الرؤساء العرب لا يتنحون

> «الأيام» القدس العربي:

> أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تفويض سلطاته لمجلس قيادة رئاسي، الخميس الماضي، وهو تطوّر كبير قد يسمح بتجاوز الاستعصاء الكبير في البلاد التي طحنتها الحرب التي أدّت إلى فوضى كبيرة وأشكال من الفقر والمجاعة والمرض، والتدخلات العسكرية الخارجية.

باعتباره نائب الرئيس، كان هادي الخيار السلميّ المتاح للحلول مكان الرئيس علي عبد الله صالح إثر قيام انتفاضة شعبية واسعة ضد الأخير ونظامه عام 2011، وقد نظر إلى هادي، في انتخابات عام 2012، التي كان المرشح الوحيد فيها، كالشخص الأنسب، وهو الجنوبي والقيادي السابق في الجيش، لترميم الجراح التاريخية بين شمال البلاد وجنوبها، ولقيادة المرحلة الانتقالية التي كان يفترض أن تكون لمدة عامين فحسب.

النتيجة كانت كارثية، فبدلا من تعزيز مطالب الإصلاح السياسيّ التي نادى بها اليمنيون، ومن تطوير الشعور الوطنيّ العامّ الذي انتظم البلاد خلال الثورة، فشل هادي في ردع «النظام القديم»، ورئيسه علي صالح، من تقويض سلطته، وتراجعت قوة الثورة ودعوات الحكم المدني والديمقراطي لصالح التيارات المتطرّفة، وبدأ الانهيار الطويل للاقتصاد اليمني، وانخرطت البلاد في حرب أهلية.

لم يفشل هادي في إبقاء البلاد موحدة فحسب، بل إن الحوثيين، بمساعدة وحدات جيش موالية للرئيس السابق، سيطروا على العاصمة صنعاء، وقاموا باعتقاله عام 2015، وشكّلوا، باعتبارهم ذراعا طويلة لإيران، خطرا كبيرا على المملكة العربية السعودية ودول الخليج.

ورغم تمكن هادي من الفرار، وتدخّل السعودية العسكري لصالحه (في مارس من العام نفسه)، فقد خسر عاصمة الجنوب، عدن، لكن هذه المرة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، المدعوم من الإمارات.

لقد تمّ «كشّ الملك» مرّتين، وفي كلا الواقعتين، لم يتمكّن هادي من الحفاظ على سلطته ولا الموقع الجغرافي الذي احتلّه، مرة بقوة المنتفضين اليمنيين، والمرة الثانية بتدخل السعودية العسكريّ، وبعد انتقاله الثالث، إلى خارج اليمن، وإقامته في الرياض، فقد هادي، عمليا، السلطة والجغرافيا وفقد، على الأغلب أيضا، احترام اليمنيين، وكذلك احترام رعاته السعوديين.

يمكن لهادي أن يشكو حظّه العاثر، وانقلاب الحلفاء والأعداء عليه، كما يمكن أن يتساءل لماذا سمح السعوديون لحلفائهم الإماراتيين بتنفيذ انقلاب أنصارهم الانفصاليين عليه في عدن، بعد أن نجا من أيدي الحوثيين في صنعاء، ويمكنه أن يعتبر قبوله بالبقاء كل هذه السنين، رئيسًا (ولو من خارج البلاد) كدليل على الصلابة وإرادة التحدي، لكن الأغلب ألا يرى الناس، في كل ذلك، سوى تمسك واهٍ بسلطة لم يعد يستحقها، ورفض للإقرار بفشل ذريع. ليس هادي، على أي حال، سوى رئيس عربي، والرؤساء العرب لا يتنحّون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى