كلمات في رمضان

>
إن خلق العفو والسماحة على سمو منزلته، وعلو مكانته عند الله وعند الخلق، إلا أنه يعد من الخصال الغائبة بين معظم الناس، ولو تأمل المسلم ما يفوته من الأجر والخير بفوات هذا الخلق الجميل لتحسر على نفسه أسفًا.

فالعفو باب من أبواب العز والنصر، كما قال النبي–صلى الله عليه وسلم-:"وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا" [رواه مسلم].

والسر في أن العفو من مفاتيح العز هو أن الإحسان على درجات، وأثقل الإحسان على النفس هو نسيانها حقوقها، وتجاوزها عن مظالمها، وهذا لا يستطيعه إلا القليل من الناس، ومن المعلوم أن الله-جل َّوعلا- قد أخبر أنه مع المحسنين، وأخبر أن العافين عن الناس هم المحسنون. فقال-سبحانه-: ((...وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))(آل عمران: من الآية134) ، وقال سبحانه: ((وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))(العنكبوت: من الآية69) ، فمعية الله-سبحانه-بحسب إحسان المؤمن.

ولّما كان العفو من أعلى درجات الإحسان فإن معية الله للمحسن تكون مناسبة لتلك الدرجة، ومعيته سبحانه للمؤمن هي معية علم وتأييد ونصر، وهي معية خاصة بالمؤمن دون سواه، بخلاف معية العلم التي تعم الخلائق كلها.

ومن هذا يتبين لنا أن العفو هو أوسع أبواب العز، وأقلها كلفة، وأسهلها على النفوس مقارنة بالأسباب الأخرى، ولذلك عدّ العلماء العفو هو حسن الخلق نفسه.

قال "شيخ الإسلام ابن تيمية"–رحمه الله-:"وجماع الخلق الحسن مع الناس أن تصل من قطعك بالسلام، والإكرام، والدعاء له والاستغفار، والثناء عليه، والزيارة له، وتعطي من حرمك من التعليم، والمنفعة، والمال، وتعفو عمن ظلمك في دم، أو مال، أو عرض، وبعض هذا واجب، وبعضه مستحب".

ولا يتصور عفو إلا بكف الغضب، وكظم الغيظ، ولقد تقرر في السنَّة أن كف الغضب باب من أبواب الستر، كما قال–صلى الله عليه وسلم- :"ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته" [الطبراني ، وحسنه الألباني].

لا تظن أن العفو، وكف الغضب، وكظم الغيظ، سمة ضعف في الإنسان بل هو دليل الشدة، والقوة، وبعد النظر، والعقل، والحكمة، قال رسول الله–صلى الله عليه وسلم-:"ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" [رواه البخاري].

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى