​بُني على الحدود الروسية الأوكرانية بين عشية وضحاها

> «الأيام» عربي بوست:

>
كشفت صور التقطت بالأقمار الاصطناعية بناء جسر متنقل  وطريق جديد قرب حدود أوكرانيا وذلك بين عشية وضحاها، إذ تستخدم الجسور العائمة والجسور المتنقلة في الحروب لتسهيل انتقال القوات بسرعة من منطقة لأخرى لا يوجد رابط بري بينهما، ولا يستغرق بناؤها ساعات، رغم أن الجسور العادية تستغرق شهوراً وسنوات.

الجسور العائمة بين روسيا وأوكرانيا
أظهرت الصور التي نشرتها الصحف الغربية، الخميس 17 فبراير/شباط 2022، أنه جرى بناء جسر تكتيكي فوق نهر رئيسي في بيلاروسيا قرب الحدود الأوكرانية، في غضون يومين قبلها، وحسب صور الأقمار الصناعية Maxar وPlanet Labs، يقع الجسر والطريق الجديدان فوق نهر بريبيات في جنوب بيلاروسيا، على بعد أقل من نحو 6.4 كيلومتر من الحدود الأوكرانية، ويمكن أن تستخدمه القوات الروسية الموجودة حالياً في بيلاروسيا في الطريق إلى العاصمة الأوكرانية، كييف.

ورغم أنه ليس من الواضح من الذي شيد الجسر العائم، هل هي روسيا أم بيلاروسيا، فإن كلا البلدين لديه قوات تتدرب معاً في بيلاروسيا، وفق موقع Bussiness Insider الأمريكي، ورغم أنه لم تشاهد أي تجمعات لمدرعات بالقرب من الجسر، فإن قوات روسية انتشرت بمواقع متقدمة، على بعد نحو نحو 128 كيلومتراً إلى الشرق، وشوهدت قافلة واحدة على طريق مؤدٍّ إلى المنطقة.

البناء السريع للجسر الذي يعتبره الخبراء العسكريين جزءاً من البنية التحتية الداعمة التي تضعها روسيا قبل الغزو المحتمل لأوكرانيا- طريقة تكتيكية قديمة استخدمت في حروب كثيرة، واستخدمت أيضاً بعيداً عن الأغراض العسكرية.

تاريخ الجسور العائمة 
الجسور العائمة تبنى منذ آلاف السنين للأغراض العسكرية وأغراض أخرى، وذلك عبر استخدام عدد كبير من العوامات وربط بعضها ببعض بشكلٍ غير محكم بحيث تعتبر ممراً مرناً فوق أسطح المياه، إذ يكون ربطها غير محكم؛ حتى لا تنكسر مع أمواج المياه المتحركة، لكن تكون مربوطة بشكل جيد يتحمل مرور القوات فوقها دون السقوط.

وهو ما يعني أن الجسر العائم عبارة عن مجموعة من القوارب أو العوامات المتصلة معاً لعبور نهر أو قناة  مائية، ومدى طفو هذه العوامات حسب المادة المصنعة منها هو ما يحدد مقدار تحملها من أحمال فوقها، ويمكن أن تكون القوارب الداعمة أو العوامات مفتوحة أو مغلقة، مؤقتة أو دائمة في التركيب، ومصنوعة من المطاط أو المعدن أو الخشب أو الخرسانة، وقد يكون السطح مؤقتاً أو دائماً، ومصنوعاً من الخشب أو المعدن المعياري أو الأسفلت أو الخرسانة فوق إطار معدني.

فيما يعتقد أن أول جسر مائي بُني في عام 536 قبل الميلاد بأمرٍ من أول ملوك فارس كورش الكبير، وذلك باستخدام طوافات مغطاة بالجلد، كما استخدمه الجيش الفارسي تحت حكم الملك زركسيس أثناء الغزو الفارسي لليونان عام 480 قبل الميلاد، وقد سمح الجسر العائم الأول للجيش الفارسي بعبور مضيق الدردنيل الواقع بين القارتين الأوروبية والآسيوية، وفق موقع Thortech البريطاني.
ابتكر المهندسون طريقة بناء الجسر عبر سفينتين كبيرتين ودعم رسوه فوق المياه، ويتم دعمه في المنتصف بواسطة سفن أصغر، لكن بسبب شدة أمواج البحر والظروف الجوية على ما يبدو دمر الجسر، لكن الفرس حاولوا مرة ثانية حتى استطاعوا بناء الجسر بشكلٍ ناجح. إذ يصور عمود ماركوس أوريليوس في روما الجنود والخيول وهم يعبرون جسراً معلقاً فوق عدد من القوارب الصغيرة تحته.

حملت الجيوش الأكثر حداثة، مثل جيوش نابليون، عوامات جاهزة من الخشب أو النحاس أو مواد أخرى إما مغلقة وإما مفتوحة لبناء الجسور العائمة، وفق موسوعة Encyclopedia Britannica.

تطور شكل الجسر العائم خلال الحرب الأهلية الأمريكية، ففي البداية كانت القوارب الصغيرة لا تزال تستخدم لنقل مكونات الجسر، ولكن بعد ذلك تم استخدام الإطارات الخشبية المغطاة بالقصدير أو النحاس لبناء عوامات، كانت العوامات إما خشبية مؤطرة مغطاة بالقماش، أو القطن، أو المطاط الهندي.

كان أطول جسر تم بناؤه خلال الحرب الأهلية، الجسر العائم الذي بني فوق نهر جيمس في العام 1864، حينها قام المهندسون بوضع 101 عوامة على جانبي النهر لبناء جسر يمتد أكثر من 600 متر، وفق موقع Encyclopedia Virginia الأمريكي.

كانت تيارات المياه قوية للغاية لدرجة أنه تم وضع العديد من السفن الشراعية في منتصف الطريق عبر الجسر لتوفير الدعم المطلوب، وانتهى بناء الجسر في نحو سبع ساعات في 14 يونيو/حزيران 1864، ولمدة ثلاثة أيام بعد ذلك سار خط من سيارات الإسعاف وعربات الإمداد امتدت نحو 80 كيلومتراً فوق الجسر، كما تم نقل القوات عبر الجسر قبل أن يتم تفكيكه في صباح اليوم الرابع.

وقد أجرى الجيش الأمريكي في القرن التاسع 10 تجارب على عوامات مطاطية تعمل بالهواء المضغوط لبناء جسوره العائمة، وتخلص منها باعتبارها أقل قابلية للخدمة من الخشب أو المعدن، ولكنها عادت لاستخدامها في شكل محسَّن تخدمه ضواغط الهواء خلال الحرب العالمية الثانية.

استمرت الأهمية الاستراتيجية للجسور العائمة في النصف الثاني من القرن العشرين أيضاً، إذ تم استخدامها خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 ضد إسرائيل، وفي أثناء حرب البلقان في التسعينيات.

ورغم أن الاستخدام العسكري هو الغالب على الجسور العائمة سريعة التركيب، فإنها استخدمت أيضاً في استخدامات أخرى مدنية وتطبيقات غير عسكرية في العصر الحديث، لكن غالباً ما تكون جسوراً عائمة طويلة المدى لا تعرقل حركة الملاحة البحرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى