البنك الأهلي.. أحد الدعامات الرئيسة للاقتصاد الوطني ويساند البنك المركزي

> حوار/ د. حسين الملعسي:

>
  • د.أحمد بن سنكر: معالجة الوضع الاقتصادي بمعزل عن الإشكال السياسي لن يفيد
  • حققنا العام الماضي ربحية فاقت 9 مليارات ورأس مال البنك 20 مليار ريال ..
  • مؤسسة التصنيف الدولية ترفع تقييم البنك بمؤشرات إيجابية على أفضليته
  • والنظام البنكي الجديد سيطوّر المسار المصرفي بخدمات حديثة
يُعَدُّ البنك الأهلي اليمني، من أعرق البنوك في المنطق وركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.. وعلى الرغم من الانتكاسة الشديدة التي يعيشها الاقتصاد، إلا أن البنك الأهلي مستمر في تقديم خدماته المصرفية وفي تحقيق تصنيفات عالية، فقد اكتسب شهرة وسمعة طيبة لدى المؤسسات المالية والمصارف العالمية في الخارج، ما يؤكد اقتداره على تحقيق من مزيد من الإنجازات فيما لو توافرت البيئة المساعدة على ذلك بالاستقرار السياسي والسياسة النقدية والمالية..

- يعد البنك الأهلي اليمني واحدًا من أعرق البنوك في البلاد، نرجو إعطاء نبذة مختصرة عن البنك الأهلي وتأسيسه والدور الذي يؤديه حاليًا..

- بدأ البنك الأهلي اليمني يوم تاريخه المشهود حين سطّر أول أحرفه في نوفمبر 1969م وبحروف من ذهب وهو يمر في كل محطاته من نجاح إلى نجاح، وقد مرَّ على البنك أكثر من نصف قرن من الزمان ومع أولى انطلاقاته في السابع والعشرين من نوفمبر 1969م، واقترن اسمه من ذلك الحين باسمه الذي نفتخر به (البنك الأهلي اليمني). المحطات التي مرَّ بها البنك الأهلي اليمني على الرغم من صعوبة مراحلها إلا أنها كانت كلها نجاحات ومفاخر لنا جميعًا، خاصة تلك الفترة التي امتدت من الستينيات حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي حين اضطلع وقتها بالقيام بوظيفة بنك الدولة إلى جانب قيامه بالخدمات والوظائف للبنوك التجارية، وبذلك أصبح البنك ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، وداعمًا للكثير من المشاريع التنموية.. ومازال حتى يومنا هذا يُعَدُّ ذراعًا من أذرع الحكومة المالية، وإن أُسند له في الأعوام العشرين الأخيرة وظائف البنك التجاري إلاّ أنه ظل مصدرًا مهمًّا لتمويل المشاريع التنموية في مختلف المجالات المنفذة من المستثمرين، وكذا قطاعات الدولة مثل مشاريع (الإسكان، النقل، الاتصالات، الكهرباء، المصانع، القطاع السمكي والزراعي، قطاع الصحة، والتمويل للمشاريع الصغيرة وكذلك تمويل إنشاء المراكز التجارية والعديد من المجالات الاستثمارية الأخرى). كما يُعَدُّ البنك أحد الدعامات الرئيسة للاقتصاد الوطني ويلعب دورًا هامًّا في تقديم وتسهيل الخدمات لمختلف المعاملات المالية إلاّ أنه أيضًا لا يختلف عليه أحد بأنه من أعرق بنوك المنطقة في القطاع المصرفي، وله سمعة خارجية طيبة، حيث أن بدايات عمله منذ إنشائه كبنك عام 1969م وبرأس مال مدفوع في ذلك الحين قدره (مليون دينار يمني جنوبي)، إلاّ أنه وبما يحققه من نجاحات متعاقبة، فقد تم رفع رأس ماله في عام 2010م إلى (عشرة مليارات ريال يمني) .. وفي إطار استراتيجية البنك الحالية فإنه يستهدف تعلية رأسماله إلى (عشرين مليار ريال يمني) وهذا ما تحقق خلال عام 2021م.

إن تحسن مؤشرات أداء البنك الأهلي اليمني بشكل إيجابي.. وتحديدًا في العقد الأخير منذ تأسيسه والتي تؤكدها وتوضحها التقارير السنوية المدققة من المراجعين الخارجيين والمعتمدة من البنك المركزي، أكسبته ثقة عملائه والبنوك المراسلة في الخارج وتقدير المؤسسات المالية، فكان أن نتج عن ذلك رفع التصنيف للبنك في نوفمبر 2009م، من قبل مؤسسة التصنيف الدولية (كابيتال إنتليجنس) في تقريرها، وعلى مستوى التصنيف السيادي وكذا تصنيف المعاملات بالنقد الأجنبي طويل الأمد إلى مستوى (B)، وفيما أبقت على تصنيف قوة ومتانة المركز المالي عند مستوى (BB)، وقد حددت في تقريرها أن العوامل الرئيسة المؤثرة في رفع التصنيف والخاصة بالبنك هي: (سجل جيد لربحية مستمرة لسنوات عديدة، موجودات عالية للسيولة، مؤشر عالٍ لكفاية رأس مال البنك يفوق المتطلبات المحلية والدولية، ثبات مستمر ولسنوات عديدة في حجم ودائع العملاء، بنك مملوك بالكامل للدولة 100 %)، كما عادت مؤسسة التصنيف الدولية بعد ذلك لتؤكد بعد مرور خمس سنوات وفي تقريرها الصادر في يناير 2014م، موضحة فيه بأن النظرة المستقبلية (OUT LOOK) للتصنيفات الخاصة بالبنك الأهلي اليمني (Stable) على المستوى المنظور، وإن البنك يظل الأفضل والمتميز في الأداء والقدرة على إدارة أصوله وتدعمه في ذلك إدارة حصيفة والتي تدير أصوله بمقدرة وكفاءة ممتازة، (NBY Continues to be The best overall performing bank in Yemen).

إن ما ورد في تقرير شركة التصنيف الدولية حول المستوى المنظور ونظرتهم لأفضلية البنك وثبات سجل الربحية المستمرة والتي اعتبر من أهم العوامل في تقييمها للبنك، وفيما إذا نظرنا للتقرير السنوي للعام المنصرم 2021م تأكدت رؤية الشركة، واستمرت المؤشرات الإيجابية لأداء البنك حيث قد أفصح بيان الدخل الشامل للبنك وللسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2021م عن تحقيق البنك ربح السنة قبل التدقيق والمراجعة لبياناته (ما يفوق تسعة مليارات ريال يمني) ويعتبر ذلك أعلى مستوى للربحية يحقق ولأول مرة بتاريخ البنك مقارنة بالسنوات السابقة ومنذ التأسيس، كما أنه سوف يضيف إلى أدواره التي لعبها بإسناد البنك المركزي وكذا القطاع المصرفي العديد من المدخلات الجديدة التي ستسهم في تقديم خدمات متطورة حديثة في إطار استراتيجيته للتطوير والتحديث لمنظومة البنك والتي نال عنها البنك جوائز من مؤسسات عربية متخصصة، حيث منحت البنك جائزتين للتميّز من مؤسستين عربيتين خلال العام 2021م تقديرًا لجهود البنك في مجال التطوير والتحديث لمنظومته.

- ما هي أهم الخطط التطويرية للبنك المواكبة للتطورات المتسارعة في قطاع البنوك في الظروف المعاصرة؟

- بهدف استمرار البنك في تقديم خدماته ومنتجاته المتنوعة وتقديم خدمة متميزة لعملائه، قام البنك وفي إطار استراتيجيته لتطوير البنك في تنفيذ مشروعه للتطوير والتحديث والذي اعتمده على مرحلتين: المرحلة الأولى هي إعادة الهيكلة ويخص شركة (ديلويت)، فإنها قامت بإعداد هيكلية الدوائر والفروع وتحديد المهام بما يتوافق مع النظام الجديد ووفق المعايير والأسس المصرفية الحديثة؛ كما قامت بالإشراف على عملية التطبيق وإعداد الضوابط للنظام الجديد، إضافة إلى إعداد أدلة العمل للدوائر والفروع وفقًا والهيكلية الجديدة. والمرحلة الثانية مرحلة إدخال نظام بنكي جديد والذي سوف يسهم هذا النظام من نقلة نوعية في المسار المصرفي وتقديم الخدمات والمنتجات المصرفية الحديثة ومنها خدمات الإنترنت البنكي وموبايل بنك والعديد من الخدمات الأخرى المتطورة والتي تقدّم في البنوك العالمية، وسوف تسهل للعملاء العديد المعاملات التي يتطلبها هذا العصر المتسارع في التوجه نحو التحول الرقمي في تقديم الخدمات.

- يشهد الاقتصاد اليمني أزمة حادة للغاية، ما أهم مظاهر الأزمة وأسبابها وتطوراتها المستقبلية، والحلول الممكنة من وجهة نظركم؟

- إن معالجة الواقع الاقتصادي بمعزل عن الواقع السياسي غير ممكن كون المعالجات التي تتم وتتعرض للتعطيل والعرقلة من قبل الأطراف المختلفة وتقف أمام أي إصلاح تقوم به الحكومة لكون هذه الأطراف قد اعتبرت الحرب الاقتصادية أحد جبهاتها الموجهة ضد الحكومة.. وعلى الحكومة ضرورة الاهتمام بتفعيل السياسة المالية والنقدية بشكل متلازم، وبما يقود إلى إعادة دوران العجلة الاقتصادية في البلد. في ظل التخبط وعدم الوضوح لحلحلة المشكلة اليمنية، وتشابك الرؤى السياسية، وعدم القدرة على إيجاد اتفاق شامل للوضع، يصعب على الجميع إيجاد رؤى اقتصادية واضحة، لكن نقول والثابت لنا كاقتصاديين، بلدنا تحتفظ بمقدرات اقتصادية طبيعية، من السهل على أي حكومة واعية لذلك أن تنطلق من هذه المقدرات الطبيعية التي تمتلكها ولا داعي أن نعددها لكم لكون الثروات الكامنة في أرضنا الكل يعلم بها (نفط وغاز / معادن / موانئ استراتيجية / اسماك / أرض زراعية / اتصالات / سياحة / ثروة بشرية / عدد وستجد مقومات الاقتصاد موجودة)، وإلى جانب إسناد حقيقي من المؤسسات الإقليمية والدولية في كافة المناحي للبيئة الاقتصادية في ظل الأوضاع الراهنة، نستطيع القول إنه بهذا يمكننا إنعاش الحياة الاقتصادية والتي ستسهم بإنجاحها بطبيعة الحال بوجود سياسة مالية ونقدية سليمة، وذلك من أجل تحقيق عودة الحياة الاقتصادية لمجراها الطبيعي، والبدء بتعافي الاقتصاد ومن ثم النهوض به نحو النمو، نقول بكل تأكيد سيتحقق ذلك إذا صدقت وصلحت النوايا كما ندعو إلى التكامل بين مؤسسات الدولة في أداء مهامها وتناغمها بشكل فعال لكي ينهض الجميع بشكل نلحظ مساندة هذه القطاعات لبعضها البعض في إطار برنامج مدروس يخدم التوجه نحو النهوض بالوضع الاقتصادي من وضعه الحالي.

- يشهد سوق الصرف تقلبات شديدة ومتسارعة أثرت بشكل سلبي وخطير على سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، ما الحلول الممكنة التي تساعد على استقرار سعر صرف العملة المحلية من الانهيار؟

- الآثار الاقتصادية لتدهور العملة واضحة وجلية للعيان بدون أدنى شك ارتفاع الأسعار والتقلبات اليومية التي توقف حركة الحياة، هذا الاضطراب الاقتصادي ينفر عن البلد الاستثمار الحقيقي، وكما يعلم الجميع أن المستثمر لا يرغب بالمخاطرة ويحبذ أن يعمل فقط في ظل وجود الاستقرار الاقتصادي، وأن تدني مستويات الحياة المعيشية، والتدهور في تقديم الخدمات، والتي تحسنها يعطي سبل لاستمرار الحياة الطبيعية، وطبيعي أن هذه الأوضاع انعكست سلبيًا على الحياة المجتمعية، ونجد الأمر واضحًا بأن الآثار كارثية في كل المناحي التي عددناها وتراها العين كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم ومتغيّرات وتقلبات تعقد سبل العيش ويجب علينا جميعًا التوجه نحو معالجات (حقيقية فعالة) لهذه الأوضاع الكارثية والتدهور المستمر.

أما أسباب تدهور العملة واضح للعيان، هو عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.. وهو ما أخل بموازين العمل في المؤسسات المالية والنقدية؛ وبالتالي عدم وجود سياسة مالية ونقدية متلازمة ومتناسقة تتمحور أهدافها واستراتيجياتها نحو تصويب الأداء المالي والنقدي.. وكذا تنفيذ المهام كما هي محددة في الأنظمة والخطط، وعدم الانحراف عنها، وضبط إيقاع العمل المالي والمصرفي، دون ذلك لن يشهد أي بلد في العالم استقرارًا وثباتًا لعملته.. وكل المحاولات الترقيعية لن تخدم طويلًا.

- من أهم آثار الحرب هي عدم إمكانية البنوك التجارية والإسلامية القيام بوظائفها المعتادة، ما الإجراءات الممكن تنفيذها لتؤدي البنوك وظائفها المعتادة كما كانت عليه فترة ما قبل حرب 2015م مثل فتح الاعتمادات وغيرها من المعاملات المالية الدولية؟

- تخوض البنوك اليمنية مخاضًا عسيرًا منذ أكثر من 10 سنوات، حيث تعرّضت لهزات كثيرة أبرزها انهيار العملة وكذا شحة السيولة والقيود الدولية التي أثرت على تعاملاتها مع البنوك المراسلة والتي وصلت إلى مستوى إغلاق حسابات البنوك اليمنية لدى هذه البنوك المراسلة التي تعاملت حسب مستوى المخاطر التي ازدادت بحكم تطور الأوضاع في بلدنا أسوة بأقطار أخرى شهدت ذات المخاض نمر به بسبب الحرب، ومن جانب آخر الحرب لها أثر على الأوضاع الاقتصادية والمصرفية والمالية والاستثمارية للبلد، وعلى الرغم من كل ذلك نشير إلى أن القطاع المصرفي اليمني بقي صامدًا إلى حدّ كبير وحافظ على التزاماته تجاه المجتمع الدولي، والآن تحاول البنوك اليمنية مواكبة جميع المتغيّرات المحلية والدولية، وتطوير البرامج والأنظمة المصرفية التكنولوجية والخدمات المصرفية التي يستوجب تقديمها، والتزمت التقيد بالمعايير الدولية بشأن الامتثال والالتزام في تعاملاتها، لكن بالمقابل تواجه التأثير الأكبر محليًّا الذي يتمثل في علاقة هذه البنوك مع البنك المركزي اليمني المركز الرئيس -عدن حيث أن عملية إقحام القطاع المصرفي في السياسة وتحديدًا من قبل الطرف المسيطر على البنك المركزي في صنعاء واتباع عملية فرض سياسة أمر الواقع أدخل البنوك في معضلات كبيرة وإن الخروج من هذه المصاعب التي تواجهها البنوك نرى بأن يقوم البنك المركزي المركز الرئيس - عدن بإيجاد معالجات فعّالة لاستعادة نشاط القطاع المصرفي لدوره كما كان عليه قبل عام ٢٠١٥م والخروج من المأزق التي تعانيه البنوك وتراجع أداءها أمام عملائها، والبنك المركزي المركز الرئيس - عدن قام بمحاولات لمعالجات منها فتح الاعتمادات بتغطية من الوديعة السعودية، ولكن أهم هذه الإجراءات المنتظرة هو عودة البنوك للعمل كمنظومة مصرفية وتحت مظلة البنك المركزي اليمني الرئيس -عدن وتكون مراكزها المالية تحت إشرافه وجميع تعاملاتها تخضع لإشراف بنك مركزي له السيادة الكاملة على القطاع المصرفي اليمني .

* مجلة "الرابطة الاقتصادية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى