أزمة الوقود تستنزف ما تبقى من القدرة المعيشية لليمنيين

> صنعاء «الأيام» وكالات:

> ضاعف ارتفاع أسعار الوقود في السوق اليمنية أعباء الحياة التي يكابد اليمنيون لتحملها، حيث تسببت أزمة الوقود في زيادات متتالية وجنونية في أسعار العديد من السلع التي يدخل الوقود في إنتاجها.
ودفعت الأزمة باليمنيين للنزول إلى الشارع حيث تظاهر العشرات منهم خلال الأسبوع الماضي في محافظتي عدن (جنوب) وحضرموت (جنوب شرق) للتنديد بتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وانهيار العملة المحلية.

وتصاعد الصراع المستمرّ منذ سنوات في اليمن ليطوق ثروات النفط والغاز التي تتركز في محافظة مأرب شمال البلاد، والتي يشتد حصار الحوثيين لها في مسعى للسيطرة عليها بأي ثمن، بينما تقاوم قوات الحكومة الشرعية للإبقاء على المحافظة تحت سيطرتها.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية ارتفعت أسعار مادة البنزين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بشكل غير مسبوق، إذ وصل سعر صفيحة البنزين سعة 20 لترًا إلى 22 ألف ريال ما يعادل 18 دولارا، وهو ضعف ما كان عليه في أكتوبر الماضي.

جاء ذلك بعد توقف الحقول النفطية الثلاثة التي تديرها شركة صافر الحكومية شرقي مأرب في خطوة أدت إلى توقف تزويد السوق اليمني بالمشتقات النفطية وارتفاع أسعارها بشكل حاد واعتبرها خبراء في الطاقة مؤشرا مقلقا ينذر بالمزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن.
ويقول علي محسن الحسني رئيس تحرير موقع “24 بوست” اليمني “لم يعد بمقدورنا العيش وسط هذا الكم الهائل من الأزمات، فكلما حاولنا التكيف مكرهين مع أزمة معينة حتى تليها أخرى”.

ويضيف أن “ارتفاع أسعار الوقود بهذا الشكل الكبير وبنسبة فاقت 100 في المئة خلال الأشهر القليلة الماضية، وانعكاسها على أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، ضاعفا سوء الحياة المعيشية للملايين من اليمنيين”.
وتابع “عادة ما يقترن سعر الوقود بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، فكلما ارتفع سعر البنزين، ارتفعت أسعار السلع بشكل مباشر وارتفعت معها أجور المواصلات، ما ضاعف معاناة الناس”.

وأوضح أن “أسباب التدهور الكارثي في الجانب الاقتصادي تعود إلى الممارسات الخاطئة وفشل التعاطي مع الملف الاقتصادي في العديد من النواحي، كتبديد الموارد وعدم ترشيد النفقات وتجميد عمل المؤسسات والوحدات الاقتصادية”.
وفي السادس من ديسمبر الجاري وصل سعر الدولار الأميركي إلى ألف وسبعمئة ريال يمني، نزولًا من 215 ريالًا للدولار مطلع 2015.

وفي اليوم التالي تحسن سعر الصرف مع إعلان تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي، حيث أكدت مصادر مصرفية أن “الدولار يصرف بمتوسط 1280 ريالًا”.
وأرجع الخبير الاقتصادي يوسف سعيد أحمد ارتفاع أسعار الوقود خصوصا في المحافظات المحررة إلى “التأثر بارتفاع الأسعار العالمية للنفط، على اعتبار أن اليمن يضطر إلى استيراد النفط ومشتقاته من الخارج”.

وبيّن أحمد أن “ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة المحلية ساهم في الارتفاع غير المسبوق لأسعار الوقود، فضلا عن غياب المنافسة في عملية استيراد النفط وغياب الرقابة على الأسعار”.
وأردف “هذا الارتفاع كانت له انعكاساته السلبية على بيع البضائع والسلع والأسماك والخضار والفواكه، وغير ذلك، ومعها باتت القدرة الشرائية عند غالبية السكان معدومة”.

واعتبر أحمد أن “معالجة هذه المعضلة تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلًا يتمثل في قيام البنك المركزي اليمني بدعم استيراد النفط من خلال توفير الدولار بسعر تفضيلي، بعيدًا عن أسعار السوق”.
ودعا إلى ضمان المنافسة في عملية استيراد النفط ومنع احتكاره، وتفعيل دور الأجهزة الحكومية في الرقابة على الأسعار، ومن ثم توفير الظروف البيئية والأمنية الملائمة لعودة شركات النفط وضمان عملية تصديره.

وتمثل عائدات النفط 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، و70 في المئة من موارد الموازنة العامة للدولة، وكان يشكل أيضا 90 في المئة من قيمة الصادرات التي توقفت بسبب الحرب.
وتقول الطالبة في قسم الإعلام بجامعة عدن بشرى حاجب إن “المصائب لا تأتي فرادى، حيث أن تأثير ارتفاع أسعار البنزين لم يقتصر على غلاء المعيشة والزيادة الجنونية في الأسعار، بل إنه تسبب للطلاب بمعاناة كبيرة”.

وأضافت “الارتفاع الكبير في أسعار البنزين ضاعف معاناتنا، لدرجة أصبحنا فيها غير قادرين على الالتزام والذهاب إلى الكليات نتيجة الارتفاع الكبير في أجور المواصلات”.
وتابعت “أمر مؤسف ومؤلم أن يتوقف المئات من الطلبة والطالبات عن مواصلة دراستهم، وضياع سنوات دراستهم، بسبب عدم قدرة المئات من الأسر على توفير قيمة المواصلات، فضلا عن التزامات الجامعة الأخرى”.

ويعاني اليمن منذ نحو سبع سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة وقوات جماعة الحوثيين المسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر 2014.
وأودت هذه الحرب بحياة أكثر من 233 ألفًا، وبات 80 في المئة من سكان اليمن، البالغ عددهم قرابة 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في ظل أزمة تقول منظمة الأمم المتحدة إنها الأسوأ في العالم.

وتتوقع الأمم المتحدة أن تسفر الحرب المستمرة عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر بحلول نهاية العام الجاري.
وفي تصريحات هذا الأسبوع أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس جروندبرج صعوبة إطلاق عملية سلام في اليمن، موضحا أن إطلاق عملية سياسية “مهمة معقدة” في ظل اتساع الفجوة بين أطراف الصراع والأزمة الاقتصادية وتسارع العمليات العسكرية.
وسبق أن حذر جروندبرج من مخاطر اندلاع حرب شوارع في مدينة مأرب شمال البلاد “ستكون لها عواقب وخيمة على المدنيين”، مؤكدا أن النزاع بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من السعودية “تصاعد بشكل كبير”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى