سكان عدن يحاولون تجاوز آثار الحرب التي تركها الحوثيون

> «الأيام» العرب:

> النزاع في اليمن يتسبّب بمقتل أكثر من 377 ألف شخص

يُحاول سكان مدينة عدن الواقعة جنوب اليمن استئناف حياتهم الطبيعية بعد ابتعاد المعارك نسبيا عنهم، لكن آثار الحرب التي تركها الحوثيون المدعومون من إيران خلفهم لا تزال تذكرهم بالحرب.

وعلى الرغم من الهدوء، إلا أن كل شيء يذكّر سكان عدن بأن الحرب مستمرة في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات: أبنية مدمرة، جدران مثقوبة، وصور تحيي ذكرى القتلى في كل مكان.


ويقول محافظ المدينة أحمد حامد لملس خلال زيارة لصحافيين إلى مكتبه “مازلنا نعاني من آثار الحرب”، مضيفًا أن العام 2015 “كان بمثابة كارثة على عدن، دُمّرت البنية التحتية وتحطمت منشآت كثيرة”.
أحمد حامد لملس
أحمد حامد لملس


وبدأ المتمردون الحوثيون حملة عسكرية ضد الحكومة في اليمن في العام 2014 للسيطرة على مقاليد الحكم، منطلقين من معقلهم بصعدة في الشمال، فاستولوا على مناطق عدة بينها العاصمة صنعاء. ووصلوا إلى عدن في العام 2015 وبقوا فيها لأشهر عدة، قبل أن تطردهم منها القوات الموالية للحكومة اليمنية. وتتّخذ الحكومة اليوم من المدينة الساحلية مقرًا مؤقتًا لها.

وتقود المملكة العربية السعودية التحالف العربي الذي دخل على خط المواجهة في اليمن في 2015 لدعم الحكومة المعترف بها دوليًا في مواجهة الحوثيين.

وشهدت عدن أيضًا تفجيرات عدة تبناها تنظيم الدولة الإسلامية الذي ينشط في مناطق يمنية عدة، وقتالًا بين قوات الحكومة وقوات الانفصاليين الجنوبيين في 2018، ومرة أخرى في 2019، انتهى بمصالحة لإنقاذ التحالف في مواجهة الحوثيين.

وقرب الكورنيش في منطقة خور مكسر، ترتفع صورة محافظ عدن السابق جعفر سعد الذي اغتاله تنظيم الدولة الإسلامية في أواخر 2015، مع عبارة “عدن لن تنساك”. وقد سمّي الكورنيش على اسمه، ونجا لملس كذلك من محاولة اغتيال في أكتوبر الماضي.

وتسبّب النزاع في اليمن بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وفقًا للأمم المتحدة.

سكان عدن يحاولون تجاوز آثار الحرب التي تركها الحوثيون
سكان عدن يحاولون تجاوز آثار الحرب التي تركها الحوثيون

وفي مطار المدينة الذي استهدف في الثلاثين من ديسمبر 2020 بصواريخ بالستية، لم يسع أحد لترميم فجوة ضخمة ناتجة عن القصف في أحد جدران صالة الوصول.

وتسبّب الهجوم في حينه بسقوط 26 قتيلًا على الأقل.

ويقول لملس إنّ الأوضاع المعيشية أثّرت “على الحالة النفسية للناس”، مشيرًا إلى أنّ عدد سكان عدن تجاوز ثلاثة ملايين بعد الحرب مع وصول مئات الآلاف من النازحين إليها، مقارنة بمليون قبل الحرب، لكنه يتمسك بالأمل قائلًا "مازالت عدن صامدة وتعود للحياة".

وترتفع أعلام دولة "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" (دولة اليمن الجنوبي سابقًا) في كل مكان، بينما تنتشر حواجز عسكرية تابعة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في كل الشوارع تقريبًا، توقف السيارات وتفتشها وتدقّق في هويات ركابها.


وخُطّت على بعض جدران المدينة شعارات من بينها "القات مضيعة للوقت والمال"، في إشارة إلى استهلاك نبتة القات المتوارثة عبر الأجيال، والتي تتمتع بشعبية بالغة لدى السكان، لكن يُنظر إليها أيضًا على أنها تحد من النشاط ويمكن أن تتسبب بتباطؤ في الإنتاج.

وتشير التقديرات إلى أنّ نحو 90 في المئة من الذكور البالغين يمضغون القات طيلة ثلاث إلى أربع ساعات يوميًا في اليمن الذي يواجه الملايين من سكانه خطر المجاعة. وتمضغ النساء أيضًا القات، وكذلك الأطفال.

ويشكو السكان من انقطاع الكهرباء المتكرّر وعدم توفر الخدمات وارتفاع الأسعار، إذ شهد الريال اليمني انهيارًا حادًّا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ما أثر على القدرة الشرائية للكثيرين.

وعلى الرغم من كون السمك وجبة مفضلة للكثيرين من سكان هذه المدينة الساحلية، فإنّ الظروف المعيشية الصعبة جعلتهم يعزفون عن شرائه.

ويتحسّر بائع الأسماك عمار عبدالله محمد (52 عامًا) على تراجع أعداد الزبائن، ويقول لفرانس برس “الأسعار مرتفعة قليلًا. الأسعار كانت متدنية سابقة، اليوم، فقط من يملك المال يشتري السمك”.

ويشير الأب لثلاث فتيات الذي يعمل في السوق منذ ثلاثين عامًا “قبل الحرب كان كل شيء رخيصًا”.

أوضاع معيشية سيئة

ومع اقتراب فصل الصيف، يعبّر كثيرون عن قلقهم من ارتفاع درجات الحرارة في ظل انقطاع متواصل للكهرباء ونقص في الديزل لتشغيل المولدات.

وفي منتجع على شاطئ البحر يعتبر من الأماكن القليلة التي تشكل متنفسًا في المدينة، تقول سيدة كانت برفقة صديقتين، وكنّ يدخنّ الشيشة والسجائر الإلكترونية “لدي خبرة في (عمل) الفنادق والمكياج والمحاسبة”، مشيرة إلى أنها تعمل في المجالات الثلاثة لكسب قوتها.

وتضيف “الرواتب ضئيلة والوضع صعب وأكافح لعيش حياة كريمة”.

ويحاول سكان عدن المضي في حياتهم الطبيعية وتخطّي تداعيات الحرب، على الرغم من شكوك كثيرة تحيط بالمستقبل.

وتقول الشابة عبير (31 عامًا) في المنتجع “نبحث عن الماء والغاز والبترول، ولكننا نضحك”، مضيفة “لا إنترنت ولا شبكة هواتف ولا شيء”.

ويحمّل كثيرون في عدن الحكومة اليمنية مسؤولية تدهور الأوضاع، ولا يخفي البعض حنينهم إلى الانفصال مرة أخرى.

ففي عام 1967 استقل جنوب اليمن بعد ثورة مسلحة بدأت عام 1963 ضد البريطانيين الذين كانوا يسيطرون على عدن. وتركّز الخطاب السياسي في تلك الفترة في أوساط القوميين في الشمال والاشتراكيين في الجنوب الذين قاموا بتأسيس النظام الماركسي الوحيد في العالم العربي، على هدف واحد وهو توحيد اليمن وتحقّق ذلك في 1990.

وتتعالى أصوات اليوم منادية بالانفصال.

وتقول عبير (31 عامًا) “كلّه سيء. انفصلنا أم لا. لا نريد أن نتوحّد مع الحوثيين في الشمال، وهنا الوضع سيء”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى