مستشفى عدن العام.. الإدارة والتشغيل

> تتداول أخبار عن قرب افتتاح مستشفى عدن العام بعد "دهر من الزمان" على إغلاقه وبدء مشروع إعادة تأهيله: ويعود هذا "التأخير" المضني للأسباب اللارادية عامة والظرفية والسيادية بصفة خاصة. ولا يتوقع أن "تشهد عدن مثيلًا لهذا "الشيد الطبي المتطور" ربما "لعقود قادمة"، حتى على مستوى مشاريع استثمار "القطاع الخاص" وشواهده الحاضرة والقائمة المتدهورة التي لا ترقى إلى الحد الأدنى المطلوب من الكفاءة والخبرة والمهنية التشخيصية والعملية والخدمات الطبية عامة.

ويعتبر هذا الصرح الطبي الكبير والمتميز شاهدًا على العلاقة "الأخوية التاريخية الصلبة والعميقة" بين بلدنا والمملكة العربية السعودية حماها الله من كل شر وسوء.

ولا يفوتنا بهذه المناسبة الوطنية لمحافظة عدن أن نذكر عن نمو وتطور القطاع الصحي والتطبيب التخصصي السعودي، الأهلي والخاص، خلال العقود الخمسة الماضية ووصوله إلى مستويات متقدمة ويعتبر الأبرز في منطقة الشرق الأوسط. بل حتى في أغلب الدول المتقدمة.. جنبًا إلى جنب، وفي بدايات سبعينيات القرن الماضي وبالاحتكاك والممارسة والعمل مع الخبرة الخارجية (الأجانب)، اكتسب الكادر الصحي السعودي خبرة مهنية وحرفية قيمة في شتى مجالات عمل القطاع الصحي بما فيها وعلى رأسها "إدارة وتشغيل كافة المرافق الصحية"، من مستوصفات ومستشفيات عامة وتخصصية.. إلخ جعلته يصل إلى مستويات أغلب دول العالم المتقدم. وما "جائحة كورونا" وتعامل وتغلب واحتواء المملكة على هذا "الوباء" من خلال الطب الوقائي والفعلي إلا برهان دامغ على مثل هذا التقدم والمستوى المتميز لقطاعها الصحي.

في المقابل، يمر قطاع الصحة الوطني الحكومي بأسوأ مراحله وبمختلف أنشطته وتخصصاته وعلى جميع المستويات من عيادات ومجمعات ومستوصف ومستشفيات كبرى. وما الأحوال الراهنة من تدهور كارثي عام ومستمر في الخدمات وعلى كافة أقسام ودوائر كل من مستشفى الجمهورية (الملكة سابقا) ومستشفى الصداقة (الأمومة والطفولة سابقا) إلا دليل مادي وحي لوصول القطاع الصحي إلى حافة الانهيار الكامل غير القابل للإصلاح.

وفي حال أن أعطينا حسن الظن لمثل كذا حالة مفزعة ومأساوية وعزينا الأسباب إلى الوضع الراهن، فإن هذه المرافق ذات الأهمية القصوى في حياة المواطن ليست لديها "نظام إدارة وتشغيل" وسياسات تبين لكل كادر فيها، من الأدنى درجة إلى الأعلى بما فيهم من هم في "قمة هرم المسؤولية" وفي كافة الأقسام الطبية فيها كيفية وطرق وسبل أداء العمل بالأسلوب العلمي المتبع في مثل هذه المرافق وتكون كمرجعيات العمل الأساسية. وإذا افترضنا وجود مثل هذه المتطلبات (سياسات وخلافة) فهل يتم التقيد والعمل بها على كافة نواحي ونشاط العمل؟

ولكنها لسوء الحظ تدار هذه المرافق بأساليب وطرق عشوائية غير علمية ولا مؤسسة أو موثقة. ولهذا وصل هاذان الصرحان الجباران إلى كذا حال متقهقر ومؤسف تماما وكما كان حال مستشفى عدن العام المزري قبل إغلاقه من فوضى عارمة عامة وسوء إدارة خاصة.

ولعلنا نشعر بهبوط وتدني المستويات المختلفة لكلا الصرحين الطبيين الكبيرين من نحو 3 عقود من الزمن مضت والوقت الراهن، وذلك من خلال الأفواج الكثيرة من طلبة وطالبات الطب عامة والذين قضوا فترات تدريباتهم العملية في كل من الجمهورية والصداقة وتخرجوا كأطباء آنذاك، حينها مقارنة بأقرانهم الذين تخرجوا، ويتخرجون بعد تلك الحقبة/ الوقت الراهن. ناهيك عن الحقيقة فأن الغالبية من الكادر الطبي المخضرم والحديث (في الجمهورية والصداقة) وبسبب تدني مستوياتهم وخبرتهم العملية يتم رفض الجزء الكبير من طلبات توظيفهم/ تشغيلهم من قبل القطاع الصحي الخاص الوطني.

ليس عيبًا على قيادات "الجمهورية أو الصداقة" أو انتقاصًا من مكانتها أن تعترف بقصورها في هذا المضمار أو التخصص (الإدارة والتشغيل) وأن تسعى للمساعدة والتوجيه بهذا الخصوص. علم الإدارة يكتسب من خلال كفاءة واجتهاد وجهد وخدمة وخبرة سنين طويلة ومحاكاة لأحدث أساليبها وليس بصدور "قرار تعين".

وبالعودة إلى حديث افتتاح مستشفى عدن العام المرتقب وبعد تقديم جزيل الشكر والعرفان بالجميل إلى المملكة العربية السعودية ملكًا وولي عهده وحكومة وشعبًا على ما قدموه، وبإذن الله على ما سوف يقدمونه لهذا الصرح الطبي الكبير، نعرض وبناء على الخبرة المهنية العالية لدى الأخوة في المملكة في "إدارة وتشغيل" المنشآت الصحية المختلفة، ونقدم بإصرار أخوي ومنطقي وواقعي أن تتم دراسة جدية لمقترح تولي الجانب السعودي الموقر إدارة وتشغيل مستشفى عدن العام عند افتتاحه وذلك لفترة زمنية (3 - 5 سنوات، أو التي يراها عملية)، وذلك بالدرجة الأولى حفاظًا على هذا المكسب والصرح المتميز وبنفس الأهمية بمكان بما يضمن ديمومة عمله وأدائه وتشغيله وبقائه على أكمل المستويات. كما، وأثناء "إدارتهم وتشغيلهم لهذه المنشأة الجبارة" أن يقوموا شاكرين على "تأسيس وتوثيق" نظام إدارة وتشغيل للمستشفى (سياسات، لوائح أنظمة إلخ) تكون المرجعية لكل كادر طبي/ إداري/ خلافه يعمل داخل المستشفى، كما هو مطبق ومعمول به في مستشفيات المملكة، يعمل به الجميع بمستشفى عدن العام حتى بعد انتهاء مدة انتدابهم وانتهاء مهمتهم المشكورة ومغادرتهم الوطن.

دراسة تأسيس "لجنة إدارة وتشغيل" مستشفى عدن العام يتكون أغلب أعضائها من الجانب السعودي والبقية من شخصيات وطنية ومن مجالات وتخصصات مختلفة. جوهر أعمال ومهام ووظائف اللجنة المراقبة والتوجيه والمتابعة بما يضمن تشغيل وإدارة المستشفى بأعلى المستويات وتتمتع بالسلطة والصلاحية المطلقة لتحقيق ذلك. على أن تكون تداخلات/ مسؤوليات وزارة الصحة اليمنية في هذا الأمر "بالحد الأدنى".

وعليه، فإننا نقولها صراحة وبكل أخوية وأمانة أن في حال لم يتم "إلقاء نظرة ثاقبة/ أو دراسة مثل هذا المقترح، فإن افتتاح وتسليم مستشفى عدن العام "بالطريقة التقليدية" ستكون البداية لإضافته إلى قائمة باقي "المنشآت الصحية" الفاشلة والمشلولة.

والله من وراء القصد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى