مدينة التعايش

> هي عدن المدينة الحضارية التي لم تعرف ربوعها قط مثل هذه النعرات والأحقاد التي نعيشها، لابل لم نواجه فيها ذلك السؤال المناطقي الذي يثير فينا الألم والحزن، وربما يقطع صلاتنا الإنسانية تجاه بعضنا، في حين يسألك أحدهم من أين أنت؟ فيتملكك الإحساس بما يرمي له مثل هذا التساؤل المزعج، هكذا عادت صفحة مدينتنا إلى ماضي العهود الغابرة، بعد أن تعايشت على ربوعها ديانات، ومثلت نموذجا عربيًا إسلاميًا، ربما استمد منه فاتحو الأندلس نموذجا أذكا قرائح العطا والإبداع والفن بأزهى صورة.

عدن مكلومة حزينة، ينتشر الفقر في أرجاءها وتختفي ملامح الآمال بالمستقبل، أو يراد لها ذلك للأسف الشديد، هكذا تغدو الجراح نازفة، والنفوس على قدر من عدم الشعور بالطمأنينة، لم نعد إلا نستقرأ الأمل من بطون الشك الطاغي الذي تعبر عنه دلالات الشحناء المذكية للنار المشرعة لدورات الفوضى والعنف، كل ذلك يجري وسط حالة زمنية ربما غير مسبوقة من الفقر المستمر المتمادي، حتى أنه أفقد هؤلاء البسطاء على مدارات أمورهم وسط قدر من العدمية تجري الشحناء المفرخة لتشظيات عدة، هي في طريقها أن تغدو معضلة لا يمكن لأي طرف البناء عليها للأسف، أن تعود مدينتنا كما عهدنا حلمًا تكتنفه منقصات ومعضلات كثيرة، أن ترتسم الفرحة على ربوعها أمر بتطلب جهودًا خارقة، وعقول سديدة ونفوس سامية تسمو على الصغائر.

هنا تتجلى الحكمة التي تتخطى هذا الكم من التباينات التي هي نتاج أخطاء تراكمية بالمقام الأول وأخطاء في التقديرات الراهنة التي تمثل غلطة الشاطر وفق المثل العربي فما يجري على ربوع مدينة بتلك الأهمية الجغرافية للإقليم والعالم أمر يدعو للحيرة والاستغراب على الرغم من أن تلافي المضي في الأخطاء ممكن لدى التحالف بالمقام الأول والأشقاء.

هنا نعيش الخذلان والتعامي الذي لو قدر له الاستمرار ينتج وضعًا كارثيًا دون أدنى ريب ليس بحق الجنوب فحسب، وإنما بمصالح العالم والإقليم.
آملين أن يسهم عقلاء مدينة عدن في جعلها تتجاوز أوضاعها الراهنة فجسر المستقبل يمر من شواطئ تلك الربوع الجميلة التي هي امتداد جغرافية الجنوب، أرض السمن والعسل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى