. منع حمل السلاح والتجوال به بكل المواقع أمر يجب النظر إليه بعين الاعتبار، وإخلاء المنطقة من المعسكرات أمر لا نقاش فيه، ويجب العمل عليه من قبلهم إن أرادو حياة آمنة للمواطنين وإدارة أمنية سليمة لحفظ سلامة الجميع، وخروج كل من هو مسؤول بالأمن ولديه أسلحة وشاصات ومدرعات من أي منطقة سكنية أمر لابد منه، أيضا. عليهم أن يسكنوا بعيدا من الأحياء السكنية هم وأسرهم وأسلحتهم، ليبتعدوا عن مدينة السلام عدن التي تنبذ هذه الظواهر الدخيلة بحمل السلاح ووجود شاصات ومدرعات وأسلحة في كل حارة".
وعن مشاعر التخبط خلال ساعات الاشتباكات، تقول: "عشنا هذه الأحداث بمنتهى الرهبة، وكان أملنا بالله فقط. من ينقذنا؟ كنا بحماية الله وحده فقط. بعد بيان محافظ عدن الذي لم يفكر بالمواطنين داخل مساكنهم بل دعا لأن يصبروا ويصابروا بأي وضع. كم أسرة مصدر رزقها بالأجر اليومي، وماء شربهم وعلاجهم يأخذونه كل يوم بيومه، فعلى ماذا يصبروا؟! على الرصاص وقذائف الهاونات، ومن كل مكان تأتيهم الطلقات بأسلحة ثقيلة فوق رؤوسه.، ما جرى أمر في غاية الخطورة وانتهاك للإنسانية بسبب شخص وخلافاته الشخصية مع الأمن التي ليس للمواطنين أي ذنب فيها. وجميعهم من محافظ ووكلاء ورجال أمن وإمام وأخوه مختار مؤمنين أسرهم وبعيدين كل البعد عن طلقة رصاصة واحدة، وعن حياة معيشية صعبة يمر بها الناس، وبالذات الوضع بكريتر، الحر الشديد والفقر والظروف المريرة والنازحون المكتظون، عار عليهم أن يتركوا ما جرى يمر مرور الكرام".
وختمت رسالتها بـقولها: "لن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، يمهل ولا يهمل، ولكم الله يا مواطني عدن، رسالة من مواطنة لن تسامحكم على ما جرى إلى يوم الحساب ولقاء الملك الحق العدل".
لحظات رعب وخوف عاشها أهالي الطويلة خاصة، حتى أنهم تركوا غرفهم الأمامية خوفا من نيران المعركة، تصدعت جدران منازلهم، وهدمت أخرى في منطقة ملغمة بالشباب المسلحين التابعين للمدعو إمام.
"رغم القصف العنيف زاد الطين بلة أن تم قطع الاتصالات عنا، والنت وأصبحنا مقطوعين عن التواصل مع الآخرين، وعشنا في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء، فزاد الخوف فينا أن يسوء الوضع أكثر، إلى متى كل هذا العبث ومتى تعود الاتصالات والكهرباء؟ ولماذا قطعت بالرغم من أنها أول يوم كانت الاتصالات، والنت شغال حتى الكهرباء"، يتحدث بعض أهالي الطويلة.
وأضافوا: "كثير بيوتهم احترقت، وخسروا كل شيء، وبعض تهدمت نوافذهم ومكيفاتهم؛ مما دفع الناس لترك منازلهم في أول هدنة كانت لمدة ساعة، استطاع خلالها البعض الخروج وترك منازلهم والنزوح من المنطقة"، مؤكدين أن اقتحام المنطقة لم يكن حلا سليما، "كانوا قادرين تجنب كل ما حصل والخوف والذعر والموت، كل هذا كان يمكن أن يتجنبوه ويجنبوا الناس الخسائر التي حصلت في المنازل والشوارع التي تدمرت، معقول أن تدمر منطقة كاملة من أجل القبض على فرد واحد، ألم تكن لديهم طرق أخرى للقبض عليه دون ترويع وقتل البشر وسيلان الدماء والأضرار".
البعض هنا تضررت سياراتهم التي هي مصدر زرقهم، وهذا الهجوم دمر حياتهم ودمرهم؛ فكثير من السيارات في جولة زكو لناس بسطاء كانت هي مصدر دخل وحيد، لم يقبضوا على شخص ولكن دمروا حياة.
لم يكتف المتصارعون، بل رموا قنبلتين في سيارة أحد المواطنين. هذا الشخص يعمل على سيارته وليس له مصدر دخل. شقاء 15 عاما ضاع في لحظة طيش، ولا يستطيع تعويضها، ولم يعلم ما الغرض من رمي القنبلتين في سيارته التي كانت تقف تحت بيته. عاشت أسرته لحظات خوف من انفجار السيارة كما حصل لأحد المنازل عندما انفجرت السيارة، وأدت إلى احتراق المنزل بالكامل.
إحدى القنبلتين كانت سليمة، وتم إخراجها من قبل الجيران، والأخرى كانت منزوعة، وخاف الكل من لمسها حتى لا تنفجر، وحتى شباب الطويلة المسلحون رفضوا أخذها، تواصلت الأسرة مع أكثر من جهة، لكن لا أحد يقدر أن يعمل شيئا، والسؤال الذي يطرح نفسها من رماها في السيارة ولماذا ؟، ربما أن أحد طرفي النزاع رماها من أجل القضاء على الطرف الأخر دون أن يضع اعتبارا للسكان وخسائرهم وأمنهم.
لم يتأخر المواطنون في التعبير عن غضبهم من صور القادة، وقالوا: "نحن مستائين من صور القادة التي انتشرت بعد انتهاء المعركة، وقولهم إن الأمور طيبة. نعم فعلا الأمور طيبة لكم، لكن ليست طيبة لمواطني منطقة الطويلة، فمن يعوض المتضررين؟! لا بد من تحقيق وفرض قانون لتعويض المتضررين، فالأوضاع المعيشية صعبة، وكثير خسروا مصدر الدخل الوحيد لإعالة أسرهم".
ويؤكدون أنه قد تتم معالجة الأضرار الخارجية والمادية، لكن يصعب مداواة وتعويض الأضرار النفسية، ومسح الأحداث الدامية من ذاكرة الأطفال الذي تخلفوا عن مدارسهم.
"كانت الاشتباكات عنيفة بين اتباع إمام وقوات الانتقالي، توفي بعض من شباب الطويلة حسب ما أتذكر، هم: محمد علي 30 عاما، ومالك 29 عاما، وعواد، هذا الأسماء التي أتذكرها الآن، فالذاكرة متوقفة من الأحداث، وحاليا رغم كل هذا مازال "إمام" هارب رغم كل هذه الخسائر التي نالت أبناء وأهالي الطويلة، فكل ما حصل ترك ندبة وجع في قلوب أم خسرت ولدها، وزوجة خسرت زوجها، وأطفال خسروا أباهم"، قال أحدهم أمام منزله، فيما تسأل آخر "إلى متى ستكون معاناتنا من هذه المظاهر المسلحة في منطقة الطويلة، ثلاثة أيام ونحن بلا نوم ولا كهرباء ولا اتصالات. خسرنا ومالنا وعيالنا وكل شيء، والنتيجة لا شيء. مازال الوضع متوترا وقابلا للانفجار إن ظهر إمام مرة أخرى".
سيارات محترقة
هجوم واقتحام ترك كثيرا من الآثار هنا وهناك، ومما تمت ملاحظته في شوارع وأزقة منطقة الطويلة رغم توقف الاشتباكات، انتشار رجال الأمن في كل زوايا المنطقة.
صحيفة "الأيام" رصدت مشاعر متناقضة بين ترحيب ورفض لما جرى ويجري؛ فكبار السن تبدو على وجوههم نظرة الرضى، لأن المنطقة سوف ترتاح من المشاكل، بينما تجد الشباب مستائين ويصرخون "أين المصورين لرصد آثار معركة اقتحام الطويلة". تحدث إلينا كثير، وكان طلبهم جميعا ألا نذكر الأسماء خوفا من انتقام أحد طرفي الصراع منهم.
من مدخل الطويلة، عادت الحياة ظاهريا للشوارع، غير أنه في كل بيت حكايات وجع وألم وخوف ودموع وقلق، وكأنهم على فوهة بركان، ينتظرون متى سينفجر، ومتى سيكون الهجوم التالي.
كثير من المواطنين إن سألتهم عن أسباب الهجوم والاقتحام يقولون: "لا ندري"، وبسخرية يرددون "كل هذا العبث لكي يقبضوا على ’إمام النوبي‘ القائد السابق في الحزام الأمني، الذي كان في يوم ما ملحما بسيطا"، متسائلين "من كبَّره، وأعطاه كل هذه لأسلحة التي هاجم بها رفاق السلاح في الأمس؟".
وسؤال آخر تردد على ألسنة الجميع "من يعوضنا عن خسائرنا"، فكثير من السيارات والباصات، التي كانت مصدر دخل لأغلب الأسر هنا، أحرقت، فضلًا عن المنازل التي احترقت بما فيها من ممتلكات، الضحايا الذين سقطوا، وكان فيهم معيلًا لأسرة ما، من سيعوضهم وبماذا؟.
حمّلت إحدى النساء من منطقة الطويلة "الأيام" رسالة قالت فيها: "ما حدث جميعنا كنا نتوقع حدوثه في ظل تجهيز ثكنة عسكرية بداخل صهاريج عدن، ووجود شخص المدعو إمام النوبي، الذي كان يوما ما مسؤول الحزام الأمني بمعسكر 20 بمديرية صيرة، الذين يقطن حيا سكنيا ممتلئا بسكان مدنيين، وهو مدجج بالمدرعات والشاصات وأسلحة متنوعة أمام بيته، وكأن المنطقة لا حرمات فيها، وهو لا حسيب أو رقيب عليه، على الرغم من تنديداتنا لإخلاء المنطقة مما فيها، ومع ذلك لم يكن متوقعا أن يكون الحدث بهذا الحجم الكبير من الخسائر، أكانت بشرية أم عينية، ولم نتوقع أن يكون الأمر بهذه الصعوبة لتوقيف هذا الشخص وأفراده من قبل جيش من الأمن".
وأضافت: "ما حدث كان أمر غاية في الخطورة، حتى قبل أن يحدث، بسبب كل ما كان يمتلكه إمام من أسلحة أمام أعين السلطة والأمن دون تحريك أي ساكن، ولا إيقاف وسحب الذخائر منه بعد ما تمت إقالته مما جعله أكثر قوة. ما حدث كان أمرا مأساويا دون مراعاة للمدنيين، كان أمرا مروعا خارجا عن النظام والقانون".
وتابعت رسالتها: "كم من أسرة بسبب الخوف والهلع تضررت نفسيا ومعنويا وماديا، وكم من أسرة لديها جريح ومعاق ومتوفى، من سيعوضهم باستعادة هذه الأرواح صحيا وإعادة الثقة نفسيا لهم ولمن حولهم، ولرجال الأمن أنفسهم، الذين أصبحوا واجهة ومسببا رئيسا لفقدان الأمن والأمان وعدم مراعاة حقوق الإنسان والمساس بهم"، مؤكدة: "بل كانت الانتهاكات جسيمة بسبب خطة أمنية فاشلة لم تكن بمستوى المسؤولية والحكمة لمراعاة أمن وسلامة المواطنين بالمنطقة، لأن الخطة الأمنية كانت معروفة ومؤكدة بكل تفاصيلها لدى إمام النوبي وأفراده، وهذا ما جعله هو متأهب وجاهز، والمواطنون لهم الله، لم يتوقعوها حربا فوق رؤوسهم".
أحد المنازل والسيارات المحترقة
وأردفت تقول: "يقال إن إمام هرب! وهناك إشاعة أنه تم تسلميه وإعطاؤه حرية الاختيار في من يريد أن يحاكمه، واختار هو محاكمته من قبل التحالف!، أمر مضحك وفيه استخفاف بعقول الناس؛ لأنها لم تكن المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر، ولكن هذه المرة كانت أكبر وأكثر هلعا للمواطن، ولم يتخذ ضده أي عقاب وحساب في تلك الفترات، بل عاد أقوى ليؤكد للجميع أن الأمن في عدن ضعيف، ولا يهمه مصلحة الشعب. لن تكون الأمور طيبة ما لم تنظم مهام الجهات الأمنية، وليقفوا أمام إخفاقاتهم الأمنية الفاشلة. منع حمل السلاح والتجوال به بكل المواقع أمر يجب النظر إليه بعين الاعتبار، وإخلاء المنطقة من المعسكرات أمر لا نقاش فيه، ويجب العمل عليه من قبلهم إن أرادو حياة آمنة للمواطنين وإدارة أمنية سليمة لحفظ سلامة الجميع، وخروج كل من هو مسؤول بالأمن ولديه أسلحة وشاصات ومدرعات من أي منطقة سكنية أمر لابد منه، أيضا. عليهم أن يسكنوا بعيدا من الأحياء السكنية هم وأسرهم وأسلحتهم، ليبتعدوا عن مدينة السلام عدن التي تنبذ هذه الظواهر الدخيلة بحمل السلاح ووجود شاصات ومدرعات وأسلحة في كل حارة".
الكهرباء تقوم بإصلاح الأضرار التي طالت الكابلات والمحولات الكهربائية
وعن مشاعر التخبط خلال ساعات الاشتباكات، تقول: "عشنا هذه الأحداث بمنتهى الرهبة، وكان أملنا بالله فقط. من ينقذنا؟ كنا بحماية الله وحده فقط. بعد بيان محافظ عدن الذي لم يفكر بالمواطنين داخل مساكنهم بل دعا لأن يصبروا ويصابروا بأي وضع. كم أسرة مصدر رزقها بالأجر اليومي، وماء شربهم وعلاجهم يأخذونه كل يوم بيومه، فعلى ماذا يصبروا؟! على الرصاص وقذائف الهاونات، ومن كل مكان تأتيهم الطلقات بأسلحة ثقيلة فوق رؤوسه.، ما جرى أمر في غاية الخطورة وانتهاك للإنسانية بسبب شخص وخلافاته الشخصية مع الأمن التي ليس للمواطنين أي ذنب فيها. وجميعهم من محافظ ووكلاء ورجال أمن وإمام وأخوه مختار مؤمنين أسرهم وبعيدين كل البعد عن طلقة رصاصة واحدة، وعن حياة معيشية صعبة يمر بها الناس، وبالذات الوضع بكريتر، الحر الشديد والفقر والظروف المريرة والنازحون المكتظون، عار عليهم أن يتركوا ما جرى يمر مرور الكرام".
قنبلة في أحد سيارات المواطنين
وختمت رسالتها بـقولها: "لن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، يمهل ولا يهمل، ولكم الله يا مواطني عدن، رسالة من مواطنة لن تسامحكم على ما جرى إلى يوم الحساب ولقاء الملك الحق العدل".
لحظات رعب وخوف عاشها أهالي الطويلة خاصة، حتى أنهم تركوا غرفهم الأمامية خوفا من نيران المعركة، تصدعت جدران منازلهم، وهدمت أخرى في منطقة ملغمة بالشباب المسلحين التابعين للمدعو إمام.
"رغم القصف العنيف زاد الطين بلة أن تم قطع الاتصالات عنا، والنت وأصبحنا مقطوعين عن التواصل مع الآخرين، وعشنا في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء، فزاد الخوف فينا أن يسوء الوضع أكثر، إلى متى كل هذا العبث ومتى تعود الاتصالات والكهرباء؟ ولماذا قطعت بالرغم من أنها أول يوم كانت الاتصالات، والنت شغال حتى الكهرباء"، يتحدث بعض أهالي الطويلة.
مدخل منزل إمام النوبي
وأضافوا: "كثير بيوتهم احترقت، وخسروا كل شيء، وبعض تهدمت نوافذهم ومكيفاتهم؛ مما دفع الناس لترك منازلهم في أول هدنة كانت لمدة ساعة، استطاع خلالها البعض الخروج وترك منازلهم والنزوح من المنطقة"، مؤكدين أن اقتحام المنطقة لم يكن حلا سليما، "كانوا قادرين تجنب كل ما حصل والخوف والذعر والموت، كل هذا كان يمكن أن يتجنبوه ويجنبوا الناس الخسائر التي حصلت في المنازل والشوارع التي تدمرت، معقول أن تدمر منطقة كاملة من أجل القبض على فرد واحد، ألم تكن لديهم طرق أخرى للقبض عليه دون ترويع وقتل البشر وسيلان الدماء والأضرار".
البعض هنا تضررت سياراتهم التي هي مصدر زرقهم، وهذا الهجوم دمر حياتهم ودمرهم؛ فكثير من السيارات في جولة زكو لناس بسطاء كانت هي مصدر دخل وحيد، لم يقبضوا على شخص ولكن دمروا حياة.
مصفحة معطوبة أمام منزل إمام
لم يكتف المتصارعون، بل رموا قنبلتين في سيارة أحد المواطنين. هذا الشخص يعمل على سيارته وليس له مصدر دخل. شقاء 15 عاما ضاع في لحظة طيش، ولا يستطيع تعويضها، ولم يعلم ما الغرض من رمي القنبلتين في سيارته التي كانت تقف تحت بيته. عاشت أسرته لحظات خوف من انفجار السيارة كما حصل لأحد المنازل عندما انفجرت السيارة، وأدت إلى احتراق المنزل بالكامل.
إحدى القنبلتين كانت سليمة، وتم إخراجها من قبل الجيران، والأخرى كانت منزوعة، وخاف الكل من لمسها حتى لا تنفجر، وحتى شباب الطويلة المسلحون رفضوا أخذها، تواصلت الأسرة مع أكثر من جهة، لكن لا أحد يقدر أن يعمل شيئا، والسؤال الذي يطرح نفسها من رماها في السيارة ولماذا ؟، ربما أن أحد طرفي النزاع رماها من أجل القضاء على الطرف الأخر دون أن يضع اعتبارا للسكان وخسائرهم وأمنهم.
منزل محترق بجانب منزل إمام
لم يتأخر المواطنون في التعبير عن غضبهم من صور القادة، وقالوا: "نحن مستائين من صور القادة التي انتشرت بعد انتهاء المعركة، وقولهم إن الأمور طيبة. نعم فعلا الأمور طيبة لكم، لكن ليست طيبة لمواطني منطقة الطويلة، فمن يعوض المتضررين؟! لا بد من تحقيق وفرض قانون لتعويض المتضررين، فالأوضاع المعيشية صعبة، وكثير خسروا مصدر الدخل الوحيد لإعالة أسرهم".
ويؤكدون أنه قد تتم معالجة الأضرار الخارجية والمادية، لكن يصعب مداواة وتعويض الأضرار النفسية، ومسح الأحداث الدامية من ذاكرة الأطفال الذي تخلفوا عن مدارسهم.
"كانت الاشتباكات عنيفة بين اتباع إمام وقوات الانتقالي، توفي بعض من شباب الطويلة حسب ما أتذكر، هم: محمد علي 30 عاما، ومالك 29 عاما، وعواد، هذا الأسماء التي أتذكرها الآن، فالذاكرة متوقفة من الأحداث، وحاليا رغم كل هذا مازال "إمام" هارب رغم كل هذه الخسائر التي نالت أبناء وأهالي الطويلة، فكل ما حصل ترك ندبة وجع في قلوب أم خسرت ولدها، وزوجة خسرت زوجها، وأطفال خسروا أباهم"، قال أحدهم أمام منزله، فيما تسأل آخر "إلى متى ستكون معاناتنا من هذه المظاهر المسلحة في منطقة الطويلة، ثلاثة أيام ونحن بلا نوم ولا كهرباء ولا اتصالات. خسرنا ومالنا وعيالنا وكل شيء، والنتيجة لا شيء. مازال الوضع متوترا وقابلا للانفجار إن ظهر إمام مرة أخرى".