الحرب على الجنوب ليس آخرها الغش في المياه المعدنية!

> استهلال:

غير أني منذ أن أصبحت نهرا
دارت الدنيا على قلبي
وأنهيت إلى نبعي مصبي

فاستحمي بمياهي مرتين (1)
الحرب هي الحرب، فالحرب واحدة في وقعها وفي نتائجها الكارثية المدمرة سواء كانت هذه الحرب هي حرب أهلية كما عرفناها منذ الحروب البدائية وإلى يومنا هذا، وكما هي الحروب الإقليمية، وكذلك الحروب الكونية؛ كالحربين العالميتين الأولى والثانية، والتي كانت من تداعياتها الحرب الباردة، وهذه الأخيرة وبحسب علم الجميع فتحت آفاقًا واسعة أمام تجار الحروب من خلال تبنيهم لكثير من مصفوفات الحرب وآلياتها التي لا غنى للمتحاربين عنها في كسب الحرب وما بعدها وتجييرها لتحقيق انتصارات لها، وفي العمق الاستراتيجي الأكثر تأثيرًا أي إلحاق أكبر الضرر والأذى في العنصر البشري، وقد حق قولهم بإن الحرب لا أخلاق لها، وهذه واحدة من الحقائق التي عاشها ويعيشها الجنوبيون كل يوم.

حقًا لم تتغيّر هذه الاستراتيجية العسكرية بل بقيت بألياتها وبالًا على المجتمعات، وتهديدًا لقيمها ومدنيتها وذلك عبر زعزعة أمنها واستقرارها وسكينتها، وفقًا لأهداف مسبقة مخطط لها بعناية تامة، وفي الأولوية منها إعلاء مصالح المنتصر فوق أية مصلحة، ومن أجل هذه المصلحة لابد من إحراق وتدمير كل شيء، وبلغة العسكريين إحراق الأخضر واليابس، وهكذا مصلحة مثبتة بوقائع صادمة في العالم، ولماذا نذهب بعيدًا فهذا الجنوب نموذج لا أغالي إذا قلت إن الحرب المفروضة عليه مازالت وعلى أكثر من صعيد، ولعل أهم هذه الأصعدة الصعيد المعيشي لحياة الناس وأرزاقهم، وتتجسد في العقوبات اليومية الجماعية في الخدمات العامة، وانهيار العملة اليمنية عمدًا، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وقطع الرواتب، والإصرار الجنائي القاتل إلى هدر كرامة الجنوبيين وتحويلهم إلى شعب جائع ومتسول ينتظر العون من منظمات لا علاقة لها بالجانب الإنساني إلا بالاسم وحسب، وتتحكم بها عناصر العهد البائد، وقيادات نافذة في الشرعية وهذه مجتمعة، لها مصالحها الخاصة المعروفة، إضافة إلى مصالح دول بعينها معروفة وهذه هي الأخرى حريصة كما تثبت الشواهد على ألا يقطف شعب الجنوب ثمار انتصاراته في حرب 2015م وما تلاها مؤخرًا من صحوة جنوبية في محافظات شبوة وحضرموت، وقريبًا جدًا في محافظة المهرة.

وفي هذا السياق جرت وتجري عملية إهانات الجنوبيين بطرق وأشكال متعددة وللأسف بأيدي ووجوه جنوبية انتهزت الفراغ القاتل للسلطات المحلية وعجزها عن مواجهة الواقع بجدارة ومسئولية تحت تلاعبات الحكومة الشرعية وتوظيفها كل ما يمكن إعاقة ومنع ظهور الجنوب المرتقب بأي طريقة ووسيلة وهنا لا يمكن لنا أن نغض الطرف عما تم فضحه مؤخرًا من عمليات غش في المياه المعدنية، والتي نعرف ويعرف الجميع أنها تندرج في إطار استمرار الحرب الخبيثة على الجنوب وشعب الجنوب، وقادم الأيام سيكشف المزيد من هذه الألاعيب قوى الفيد والاحتلال.

خاتمة:

غير أني منذ أن أضحيت صحراء

نزعت الشمس عني

وجعلت الماء، في الرمل، يغني

فاغرفي مني سرابًا باليدين

هل دمي صاعقة أم عاشقة؟

أم هي النار التي توغرها حرب اثنتين؟

هكذا أمسيت لا في الحرب

لكن في حرب، وانتهاكات ونار عالقة. (2)

هامش:

الاستهلال والخاتمة (١)، (٢) من قصيدة للشاعر الفلسطيني أحمد دحبور

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى