مدير الري: مخاوف أهالي باتيس مبررة لكن لدينا حواجز للدفاع عن المدينة

> لقاء: أحمد يسلم

> ​يعد الري عبر مياه السيول في دلتا أبين شريان الحياة النابض بالخير والرزق الوفير، أبين هي الدلتا والدلتا هي أبين.
تعد دلتا أبين من أخصب الأرض تربة وزراعة، وإنتاجا وخبرة وأبحاثا زراعية. كل هذا جعل بريطانيا العظمى بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة نقل محور اهتمامها الزراعي من السودان إلى دلتا أبين الثرية الخصبة، لتقيم مشروع لشق قنوات الري الذي شكل قفزة نوعية في حياة مزارعي وسكان أبين. كل هذا الاهتمام جاء لاستغلال مياه السيول المتدفقة في واديي بنا وحسان التي تروي ما يقارب 80 ألف فدان آنذاك.

ملف الري حملناه مدير عام الري في محافظة أبين المهندس عبدالله طبيق الذي رحب بداية بصحيفة "الأيام" وبتناولها لهموم ومشكلات ومعضلات الري. مستهلًا الحديث عن الري، وهو حديث متشعب، وذو شجون، ولابد بداية من الإشارة إلى أن مقومات وإمكانيات الري نهبت وطالها العبث والتدمير، آليات وقنوات وسدود؛ بل أن بعض القنوات والسدود لم يتم صيانتها منذ زمن طويل.
  • ماذا عن سد باتيس
سد باتيس يعد أكبر منشأة حيوية في الدلتا؛ بل وفي الجنوب، وهو سد تحويلي بني بدعم من الاتحاد السوفيتي في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وعمره الافتراضي 50عامًا، يستوعب حسب تصاميمه الفنية كمية من السيول في شبكة الري، ويصرف ما فاض إلى الوادي.  وبني سد باتيس كما هو معروف بعد أن انهيار السد التحويلي القديم، الذي أنشأته بريطانيا نهاية أربعينيات القرن الماضي، وسعته كانت أقل مما هي عليه في السد الحالي، ويعاني السد حاليًا من مشكلات وتشققات في جدار السد، نظرًا لعدم وجود أي أعمال صيانة منذ قيامه، وكذلك حوض السد سرعان ما يمتلئ بالرواسب.

*ماذا عن منظومة الري في إطار الدلتا بشكل عام؟
- منظومة الري وأقصد سد باتيس والقنوات والسدود الأخرى ظلت دون صيانة مثل قنوات مايكلان. قناة باتيس. موصل بنا/حسان وكذا سدود الهيجة والديو والمخزن والجرائب بنيت بعضها منذ عهد بريطانيا وبعضها بعد ذلك العهد، ولم يطرأ عليها أي أعمال صيانة وما تلك الأضرار الناجمة إلا نتيجة طبيعية لعدم وجود الصيانة.

*ماذا عن مخاوف أهالي باتيس بشأن الأضرار التي هددت المدينة؟
مخاوف أهلنا في باتيس بعضها مبررة وبعضها قد لا تكون مبررة، وأحب الإيضاح أن لدينا دفاعات جابيونية باتجاه القنطرة، وضعت أساسًا للدفاع عن المدينة، ولابد من الإشارة إلى أن من ضمن مكونات سد باتيس وجود حائط صد عن باتيس، عبارة عن كتل خرسانية مترابطة بعضها ببعض على طول امتداد دفاعات مدينة باتيس من القنطرة حتى نهاية باتيس، للأسف خط الدفاع الخرساني عن باتيس طاله العبث من المواطنين أنفسهم، الذي يصرخ اليوم متوجسًا من الخطر القادم.  كيف؟ جرى مد أنابيب الصرف الصحي للبيوت إلى الساتر الترابي الذي أقيمت عليه مكونات الدفاع الخرسانية، وهنا نخرت المياه التربة التي وضعت عليها الكتل الخرسانية، هذا النخر هبَّط الكتل الخرسانية وتفككت عن بعضها البعض، إضافة إلى الحرائق التي تعمل لمخلفات المدينة على تلك الكتل الخرسانية ما أدى إلى تحطمها وتفككها.

الأعمار على حافة خط الدفاع الخرساني حول المدينة بشكل مزعج لم يترك أي مجال لأعمال الصيانة وإصلاح أي مشكلات فنية، وهذا كان ممنوعًا في عهد الدولة قبل الوحدة عام 1990م.

*ماذا عن جلوسكم مع اللجنة المجتمعية لمدينة باتيس؟
- بالفعل جلسنا مع إخوتنا في اللجنة المجتمعية لمدينة باتيس وأبدوا استعدادهم لإزالة تلك المعوقات والحد من مظاهر الإخلال في جسم الحائط الدفاعي الخرساني حول المدينة كمقدمة لقيام أعمال صيانة مرتقبة وعاجلة نهدف إليها.

*ما الذي يمكن عمله لتخفيف مخاطر السيول على المدينة؟  
هذا يحتاج لأعمال استراتيجية قادمة تتطلب موازنات حكومية وداعمة وبعضها تحتاج لتدخلات عاجلة كمثال على ذلك تهذيب الوادي بالبلدوزرات حتى يعود إلى مجراه السابق دون الضغط على جسم الدفاع الخرساني القائم.
كذلك الحد من التوسع في الأراضي الزراعية باتجاه قرية" المصانع " شمال غرب الوادي، هذا التوسع جاء على حساب عرض الوادي، وجرف الأشجار التي تمثل دفاعًا عن تلك الأراضي المستحدثة. 

*هل لديكم تقرير رسمي عن حجم الأضرار في سد باتيس والقنوات والسدود الأخرى على امتداد الدلتا؟  
-كما أسلفت هنالك أضرار في سد باتيس منها تشققات في الأساسات ومساقط المياه معها تآكلت الكتل الخرسانية في مساقط السد وتناثرت الجابيونات تحت السد بطول 120مترًا حيث تفككت عن بعضها تمامًا ومهمتها كانت تتمثل في تهدئة اندفاع السيل وامتصاص صدماته.

حوض السد والقناة الحاملة وشبكة القنوات الرئيسة والثنائية والثلاثية والرباعية تحتاج إلى تصفية الرواسب وهذا عمل يفترض أن يكون بعد كل موسم سيول، كذلك الجسور في شبكة الري البالغ عددها 140 جسرًا لم يتم صيانتها منذ الأربعينيات، وإذا لم يتم صيانتها عاجلًا ستتهاوى كاملة. كذلك تضرر مصدات الجابيونات في جبل لحبوش. سيلة امبطانة وجرف العقم الترابية كعقمة العش ومهارية والساعد الترابي لسد الهيجة، باختصار عملية حصر الأضرار تحتاج لتقييم ميداني لتحديد الأضرار الطارئة والأضرار القديمة الناتجة عن تقادم المنشآت بسبب الإهمال الطويل.

*هناك شكاوى من مواطني الرميلة وباتيس والحصن من تأخر إنجاز جسر(القميشية) في أراضي البروت باتيس؟
الجسر انهار فعلًا كما قلت نظرًا لعدم وجود الصيانة وفي الصيف الماضي وجه الأخ المحافظ بتكليف أحد المقاولين لإعادة بنا جسر القميشية، وتم إنجاز 30 % من الأعمال الإنشائية؛ لكن ولأن المقاول لم يستلم قيمة الأعمال المنجزة تأخرت أعمال الإنجاز المتبقية.  مع ما شهدته أسعار مواد البناء من قفزات هائلة.

هناك معضلة أخرى تتمثل في ارتفاع منسوب المياه الجوفية حوالي وقرب الجسر مما حال دون مواصلة العمل، هناك معالجات أولية منها قيام بعض المزارعين بتشتيت وتوزيع هذه المياه الغيلية ليتمكن المقاول من وضع الصبة الخرسانية النهائية وزرع البوابات مع الكابات والمشاية النهائية وفتح القنوات الفرعية الموزع إليها جسر القمشية.
  • الأضرار في حسان يرامس وأحور
عانت الأراضي في وادي حسان من جرف كبير للتربة منذ عام 1982م ومما زاد الطين بلة أن الحال ظل كما هو كنا نراهن على تنفيذ سد حسان الذي يشمل العديد من الأعمال في ترشيد اندفاع الوادي وقيام قنوات فرعية في مناطق عدة لكن المشروع تعثر لأسباب عدة لا يتسع المجال لذكرها الآن، العمل في حسان يعتمد على العقم الترابية التي تجرف مع قدوم كل سيل ابتداءً من يرامس وانتهاءً بالعوسج، وهذا أدى إلى حرمان مساحات من الأراضي الزراعية من مياه السيول. توجد المتنفسات الجابيونية التي ساعدت على ري بعض الأراضي في قنوات عبر حسين. الخور. عيدروس. كندن والحل الإسعافي في حسان يعتمد على بناء متنفسات جابيونية أو سدود تحويلية صغيرة في رؤوس الأعبار بدلًا من العقم الترابية ليتم انسياب المياه بطريقة سلسة.  
  • أحور
دلتا أحور البالغ حجم أراضيه الزراعية 40 ألف فدان تم ري 3000 فدان فقط، وهذا يعكس حجم الأضرار التي لحقت في شبكة الري والسدود في أحور  كسدود حناد، فؤاد وحجم هذه الأضرار في شبكات الري في الدلتا وأحور ويرامس لم يكن مستجدًا في موسم واحد؛ بل هناك تراكمات لعقود من السنين كما أسلفت، وبالتالي نطالب وزارة الزراعة والحكومة إنزال متخصصين وفرق فنية لعمل دراسات ميدانية وتقييمية للأضرار وبالتالي إيجاد المعالجات وهنا لابد من القول: بإن بعض هذه التدخلات والمعالجات لا تتحمل التأجيل وكل تأجيل معناه مضاعفة الكلفة أضعافًا مضاعفة.

سؤال أخير ما الذي قدمه المحافظ والسلطة المحلية؟
في الاجتماع الأخير الأسبوع الماضي الذي عقده رئيس الوزراء مع محافظ أبين، أبوبكر حسين، والسلطة المحلية وبحضور وزير الزراعة كانت مشاكل الري وإهدار السيول إلى البحر من أولويات القضايا، التي ناقشوها مع الحكومة. الأخ المحافظ يتحرك وفق، إمكانياته ويبادر للتعاطي مع الري وقضاياه، وهذا ليس تبريرًا فحجم الأضرار التي لحقت بمنظومة الري فوق إمكانيات السلطة المحلية وعندما تدفقت السيول مطلع أكتوبر في سد باتيس كان المحافظ معنا ميدانيًا خطوة بخطوة، حتى ساعات الفجر نجول معًا فوق القنوات ونتفقد السدود من باتيس حتى الديو.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى