البروباغندا المصرفية وأثرها على المضاربة بالعملات محليا

> النفط والذهب هما القوة الحقيقية للدولار الأمريكي. والمعروف أن كل العملات تتأثر بقوة الدولار باستثناء القليل منها التي تشكل منافسة للدولار، ولكن الأخيرة تظل معدومة الانتشار في التعاملات التجارية بين الدول؛ فتلجأ لاستخدام الدولار بديلا عنها مقاسة بسعر محدد عالميا. وليس لما يحدث في عدن أو غيرها أي تأثير عليها، ولكن لغياب فاعلية المركزي اليمني، نجد أن عمليات المضاربة بالعملات في السوق المحلية بين الشركات المالية (الصرافين) تعدت مرحلة الاستهتار بالأمن القومي للعباد والبلاد، إذ يلاحظ بوضوح وجود فارق في البيع والشراء من عملة أجنبية لأخرى ومن صراف لآخر، وهنا تكمن الخطورة في ظل انعدام الإنتاج المحلي للسلع والخدمات الأساسية وغيرها.

ولاضطرار المجتمع لتلبية احتياجاته من السلع والخدمات، يقوم باستيرادها عن طريق التجار من الخارج، وبالمقابل نجد أن كثيرا من التجار المختصين في تلبية تلك الاحتياجات قد تم تغييرهم وحلت محلهم الشركات المالية، التي بالأصل تقوم بعمليات المضاربة بالعملات الأجنبية في السوق المحلية، وهذا ما يزيد الطين بلة.

وما يلاحظ من تحسن في أسعار الصرف ما هو إلا بسبب تخوف المضاربين من تفعيل دور المركزي الذي يتعرض لضغوط شديدة من الكتل المتضررة من إعادة الأمور لصوابها، خاصة في ظل استمرار سحب السيولة المحلية (أوراق البنكنوت) عن طريق المزادات التي تتم بين الحين والآخر، فقد وصلت عدد المزادات لعشرة خلال فترة أقل من ثلاثة أشهر بلغت نسب التغطية فيها معدل الامتياز.

وللوصول لفاعلية البنك المركزي اليمني لا بد من تدفق الإيراد الحكومي لحسابات الدولة فيه، فلا يمكن لأي مسؤول حكومي - بحسب القانون المالي وقانون تحصيل الأموال العامة- إيداع أي أموال تخص إيرادات الدولة في بنوك تجارية حتى لو كانت تلك البنوك مملوكة للدولة، وما قرار وزير المالية الأخير بشان إلزام الجهاز الإداري للدولة بإغلاق الحسابات لدى شركات الصرافة إلا شكلي فقط، إذ تجرم القوانين ذلك الفعل وتعاقب مرتكبيه حسب ما هو وارد فيها.

والمتابع لبداية تدهور قوة العملة المحلية يجد أنها بدأت منذ اتخاذ قرار صرف مرتبات الدولة بواسطة الشركات المالية (الصرافين) خاصة من تحول بالمسمى فقط لمصرف إسلامي، ويلاحظ أن اتخاذ تلك المصارف لفظ إسلامي ما هو إلا مدخل لسحب الثقة من المركزي والبنوك العاملة لتحقيق دوران النقد من وإلى البنك المركزي، ولم تقم بتحقيق دوران النقود للمحافظة على اقتصاد البلاد الإسلامي، الذي أصبحت عملته خاضعة لتحكم من ليس لديه أي ضمير أو مسؤولية تجاه البلاد والعباد"، وهنا نذكرهم بقوله تعالى ((یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ * فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ فَأۡذَنُوا۟ بِحَرۡبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَ ٰ⁠لِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ))، [البقرة 278 : 279].

ونبارك جهود المركزي الحالية للوصول إلى وضع وضبط آلية دوران النقد من وإلى المركزي اليمني على المستويين المحلي والدولي، (التصدير والحوالات الواردة مقابل الاعتمادات المستندية والحوالات الصادرة)، ولا بد أن وضع مجتمعنا له خصوصية، فيكفينا تنظيرا يا أصحاب الشائعات، وانتموا للإنسان الذي يشكل أحد أهم أركان أي دولة مرجوة.

*محاسب قانوني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى