صاحب السمو الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع السعودي المحترم، تحية طيبة وبعد
وتابع اليمنيون تصريحات المتحدث باسم التحالف، وانطلاق عملية تحرير اليمن السعيد، وقبلها عاصفة الحزم وعاصفة الأمل، ومن ثم اتفاق الرياض وبيانات وتصريحات لمسؤولين كثر حول اليمن ومستقبله.
واسمح لي أن ألفت انتباهك بصدق ووضوح إلى ما يفكر فيه اليمنيون، وما يرونه في سياستكم نحو اليمن؛ لأني أعلم أنه لا يسمع من المسؤولين اليمنيين وجهة نظرهم حول ما يحدث في بلادهم خلال سبع سنوات من الحرب.
سمو الأمير
سمو الأمير
سمو الأمير
إن استمرار الصراع الهجين بهذا الشكل يضر بمصالح اليمن والسعودية؛ ولذلك من مصلحة المملكة أن تغير من سياساتها، لأن الاستمرار بهذا الشكل في التعامل مع اليمنيين لن يخدم سوى إيران، وما زالت الكرة في ملعب المملكة، إما أن تكسب اليمن ومعه أربعين مليون يمنيا ليكونوا سندا لها حاضرا ومستقبلا، وتبقي على اليمن في الدائرة العربية، أو أنها تدفع بهم إلى حضن إيران وإخراج اليمن من الدائرة العربية، وكل ذلك يتوقف على سياسة المملكة تجاه اليمن والجلوس مع اليمنيين والسماع منهم فيما يخص بلادهم ومستقبلها ومصالحها العليا. يكفي القرار نيابة عنهم؛ فلم يصنع ذلك سوى تدمير اليمن وتعريض دول التحالف والخليج لمخاطر حقيقية حاضرا ومستقبلا.
تابعت كغيري تغريداتكم الأخيرة بخصوص اليمن، ودعوتكم لليمنيين ألا يصدقوا كذب الحوثي، وتحذيركم من مشروعه المدمر لليمن والمنطقة، وبأن قيادة المملكة وقادة مجلس التعاون الخليجي يرغبون بإدماج اليمن في منظومة المجلس، وبأن هدفكم مصلحة وخير الشعب اليمني.
والحقيقة أن هذه التصريحات الإيجابية منكم محل تقدير لدى الشعب اليمني الذي أصبح أكثر ما يتمناه أن يترك وشأنه فقط ولا يطمح لشي آخر.
ولا يسمع إلا للمديح والإطراء من بعض ممن ارتضوا لأنفسهم القيام بهذا الدور على حساب مصلحة بلدهم .
في الوقت الذي تشكل فيه السعودية سياستها تجاه الملف اليمني، فليس مطلوبا منكم سوى أن تأخذوا مصلحة اليمن الجار والشقيق لكم بعين الاعتبار، فالأيام أثبتت أن عدم استقرار اليمن ليس في مصلحة المنطقة والسعودية بشكل خاص، وبأن اليمن القوي المستقر فيه مصلحة للجميع، وبأن تعريض اليمن للتجزئة والتقسيم فيها خطورة على اليمن ودول المنطقة فلن يقف التقسيم عند حدود اليمن فحسب، فأغلب دول المنطقة مرشحة لذلكن، وفيها من المشاكل مثلما لدى اليمن وأكثر.
لقد انخرطت السعودية في السنوات الأخيرة في ما يشكل، بكافة المقاييس، محادثات حسن النية مع إيران بشأن مستقبل اليمن، وقبل ذلك مع الحوثيين، لكنها لم تفعل ذلك مع اليمنيين، وتصر على تقييد حركة القيادة اليمنية، ومصادرة القرار السيادي اليمني، وتمنع عن الجيش السلاح النوعي والكافي، مما أتاح لمليشيات الحوثي البقاء والسيطرة لهذه الفترة من الزمن.
أما الحوثي فاليمنيون يعرفونه جيدا، ويعرفون كل جرائمه، وهم يحاربونه بكل الوسائل الممكنة، ولو لم ينحرف التحالف عن أهداف المعركة لكان الحوثي اليوم يلعق جراحه، وما من أحد يريد أن يكون مع الحوثي، فجميع اليمنيين يتطلعون إلى إلحاق الهزيمة به، وإنهاء الصراع في اليمن، ومن يقف معه اليوم إنما دفعه إلى ذلك سياسة التحالف التي أضعفت قيادة الشرعية، وأظهرتها كأنها مطية للتحالف ليس إلا.
سأذكركم بما فعلته إيران في لبنان وسوريا والعراق، فالذكرى تنفع المؤمنين، وما تقوله وحلفاؤها في وسائل إعلامهم ليس موجها للاستهلاك، وإنما يعبر عن نواياهم العدوانية تجاه المملكة، وعتبنا أنكم تضعفون الدولة اليمنية خوفا من الجمهورية والديمقراطية بالرغم من أنهما تخصان اليمن، وليستا موجهتين ضد أحد، أو قابلتين للتصدير، فالديمقراطية تخص التركيبة السكانية في اليمن، وقد أثبت الزمن أن السعودية استقرت خلال مرحلة الجمهورية، واهتز استقرارها مع انهيار نظامها.
نسمع كلاما جميلا يخص اليمن، لكننا نلمس أفعالا تخذلنا، فقد قلتم أنكم جئتم لدعمنا، لكن الواقع يقول أنه تم السيطرة على الممرات المائية والجزر اليمنية من خلال الوجود العسكري بطريقة غير قانونية، كما هو حاصل في سقطرى والمهرة وجزيرة ميون، وغيرها فهذه التصرفات أفضت إلى تعقيد المشهد السياسي والعسكري والوصول باليمن إلى مرحلة اللادولة، وأدت إلى تمكين المليشيات المسلحة المناوئة للشرعية من بناء قدراتها العسكرية والاقتصادية.