​عدن بين النور والظلام .. شوارع مزينة بأضواء متلألئة ومنازل مظلمة

> عدن«الأيام» فردوس العلمي:

> تباين في الآراء حول أضواء الزينة الرمضانية في ظل الأزمات عدن بين النور والظلام  شوارع مضيئة ومنازل مطفية 
بين من يراها مدعاة للفرح، وبذخًا يعكس تقليدًا أعمى..

عندما تتجول في شوارع مديرية صيرة في عدن خلال الشهر المبارك لقضاء مشاويرك وشراء احتياجاتك، فتخرج من بيتك وأنت تلعن الظلام ثم فجأة تجد نفسك بين شوارع مضاءة وزينة تتلألأ مغطية سماء المدينة، ولا تشعرك إلا ببهجة مصطنعة وفرحة ناقصة،"الأيام" ترصد لكم آراء المواطنين في مديرية صيرة حول أضواء وزينة رمضان  التي تزايدات هذا العام بشكل لافت للنظر، فهناك من هو سعيد بها ويراها سببًا للفرح، وبالطبع هناك من ينتقد ويرى بأنه كان من الأجدى شراء مواد غذائية للأسر المعدمة كلا في منطقته بدلًا من شراء أضواء الزينة.

موسى شاب يبلغ من العمر 36 عامًا، قادم من المهجر وغربة 10 سنوات بعيدًا عن مدينة عدن، فكان قد سافر لاستكمال الدراسة خارج البلاد لكنه لم يتمكن من العودة بسبب الحرب حينها.


قال:"عندما تسير في شوارع وأزقة مديريات مدينة عدن خاصة مديرية صيرة ينتابك شعور أنك في إحدى الولايات المتحدة الأمريكية مثلًا كأنك في إحدى المدن السياحة في  لاس فيغاس، لذا تشعر بالفخر والاعتزاز  بأن بلادك مضاءة ومنورة، وحين تعود من رحلة تسوقك وتلج إلى منزلك تصدم بالظلام إلا من بعض الأنوار في أحد الغرف على  استحياء هنا تشعر بمعنى الصدمة، وتفوق من حلمك المجنون".

ويؤكد موسى بأنه في عدن "يعيش الناس في تناقض ومن وجعهم يحاولوا سرقة الفرح وزرع آمالهم  وسط آلامهم، شعب عدن شعب جبار يصنع  بهجته بنفسه بعد أن تخلت عنه حكومته"، متمنيًا أن تعيد الحكومة النظر في واقع الكهرباء فليس من المعقول أن يكون وضع الكهرباء هكذا  ونحن نتجاوز القرن الواحد والعشرين  وعدن كانت السباقة في وجود منظومة الكهرباء، حسب تعبيره.


أم سالم، من سكان مدينة عدن قالت:"خرجت من بيتي عشان أشوف النور في الشوارع فنحن محرومون منه في بيوتنا، نفطر بالظلام و نتسحر بالظلام وشوارعنا مضاءة بكل هذا الأنوار،لا نعرف أيش نسميه، هل هو بذخ بالعطاء والكرم أو هروب من وقع مرير نعيشه، ناقص نشل سفرة الفطور أوالسحور ونفطر في الشارع تحت الأضواء أو  نتسحر تحت هذا الأضواء المبهجة".

وتضيف:"واقعنا متعب ونلجأ إلى سرقة الفرحة، ونبني آمال ربما تطيح بنا عندما نعود لواقعنا المظلم في بيوتنا"، وبكلمات قهر قالت: "خليني بالله، خرجت من بيتي وما فيه قطرة ماء والكهرباء مقطوعة والمطبخ فاضي، نحن شعب مظلوم وبالرغم من هذا لا نفقد الأمل بالله، وربي قادر يحول حالنا من حال لحال".

الصحفي علي النقي، بدء حديثه بتقديم التهاني بمناسبة الشهر الكريم قائلًا:"بداية كل سنة وأنتم بخير ورمضان مبارك و ينعاد علينا وعليكم بالخير والسلام".
علي النقي
علي النقي

وعلق:"الأضواء في الشوارع والأسواق العامة وواجهة المحال التجارية و المولات في ظل انقطاع الكهرباء على المنازل هي ظاهرة في الأجواء الاعتيادية التي ينعم بها الجميع بخدمة متساوية طبيعي جدًا،و لكن غير الطبيعي في فترة غير اعتيادية تشهدها عدن من تدهور في الخدمات العامة وأبرزها الكهرباء".

و يفسر النقي، بقوله:"سوء التخطيط من قبل المؤسسة العامة للكهرباء والناتج عن سوء التخطيط من قبل الحكومة، وهذه الظاهرة تحمل رسالة سياسية بتوقيت مساء عدن المشرق بأنوار الأسواق العامة بينما المواطن يعاني الحرمان من خدمة الكهرباء، وغياب التوزيع العادل لخدمة الكهرباء بين المواطن وفئات أخرى".


وحسب قوله هذه الحالة تنتجه ترتيبات منها أن هناك سحب مضاعف لتوليد الكهرباء من قبل أصحاب المحالات التجارية والمولات وغيرها على حساب حصة المواطن الذي لا يمتلك القدرة على شراء خازنات للكهرباء بقدرة توليدية عالية، ما يؤدي لحرمان الساكنين من خدمة الكهرباء لساعات طويلة بسبب السحب للطاقة من قبل أصحاب المحالات التجارية ولعل مؤسسة الكهرباء تفكر في الموارد كون أصحاب المحالات يقومون بتسديد فواتير الكهرباء، وإن كان على أقساط غير أن استمرار هذه الظاهرة سبب رئيس في تراجع الناس عن تسديد فواتير الكهرباء كون الخدمة شبه معدومة، ولا تلبي حاجة المواطن في الاستخدام لها"، كما قال النقي.

ويقدم  الصحفي النقي، دعوة لمؤسسة الكهرباء والسلطة المحلية لاسيما في الشهر الفصيل رمضان، بأن تراعى حاجة المواطن للكهرباء كون هناك المريض والمسن والطفل والمرأة التي تقضي معظم وقتها في المطبخ وإلى الاهتمام بحق المواطن كونه حق قانوني وإنساني ملزم وعلى الحكومة وسلطاتها المعنية باحترام وكفالة هذا الحق،"فنحن ما نزال في بداية الصيف وأوضاع الكهرباء غير سارة".
اديب أنور
اديب أنور
د.أنهار فيصل قالت:"الناس بحاجة للفرح فقد مضى عامان، عم الحزن فيها  وكورونا جعلت في كل منزل حزن بسبب موت أخ، أو أم، أو أب،  أو جار، لهذا الناس ما تصدق تجد شيء تفرح به رغم الغلاء الذي يطحن الجميع لكن الناس تريد أن تفرح".
دكتورة انهار فيصل قائد
دكتورة انهار فيصل قائد

 وبدوره يصف المواطن أديب أنور، الزينة والإضاءة المعلقة في طرقات عدن بأنها"حاجة مبتذلة" وتقليد أعمى، "كل مرة تكون بشكل خفيف لكن هذا العام زاد عن حده، حال البلد لا يسمح بهكذا زينة وإضاءة ملفتة فكان من المفترض مبالغ شراء الإضاءة والزينة تروح لأسرة محتاجة ومتعففة، فهناك الكثير من الأسر معدمة وهم بحاجة إلى لفتة كريمة وكان ممكن يساعدهم التجار بتخفيض الأسعار وليس بإضاءة الشوارع والبيوت مظلمة".


وتابع:"زينة الشوارع مثلها مثل حفلات التخرج، حيث يتخرج الطالب ويلبس زي التخرج والجرز الفل وهو فاشل والإضاءة تضوي الشوارع والبيوت مظلمة".
سما محمد الحريبي
سما محمد الحريبي

رئيس الرابطة الإعلامية الجنوبية سما محمد الحريبي، توضح رأيها في الزينة والإضاءة التي أغرقت شوارع عدن قائلة:"خطوات ممتازة لكن المهم أن تراعي أهمية أن تكون الأضواء مرتبطة بالطاقة البديلة لأننا نعاني أزمات كبيرة بسبب أن محطات الكهرباء غير قادرة على تحمل أحمال جديدة وهذا ما تعتمده الآن أغلب الدول"، مؤكدة بأن إنارة الشوارع و الأحياء سيزيل الخوف الذي عشعش طيلة الثمان السنوات الماضية في قلوب أهالي عدن.

وأضافت بأنه يجب  فتح المجال للتجار والمستثمرين في دعم الإنارة وفق برامج وخطط يمكن أن تخلق شراكة يستفيد منها الجميع، فالتاجر يهمه إنارة الشوارع التي توجد فيه محلاته، حسب قولها.


الشاب أدهم مهيوب قائد سيف، صادفناه يسير في أحد شوارع كريتر وهو يرتدي تاج مضي، وقال عنه:"هذا من أجل رمضان وفرحة رمضان نحسس الآخرين بأن رمضان  شهر  خير وبركة".[img]ادهم مهيوب قائد سيف.webp[/img]

وتابع :"نحن علينا كشباب أن نضيء الشوارع  وإن شاء الله الحكومة تضيء لنا المنازل، وهذا شهر فرحة ولا شيء يكسر فرحتنا، نحاول أن نوجد الفرح بأي صورة".

أما سعيد أحمد محمد قاسم، الذي يعمل على طاولة صغيرة أطلق عليه "شبس الأندلس" قال:"هذه أضواء رمضانية تشعرنا بالبهجة والفرح تشعرنا بأجواء رمضان فهذا الأضواء تنسيني  همومنا من غلاء وانقطاع الكهرباء والماء فبرغم الحروب نتنفس في هذا الشهر".
سعيد احمد محمد قاسم
سعيد احمد محمد قاسم

ومصطفي هشام علي البخش، صاحب بسطة يبيع فيها ربطات شعر للبنات قال:"إضاءة الشوارع شيء جميل تسعد الروح بأنك في شهر مبارك وأن القادم أجمل".
مصطفي هشام علي البخش
مصطفي هشام علي البخش

وعن فكرة هذه الإضاءة  للشوارع قال :"هي فكرة الشباب حيث عملنا على جمع مبالغ من المحلات التجارية حتى أصحاب البسطات دفع كلا حسب مقدرته  وعملنا على شراء هذه الإضاءة  وتعليقها لتزيين الشوارع بها، وبجهود شبابية، كل حي قام شبابه بهذا العمل".

وعلل:"دافعنا من هذا العمل أن تكون عدن دائما منورة رغم الحروب وارتفاع الأسعار ، فعدن شيء آخر ونحن من نصنع فرحتنا".

وتختلف أسعار الإضاءة من محل إلى آخر وأغلب البسطات في مديرية صيرة تبيع هذه الإضاءة بمختلف أشكالها  وألوانها، ومن أمام بسطة عليها الكثير من الإضاءات  التي  تتلألأ وأنواع مختلفة من الزينات يتحدث الطفل زين محمد، الذي كان يجلس في بسطة صغيرة أمام أحد المحلات يبع إضاءات مختلفة قائلًا:"تختلف الأسعار هنا الخمسين متر  15 ألفًا  والعشرين بـ7ألف  وهناك زينة بثلاثة آلاف وألفين".

"أغلب من يشتري منه هم نساء  وهي  فرحة رمضان الناس تحب تفرح وتزين بيوتها "، قاله زين.

منير عبدالقادر، شاب يعمل على بسطة وصف الإضاءة بأنه "فرحة الناس برمضان وهذه عادة نعملها من أربع سنوات".
منير عبدالقادر
منير عبدالقادر

وقال :"شوارعنا مضاءة رغم أن بيوتنا طافية وهذا يعوده للحكومة التي لا تهم شعبها فالحكومة رضت على شعبها فقدان الماء والكهرباء ونحن كشباب نرفض أن تكون شوارعنا مظلمة وهذه الإضاءة تساعد الناس وأصحاب البسطات أن يبعوا ويشتروا في أضواء كافية".


ويشاطره الرأي صاحب بسطة أخرى فقال:"نعم والله هذه الإضاءة تساعدنا ففي الزحمةويأتوا ضعاف النفوس  ويسرقون منا البضاعة أولًا بسبب الزحمة وثانيًا بسبب الإضاءة الضعيفة ولا نرى شيء، نشكر من كانت هذه فكرتهم  وعملوا على إضاءة الشوارع".

أحمد جراد مدرس ثانوية قال "إن هذه الأضواء والزينة الملونة المتلألئة في المنازل والمتاجر والمباني حتى المساجد إلى جانب إحراق الإطارات على سفوح الجبال وفي الأماكن المرتفعة تعبر عن فرحة الناس هنا في عدن الحبيبة بقدوم رمضان بروحانيته وبركاته وهي عادة مستمرة ومتوارثة منذ زمن حتى يومنا هذا".
أ. احمد جراد
أ. احمد جراد

وأضاف:"عادة فرحة الأهالي في رمضان في عدن عبر الإضاءات والنيران المشتعلة المنيرة وخروج الأطفال بالأهازيج الرمضانية تخفي وراءها هذه السنة وسنوات مرت تعاسة الأهالي وظلمة منازلهم لافتقارهم لمستلزمات رمضان من مأكل ومشرب وإذا توفر فإنه لا يفي حاجتهم، الخارج مضيء والداخل مظلم بانقطاع الرواتب عن عائلات كثر لا تجد قوت يومها متعففة لا يعلم حالها إلا الله".

وقال:"منازل كثيرة في عدن الحبيبة مظلمة من الداخل وخارجها مضيء كمن يضحك ويسلو وفي داخله ألم يقطع القلوب بسبب المعاناة الكبيرة التي المواطن يعانيها من غلاء فاحش وتدهور للعملة التي أصبحت بلا أي قيمة".

الطفل زين محمد وصديقة أمام البسطة
الطفل زين محمد وصديقة أمام البسطة

أحمد علي الحشاش، شاب جامعي قاهر للمستحيل يقول عن زينة رمضان:"نستطيع القول بأنها ظاهرة دخيلة وهي أول مرة بدأت تظهر هنا بعد حرب 2015 م".
أحمد علي الحشاش
أحمد علي الحشاش

ويضيف:"لا داعي له أبدًا خاصة وأن ديننا الإسلامي يدعوا إلى الروحانيات وهو شهر واحد في العام مفروض ما نضيعها بأشياء تبعدنا عن روحانيات الشهر الفضيل، ولكن نتيجة للوضع الاقتصادي والاجتماعي والوضع السيئ  وغلاء الأسعار  وضيق الحال فنحن المجتمع اليمني يخرج من أزمة لأزمة".

ويختتم تعليقه بالقول:"رغم  كل هذا المنغصات الناس تحاول تفرح بزينة البيوت و المحلات التجارية وتبين بأن الخير مازال في الدنيا، وهي حقًا تعبير عن فرحة المجتمع بالشهر الفضيل".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى