نحن والسلطة والدولة العميقة

> تلوح في الأفق نذر كارثة مروعة ستعصف بنا، ولقمة العيش هي محورها ومحركها، ولأن الممسكين بقرار بنكنا المركزي أفرطوا في عبثهم، فهم يسيرون الأمور وفق إملاءات عرابيهم في رأس السلطة، وإن اضطرت السلطة مجبرة مؤخرا على إجراء تعديلات على إدارته، ولكن بعد ماذا؟ ثم هل سيجعلون الإدارة الجديدة تعمل باستقلالية تامة، أو سيضعون عراقيلهم ويحشرون عصيهم في دواليبها؟ وكل ذلك لتركيع وتجويع الجنوب.

عندما تنفرط عقدة سبحة السلطة، وهذا حدث مبكرا مع بدايات هذه الحرب، ومعها تغولت مفاعيل الدولة العميقة هنا، فهم دفعوا بعرابيهم كمنافسين أقوياء في رأس السلطة وجسدها، حدث هذا بموافقة الشقيقة السعودية بكل أسف، وهنا تبعثرت سبحة السلطة، واشتغل هؤلاء بما يتماهى مع أداء التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في بلداننا العربية الملتهبة، وها نحن نتماثل وهذه الدول في الانهيار والجوع والتمزق وخلافه.

من السابق لأوانه قراءة ما ستتمخض عنه نهايات هذا الإعصار الذي يفرمنا اليوم، لكن هناك بيوتا قلصت ما يقدم على موائدها، وهناك نسوة عفيفات يقفن اليوم على أبواب المطاعم والمساجد للتسول، وكل هذا أداء ممنهج، وتضطلع به بيادق الدولة العميقة هنا.

من عجب أن الإقليم يعرف بكل ما يجري هنا، فهو يعرف عن إنهاك جنوبنا في الخدمات والمرتبات، وعن التعيينات الخرقاء للعابثين، ونهب النفط والفساد، وعن التدمير المتعمد لمصافي عدن و... و...، وهذا مستغرب، فهل ثمة في الإقليم من عناصر ثقل يوالون هؤلاء ويدعمونهم إلى هذا الحد؟ أم هل كل سلطات الإقليم تسير على نفس النسق؟ إذا كان الأمر كذلك، إذا أين هي الأخوة والإسلام والعروبة التي صدعوا رؤوسنا بها؟

وقع جنوبنا بين فكي كماشة، وهما السلطة الوريثة لعفاش، وهي فاسدةٌ هشة ولا تعمل إلا بنفس عقلية عفاش وكوادره، وسلطة الدولة العميقة، وهي من كبار عهد عفاش ونافذيه وبيادق الخارج، وهذه الأخيرة هي معول الهدم الفاعل هنا، وهم لأجل مصالحهم سيحرقون الأخضر واليابس، وهناك ترابط ومصالح مشتركة بين الطرفين، وأهمها العداء لجنوبنا وفكرة استعادته لدولته.

اليوم وضعنا هنا كارثي، وهذا يستدعي فعل جنوبي محنك ومتزن، وكذلك قيادة تتفهم عمق المأساة ومفاعيلها، وأيضا قيادة تتلمس وتستوعب صعوبة معاناة شعبنا الجنوبي اليوم، وتمتلك أدوات الفعل المؤثر والخطاب المناسب مع الجماهير المسحوقة للحفاظ على صمودها وتماسكها خلفها، ولن أخوض هنا طويلا تحاشيا للتأويلات الخرقاء، ولأن المآل كما يبدو سيفضي إلى الانفجار الشامل وغير محسوب العواقب، خصوصا إذا استمر الوضع على هذا النحو من التدهور والانهيار، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى