الحرب تعمق أوجاع اليمنيين.. السكري وأمراض القلب والأزمات النفسية

> شيماء القرشي

> أدت الحرب الدائرة في اليمن منذ ما يزيد عن ست سنوات إلى انتشار كثير من الأمراض الجسدية والنفسية بين اليمنيين، متسببة بوفاة كثير، منهم موظفو الجهاز الإداري للدولة بشقيه المدني والعسكري.
في الآونة الأخيرة، تفشت الجلطات الدماغية والقلبية بشكل ملفت، إذ تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة أخبارًا متوالية عن وفاة يمنيين جراء جلطات دماغية أو قلبية، وفي أحسن الأحوال تسبب لهم عجزًا عن الحركة أو الكلام.
كان المعلمون والمعلمات الضحية السهلة بسبب انقطاع الراتب الذي يعينهم على مواجهة الحياة ومتابعة أوضاعهم الصحية وشراء الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، مثل مرض السكر وأمراض الضغط والقلب. فإذا توقف قلب موظف يمني عن الخفقان، فالقدر ليس المتهم الوحيد، فالحرب والمتسببون بها سببٌ آخر.

الشعور بالعجز
إنتصار عبدالجبار (47 سنة)، معلمة في إحدى المدارس الحكومية، تقول لـ "خيوط": "أصبت بجلطة ناتجة عن شعوري بالعجز وعدم القدرة على التحمل بسبب ضيق الحال وانقطاع مرتبي إلا من فتات يجمع من المساهمات المفروضة على أولياء أمور الطلاب والطالبات".

مضيفة: "أعاني أمراضًا كثيرة منذ سنوات، وهي معاناة يعانيها غالبية موظفي الجهاز الإداري المدني والعسكري، وفي مقدمتهم المعلمون المصابون بالسكر أو بأمراض القلب، أو الضغط، لكن الحرب عملت على تأزيم الوضع الصحي تمامًا، ولم يعد المعلم قادرًا على عرض نفسه على طبيب للعلاج؛ فما بالك بشراء الأدوية التي صار شراؤها حلمًا بعيد المنال".

دمرت الحرب كثيرا من جمعيات دعم مرضى السرطان، وأوقفت كثيرا من مراكز غسل الكلى في عدد من المحافظات اليمنية، إضافة إلى إغلاق مطار صنعاء أمام المسافرين من المرضى اليمنيين، مما تسبب بوفاة كثير من اليمنيين، بعضهم توفِّي وهو في الطرق الوعرة البديلة للطرق المعتادة التي أغلقها المتحاربون.

شلل الجهاز الطبي في اليمن
من جهته أشار الدكتور، يحيى غانم، استشاري الجهاز الهضمي والكبد بكلية الطب جامعة صنعاء، إلى أن الحرب عمومًا كفيلة بهدم أي تقدم في كافة المجالات، لكنها كانت أبرز الأسباب التي أدت إلى شلل الجهاز الطبي في اليمن، بسبب غياب أكثر الأطباء والاستشاريين المتخصصين الذين غادروا اليمن نتيجة الوضع في الداخل، إضافة إلى مشاكل عدة في المستشفيات، التي ما زالت تحاول تقديم الخدمات الطبية للمرضى في ظل شح المعدات والأجهزة الطبية.

ويؤكد غانم في حديثه لـ "خيوط" أن المعدات الطبية تحتاج إلى إصلاح وتغيير وإعادة صيانة في أكثر من مشفى حكومي في جميع ربوع البلاد.
وأضاف غانم أن إغلاق المطارات وعدم وجود علاج مناسب داخل الوطن، بسبب غياب الكوادر الطبية المؤهلة أو بسبب تدني الخدمة الطبية متمثلة بالمعدات والأجهزة الطبية، جعل المواطن يعيش الموت المنتظر، فلا علاج في الداخل ولا فرصة للذهاب لتلقي العلاج في الخارج.

يتفق مع غانم الدكتور عصام القردوع، أخصائي الجراحة العامة والمناظير، الذي يشير في حديثة لـ "خيوط"، إلى زيادة أعداد المرضى في السنوات الأخيرة، خاصة مرضى القلب، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي الذي تمر بها البلاد، وشح المراكز التي تقدم خدمات تخصصية، مثل مراكز قسطرة القلب، التي إن كان بعضها موجود فإن أسعارها غالية جدًّا وتفوق قدرة المواطنين على تحمل نفقاتها، منوّهًا إلى أن الحرب دمرت كثيرا من جمعيات دعم مرضى السرطان، وتوقفت كثير من مراكز غسل الكلى في عدد من المحافظات اليمنية، إضافة إلى إغلاق مطار صنعاء أمام المسافرين من المرضى اليمنيين مما تسبب بوفاة كثير من اليمنيين، بعضهم توفّي وهو في الطرق الوعرة البديلة للطرق المعتادة التي أغلقها المتحاربون قبل أن يصل إلى مطار عدن أو سيئون، حيث يعود اليمني جثة هامدة إلى بيته، وكان بالإمكان تلافيه من خلال العلاج في الخارج.

تبعات الحرب
في سياق متصل، يقول الأستاذ سيف الشرعبي، مهتم بمجال الصحة النفسية، لـ "خيوط" إن حالات الانتحار ازدادت في أوساط الشباب، خاصة بسبب الوضع الذي تمر به البلاد من جراء النزاعات المسلحة والفوضى ومشاهد الموت والقتل التي لا تنتهي، مضيفًا أن المواطن حينما لا يجد فرصة أو أي بصيص أمل ليحيا كأي إنسان محمي الحريات والحقوق، فإن ذلك ينعكس على نفسه وجسده، وهو ما تجسده الأمراض النفسية المستشرية حاليًّا، وأمراض ضغط الدم والجلطات، هذا إذا لم تدفعه حالته النفسية إلى الانتحار.

وأضاف الشرعبي أن الإنسان إذا لم يجد فرصة للعيش بحرية وكرامة، ولم يحصل على ما يسد رمقه، ولم يجد قيمة لعلاجه، فإن نفسه تتدهور أيضًا، وبالتالي يصبح من الصعب إصلاحها، خاصة في مجتمع ينظر للمرض النفسي كعيب قد يلاصق صاحبه طيلة حياته إذا علم به المحيطون.

تحمل السبب
يفقد اليمني فرصة العمل ثم يعود مكسورًا إلى البيت ليخوض غمار متطلبات الحياة دون معين، ثم يبيع ما كان يملكه من أثاث أو ممتلكات كان قد اشتراها بعرق الجبين طيلة سنوات، وحين يجد نفسه عاجزًا عن توفير وجبة واحدة لأطفاله يدخل في حالة من اليأس والقلق والتوتر، بعدها يكون ضيفًا جديدًا لأرصفة الشوارع.

يرى الدكتور محمد الكامل، دكتور علم الاجتماع بجامعة صنعاء، أن هناك معيارين أساسيين في بقاء الدولة هما الرعاية الصحية التي تقدم للأفراد والعملة، ونحن في اليمن نعاني من تدهور المعيارين معًا بسبب الحرب، فالتشخيص الخاطئ للأمراض وعدم توفر تأمين صحي للمرضى مع غياب الإحصائيات الدقيقة عن أعداد المرضى، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأمراض وانتشارها.

"خيوط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى