تحدث عسكريون جنوبيون يتبعون قوة المنطقة الثالثة في محافظة مأرب، تحدثوا عن معاملة المسؤولين القائمين على المنطقة لهم التي وصفوها بالمناطقية السيئة.

وقال العسكريون إنهم حرموا من مستحقاتهم المالية والإكراميات، التي تصرف لمنتسبي المنطقة الثالثة، بسبب العنصرية ما تسبب بمعاناة حقيقة لهم ولأسرهم.

وكان عدد من العسكريين الضباط أدلوا لـ"الأيام" بمعاناتهم، فقد قال العقيد عبدالله محمد ناصر، بأنه لا يستلم معاشه بصورة شهرية وهو ما لا يحدث مع باقي أفراد المنطقة ممن هم من أبناء الشمال.

وأضاف: "أعيل أسرة مكونة من 18 فردًا، على راتبي وليس لدي راتب آخر سواه، وهو لا يفي بشيء، بينما أفراد المنطقة الثالثة يستلمون رواتبهم بانتظام ويستلمون أيضًا إكراميات بالريال السعودي، تصرف لمن هم جالسين في منازلهم، ونحن العقداء أفنينا أعمارنا في القوت المسلحة ولم نستلم مثلهم".

العقيد فيصل علي صالح الشعيبي، ينتمي هو الآخر للدفاع الجوي، يقول: "لم نستلم رواتبنا نهائيًا وأيضًا الإكرامية لم نستلمها مع أننا بصمنا عليها لكننا إلى الآن لم نستلمها، بينما أفراد المنطقة الثالثة يستلمونها بدلًا عنا، نعاني من ظروف صعبة، اثنان من أولادي (ولد وبنت) أخرجتهم من كلية الطب بسبب أني لم استطع الإيفاء بمصاريف دراستهم، وليس لدي دخل غير راتبي الذي لم استلمه بالأساس، كانوا كل سنة يعطونا راتبًا عدا الإكرامية لا نستلمها، فحرام عليهم أن يتقوا الله في أولادنا".

وأفاد العقيد صالح أحمد محمد الشاعري، بأنه خدم في الجيش 30 عامًا، ومع ذلك لم تحسب له أية مستحقات.

وأضاف: "منذ أربع سنوات حدثت لي إعاقة بقدمي، ولم أحصل من وزارة الدفاع على أي دعم للسفر لتلقي العلاج.. الشيء المؤسف أنني اضطررت لبيع بيتي لأجل العلاج، فأين وزارة الدفاع من حقوقنا".

ووجه العقيد أحمد عبدالله محمد الصوفي، من خلال "الأيام" مناشدة إلى الجهات الرسمية للمسؤولين وإلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكذا وزارة الدفاع قال فيها: "نحن نعاني من عدم الاستجابة لمطالبنا في الحصول على رواتبنا، وكذا إكراميتنا من المنطقة الثالثة بمأرب، خدمنا في القوات المسلحة أكثر من 40 عامًا، ولا يمكن في الأخير أن يكون جزاؤنا قطع رواتبنا، وكذا حرماننا من الإكراميات، لماذا لا يعاملوننا أسوة بمن هم موجودون وخدمنا معهم في مأرب"

40 عامًا هي مدة خدمة العقيد حميد أحمد محمد، الذي حرم من مستحقاته المادية فقط لأنه جنوبي.

وقال لـ"الأيام": "لم نتحصل على أي مستحقات سواء رواتبنا أو الإكراميات، وهذا أثر على معيشتنا اليومية، وديوننا تراكمت علينا، وكذا المشاكل والأمراض، ولم نستطيع حتى مساندة أولادنا في مواصلة تعليمهم، حقيقة نحن نمر بظروف قاسية جدًا والحياة باتت صعبة علينا".

ويصرف فضل عبده محسن علي، برتبة عقيد، قرابة 50 ألف ريال، لشراء الأدوية الخاصة به، معتمدًا بذلك على مرتبه الشهري الذي لا يصله إلا مرة أو مرتين في السنة، إلى جانب التزاماته الأسرية التي تعسرت بسبب تعنت قيادة المنطقة وحرمانه وزملائه الجنوبيين من مرتباتهم أسوة بباقي منتسبي المنطقة.

وطالب العقيد فضل محسن البكري، رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، بأن يأخذوا بعين الاعتبار سنوات الخدمة التي قدموها وما أخذته من أعمارهم وصحتهم، وأن يساووا بينهم وبين منتسبي المنطقة الشماليين على الأقل، في صرف الإكراميات وتسليم المرتبات شهريًا.

ناصر مسعود قاسم سعيد، محمود صالح ناشر، محمود قاسم أبوبكر الكاش، عبدالباري الغزالي، عمر طالب محسن، فكري حسن عبدالله، ومصطفى عبدالله علي، جميعهم ضباط ينتمون للمنطقة الثالثة برتبة عقيد، وجميعهم توجهوا لـ"الأيام" لنشر معاناتهم والممارسات العنصرية التي حرمتهم من حقوقهم المكتسبة ومن الإكراميات المالية التي تصرف بصورة منتظمة لجميع منتسبي المنطقة عدا الجنوبيين، وهو ما دفع بهم إلى مناشدة رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزارة ووزارة الدفاع بعد أن مر على معاناتهم وصبرهم على المعاملة المناطقية المقيتة التي لم تقدر سنوات خدمتهم التي تجاوزت أقلها 20 سنة.

ونظرًا للظروف المعيشية التي تعيشها البلاد عمومًا، بات من الصعب جدًا على هؤلاء تحمل ما يقاسونه من قبل قيادة المنطقة، والعيش على مرتب لا يتجاوز 50 ألف ريال يأتي مرتين في السنة في أحسن الأحوال، مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغلاء المعيشة عمومًا ومعاناة معظمهم إن لم يكون جميعهم من أمراض مزمنة، وتحملهم لمسؤوليات أسر بأكملها.

وتعد هذه الممارسات التي يتعرض لها الجنوبيون سيما من هم في السلك العسكري، من صور الحرب الباردة التي يراد منها إقصاء وتهميش والتقليل من كبار الضباط والقادة الذين خدموا في سلاح الجو وانتموا للجيش الجنوبي. ولاتزال حتى يومنا هذا مستمرة وتؤثر للأسف على أسر لا أشخاص، على الرغم من تعالي الأصوات المنادية للالتفات لهذه الفئة، إلا أن قيادة الدولة تأبى أن تنصفهم بحقوقهم التي لا يمكن نكرانها، وإن عدت لا تفي كما هو معتاد إلا أن ذلك لا يعني الرضا بواقع ينضح بالظلم على مستوى مؤسسات الدولة وعلى منتسبيها.