"المناورات العسكرية".. سلاح ردع ساخن تبدأ به دول الخليج 2022

> سلمى حداد "الأيام" الخليج أونلاين

>
يبدو أن العام 2022 لن يكون هادئاً بما يكفي لتحقيق حالة من الهدوء في المنطقة الخليجية والشرق الأوسط عموماً، فبدايته حملت الكثير من الأحداث الساخنة التي كان أبرزها مناورات وتدريبات عسكرية مكثفة وغير مسبوقة.
ففي أقل من شهر ونصف منذ بداية العام نفذت دول خليجية 10 مناورات وتدريبات عسكرية منفردة أو مع دول عربية وغربية صديقة، هي الأكبر عدداً قياساً بالفترة الزمنية، ما يحمل دلالات على عمل هذه الدول لردع تهديدات من دول وجماعات إقليمية مسلحة تصاعد نفوذها العسكري خلال السنوات الماضية.

"الشط الآمن-5"

بداية هذه المناورات كان في 9 يناير 2022، تحت اسم "الشط الآمن-5" بمشاركة القوات البحرية الملكية السعودية ونظيرتها الأردنية.

وحسب وكالة الأنباء السعودية "واس"، فقد قال قائد القوات المشاركة بالتمرين اللواء البحري الركن علي بن سعيد الشهري: إن "القوات المشاركة في التمرين نفذت العديد من العمليات العسكرية المشتركة بهدف رفع الجاهزية والقدرة القتالية".

وأضاف الشهري أن "التمرين يهدف أيضاً لتعزيز التعاون العسكري بين السعودية والأردن، وتبادل الخبرات في مجال القتال بالمناطق المبنية".

"درع الإمارات المشترك"

وبالتزامن أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، في 9 يناير، انطلاق تمرين "درع الإمارات المشترك- 50"، في الاتجاه الغربي من المسرح البحري لدولة الإمارات.

واستمر التمرين حتى الـ14 من الشهر ذاته، وجاء ضمن سلسلة تمارين عملياتية مجدولة لعام 2022، بهدف رفع جاهزية القوات المسلحة بجميع وحداتها الرئيسية، حسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام).

وقال قائد العمليات الإماراتية المشتركة اللواء الركن صالح العامري: "إن التمرين ترجمة حقيقية لما وصلت إليه القوات المسلحة الإماراتية من مستوى متطور لجميع القدرات البرية والبحرية والجوية، لحماية الوطن في مختلف البيئات العملياتية".

وأضاف: "نراهن على قدراتنا العسكرية التي أصبحت محط أنظار وتقدير العالم، وذلك بفضل التوجيهات والمتابعة الحثيثة من قبل القيادة الرشيدة".

"تبوك 5"

وفي التاسع من يناير أيضاً، انطلقت فعاليات التدريب السعودي المصري المشترك "تبوك 5" بمشاركة عناصر من المشاة والمدرعات والقوات الخاصة والمظلات، إضافة لعناصر دعم من الأسلحة التخصصية المختلفة من كلا البلدين.

وحسب بيان للمتحدث العسكري المصري العقيد غريب عبد الحافظ، فإن التدريب جاء بإطار خطة التدريبات المشتركة مع الدول الصديقة والشقيقة لدعم علاقات التعاون بمختلف المجالات العسكرية.

وأكد عبد الحافظ أهمية تمرين "تبوك 5" في توحيد المفاهيم وتبادل الخبرات، بما يسهم في رفع معدلات الأداء القتالي.

ولفت إلى أن التدريب المشترك "تبوك 5" يعد واحداً من أكبر التدريبات المشتركة بين البلدين من حيث حجم القوات المشاركة وتنوع الأنشطة التدريبية.

"تمرين العبور"

تدريب عسكري آخر نفذته القوات السعودية، في 15 يناير الماضي، بالشراكة مع القوات الفرنسية تحت اسم "تمرين العبور" في البحر الأحمر.

وشهد التمرين عدداً من الفرضيات القتالية، وشارك فيه عدد من السفن والمروحيات، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس".

وذكرت الوكالة أن التمرين جاء "لرفع مستوى القدرة القتالية للقوات البحرية السعودية في مجال العمليات البحرية المختلفة".

"مرجان-17"

وفي 24 يناير، عادت القوات السعودية والمصرية للاجتماع ضمن تمرين بحري مشترك حمل اسم "مرجان-17"، وعقد في المملكة.

وقال الجيش المصري، في بيان، إن التمرين يأتي في إطار خطة التدريبات المشتركة لقوات البلدين.

وأوضح الجيش أن "التدريب يتضمن عقد العديد من المحاضرات النظرية والمؤتمرات التدريبية، كذلك تنفيذ العديد من البيانات العملية والأنشطة".

وبين أن التمرين يتضمن تنفيذ عدة رمايات تكتيكية للقوات الخاصة البحرية لكلا الجانبين بمختلف الأسلحة الصغيرة.

كما اشتملت على تنفيذ رماية مدفعية سطح سطح على هدف سطحي، وتنفيذ رماية سطح جو على هدف جوي، وتنفيذ تشكيلات إبحار.

وأضاف الجيش المصري أن التدريب "يهدف إلى تعزيز التعاون المشترك بين القوات البحرية لكلا البلدين، وتوحيد المفاهيم العملياتية بين الجانبين في أساليب وطرق تنفيذ المهام البحرية ضد التهديدات المختلفة.

"درع الوقاية 3"

القوات الأمريكية شاركت أيضاً في المناورات التي شهدتها المنطقة، منذ بداية العام الجاري، وكانت أولى مشاركاتها في مناورات "درع الوقاية 3" مع القوات السعودية، التي نفذت في 26 يناير.

ووفق قناة "الإخبارية" السعودية، قال مدير التمرين العميد سعد الشهراني: إن "المناورات تهدف لتعزيز التعاون المشترك وتبادل الخبرات بين القوات السعودية والأمريكية، وتطوير قدرات القوات المسلحة لإدارة الأزمات الناجمة عن أسلحة التدمير الشاملة".

وأضاف الشهراني أن جميع مراحل التمرين، سواء النظرية أو العملية، نفذت بكل احترافية وإتقان، ما يدل على المستوى العالي في التجهيز والتنسيق والتنفيذ.

وأشار إلى أن التمرين تم بمشاركة 321 عنصراً من القوات السعودية والأمريكية.

"الصقر المدافع"

وشاركت القوات الأمريكية كذلك في تمرين مشترك مع القوات البحرية بالسعودية والبحرين والكويت والمملكة المتحدة الذي حمل اسم "الصقر المدافع".

وفق وكالة الأنباء الكويتية، فإن "التمرين نفذ في منطقة الخليج العربي بقيادة القوات البحرية الكويتية".

واستهدف التمرين تعزيز التعاون والعمل المشترك وتبادل الخبرات بين الدول المشاركة في مجال الأمن البحري، إضافة للتدريب على حماية السفن ومرافقتها وصد الاعتداءات من القوارب الهجومية السريعة، وتخليص السفن من أعمال القرصنة.

التمرين الأضخم بالمنطقة

ومطلع فبراير الجاري، أعلنت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية انطلاق أكبر تمرين بحري (IMX / CE 2022) في مملكة البحرين.

وأضافت القيادة في بيان: "سيشمل التدريب، وهو الأكبر في الشرق الأوسط، 9000 فرد، وما يصل إلى 50 سفينة من أكثر من 60 دولة شريكة ومنظمة دولية تعمل في منطقتين".

ومن أبرز الدول المشاركة فيه تركيا والسعودية والإمارات والبحرين وعُمان ومصر والأردن والسودان والمغرب وجيبوتي والصومال واليمن و"إسرائيل"، إلى جانب حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وهذا التمرين البحري الدولي هو حدث تدريبي بحري لمدة 18 يوماً تقوده القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.

ويسمح التمرين للقوات المشاركة باختبار الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي بسيناريوهات تدريب مختلفة، وتطبيق الدروس على العمليات المستقبلية في العالم الحقيقي، حسب البيان الأمريكي.

وسيركز التدريب أيضاً على تعزيز القدرات في القيادة والسيطرة، والسيطرة على البحر، وعمليات الأمن البحري، والتدابير المضادة للألغام.

"محارب الصحراء"

وضمن المناورات المكثفة في المنطقة، وصلت قوة بريطانية، في 5 فبراير الجاري، إلى الكويت للمشاركة في تمرين "محارب الصحراء-2022" الذي ستجريه، في وقت لاحق من الشهر الحالي، إلى جانب القوات البرية الكويتية.

وفي سبتمبر الماضي، اتفق الجانبان على استئناف التمرين المشترك، وذلك ضمن خطة عمل جديدة وقعت على الدورة الـ17 للمجموعة المشتركة التي عقدت في لندن.

وتقوم القوات خلال التمرين على محاكاة عمليات اقتحام وحرب مدن، على مدار 4 أسابيع كاملة.

"تمرين التعايش"

ولم تقتصر المناورات الخليجية على المنطقة، فقد أعلنت وزارة الدفاع السعودية في بيان نشرته الوكالة الرسمية، في 8 فبراير الجاري، تنفيذ مناورات "التعايش" في مدينة ملتان بباكستان بمشاركة القوات البرية، الذي يستمر 60 يوماً للتدريب على الخبرات العسكرية للتعايش في أصعب الظروف.

ردع واستعداد

وحول دلالات هذه المناورات العسكرية المكثفة في الخليج العربي، يقول حسن عبد الله الدعجه، رئيس قسم الإعلام والدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال الأردنية: إن "التدريبات العسكرية تأتي ضمن السياق العام للوقوف على أتم الاستعدادات لما يجري في المنطقة من اختلال لتوازن القوى، وبروز قوى إقليمية تهدد قوى المنطقة، وخصوصاً الخطر الإيراني".

وأضاف الدعجه في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "هذه المناورات تأتي ضمن الجهود المشتركة للدول الخليجية والعربية الأخرى والصديقة لردع الخطر الإيراني وخطر الجماعات المسلحة الأخرى بالمنطقة".

وتابع: "الأمور مرتبطة بقضية تطور السلاح النووي الإيراني ومفاوضات فيينا التي حال انهيارها فإن طبول الحرب ستقرع لذلك، وعلى دول الخليج أن تعمل لمجابهة جميع الاحتمالات المستقبلية التي قد ينتج عنها هذا الاتفاق".

وزاد: "من جانب آخر فإن إيران تعزز قواتها وصناعتها العسكرية والتقنية؛ مثل الطائرات المسيرة، والصواريخ ذات المسافات البعيدة، وفي هذا السياق يأتي التنسيق بين جميع الدول العربية والدولية لتوحيد أنظمة الدفاع المشتركة، وتنظيم اللغة العسكرية والأمنية المشتركة، وتنظيم الاستراتيجيات لمجابهة أي خطر".

الخطر الإيراني

ورأى الخبير الاستراتيجي أن الخطر الإيراني يتهدد الدول الخليجية من الشمال ومن مناطق جنوب العراق التي يوجد فيها الحشد الشعبي الشيعي، ومن الحدود السورية العراقية، إضافة للتهديدات من خلال مليشيا جماعة الحوثيين في اليمن.

وأكد أن التهديد الحوثي أصبح واضحاً جداً من خلال ضرب مناطق حيوية في الإمارات ثلاث مرات، خلال الشهر الماضي، وأيضاً إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة تجاه أراضي المملكة العربية السعودية.

وقال: "من هذا الباب تأتي الجهود والمناورات لتقدم نوعاً من الردع لجميع التهديدات التي تواجه دول المنطقة".

وأشار الدعجه إلى أن الدول الخليجية والعربية عموماً تؤمن بالمقولة التي تنص على أنه "إذا أردت المحافظة على السلام فعليك الاستعداد للحرب".

واعتبر أن هذه الاستعدادات تأتي لتوجيه رسائل تحذيرية ومن باب الردع بجميع أصنافه العسكرية والأمنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى