نعم هو زلزال القرن 21

> عندما تكون الشعوب مستقرة وتعيش في سكينة ووئام، وهذا ربما يكون عند مستوى الحدود الدنيا مقارنة مع غيرها من شعوب المعمورة، لكن ثمّة من يستكثر عليها القليل الذي هي فيه، ويأبى إلّا أن يمرغها في أوحال الإنهاك والدمار، والسبب هو موروث النقمة على خلفيات دينية أو تأريخيه غالبا، وأيضا بواعزٍ اقتصادي يتجسد في الشّره إلى امتلاك ما تحويه أراضيها من ثروات، هذا هو واقعنا العربي اليوم.

* قرأتُ تشخيصا دقيقا بهذا الصدد في مقالة/ دراسة للدكتور صالح طاهر سعيد (أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة عدن) ونشرتها الغرّاء "الأيام" في عدد الخميس 14 أكتوبر الجاري بعنوان: "مشروع الشرق الأوسط الجديد زلزال القرن 21 في العالم العربي/ رصد وتقييم ما يحدث في المنطقة العربية"، وفيها يُفند بدقة الاستفراد بدولنا العربية دولة بعد دولة، بل ويعرض بموضوعية متناهية الحلقات والدوائر المعنية بهذا المخطط في منطقتنا... إلخ.

* مشكلتنا كعرب أنّ من دولنا من يعمل كهراوة لهذا المخطط، والكارثي أنه يتوهم بأنه في منأى عنه، ويحدث هذا من بعض بلداننا التي لها ثقلها بكل أسف، وهي تحتضن سلطات مارقة فاسدة لبلدان عربية تتعرض للإنهاك وتُدمّر اليوم، بل وتدعمها بسخاءٍ، مع أنهُ واضح للكل أنّ هذه السلطات نفسها هي أداة لهذا المخطّط الخارجي، وهي تمارس كل صور العبث والإنهاك بحق شعبها، بل وتثري بالسحت من ثرواته وهو يتضوّر جوعا!

* هذا صادمٌ ولا شك، ولا أدري هنا أين ذهب الوعي العربي الذي يستشرف المخاطر؟ كما لا أدري أين ذهبت الأخلاقيات والقيم والوازع الديني الذي يردع الحاكم عن التّنكيل بمواطنه البائس؟ ولأجل ماذا ؟! لأجل حفنة مال زائل لا يساوي شيئا أمام تبعات ذلك وجزائه عند مقابلة الباري، لذلك يأخذ هذا الزلزال مداه وعنفوانه في تدميرنا وتشريدنا اليوم.

* أفردَ الدكتور صالح حيزا من دراسته القيمة للدمار/ الزلزال الذي بدأ في الصومال وتبعه بضرب العراق، ثمّ إلغاء دولتينا هنا بذريعة الوحدة، وأشار إلى أن التدمير جارٍ في ليبيا وسوريا ولبنان وتونس والجزائر، وأشار أيضا إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وأكّد: أنّ المسألة خاضعة لتقديم بعض الدول وتأخير بعضها لاعتبارات تكتيكية تخصٌ رعاة المشروع، وهذا هو الواقعي فعلا بالنسبة لمن لا يعلم أو لا يتّعظ.

* فعلا، كل مراكز البحث والدراسات الاستراتيجية العالمية تصرح بأنّ عاصفة التدمير ستطال كل رقعتنا العربية، بل كل القراءات الواقعية لما يدور توميئُ إلى ذلك أيضا، هذا يستدعي استنهاض الوعي العربي الجمعي لتدارك المخاطر المحدقة بنا جميعا، وأيضا بعدم تفرد ونأي كل دولة بنفسها، بل والابتعاد كلية عن إسهام بعض دولنا العربية في لعب دور معول هدم لشقيقاتها وشعوبها، والمشهد الراهن يشير لنا إلى كثير بهذا الصدد، ثم إن أصحاب صولجانات وتيجان الملك والحكم اليوم، سوف يجدون أنفسهم وشعوبهم في نفس موقع التي أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ولاشك، أليس كذلك؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى