تحديات قانونية وعسكرية قد تعيق المجلس الرئاسي باليمن على أرض الواقع

> تعز «الأيام» القدس العربي:

> يواجه المجلس القيادي الرئاسي في اليمن تحديّات عديدة، وفي مقدمتها القانونية والعسكرية والتي قد تلعب دورًا كبيرًا في إعاقة أدائه السياسي، ويكون وضعه أسوأ مما كان عليه الوضع في عهد الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، حيث كان الأسبوع الأول منذ تشكيله حافلًا بالمتناقضات والاختلالات التي قد تكون مؤشرًا للوضع في المستقبل.

وتقف في مقدمة تلك التحديات، افتقاره للأسس القانونية والدستورية التي يفترض أن يكون أنشأ بموجبها، حيث تم إنشاء هذا المجلس الرئاسي، الذي يعد أعلى سلطة سياسية في البلاد، بدون سند قانوني أو مرجعية دستورية، واعتمد في ذلك على إعلان دستوري «مشكوك في قانونيته» وفقًا لخبراء في الشأن القانوني، وهو ما أثار انتقادات وتفسيرات كثيرة، رغم الارتياح الشعبي من انتهاء عهد هادي والتفاؤل في أن يكون المجلس الرئاسي بمثابة (المُخلّص) من الوضع اليمني البائس الذي أوصل الأزمة في البلاد إلى طريق مسدود.

وشبّه العديد من اليمنيين عملية «الهروب» السياسي من الوضع البائس لنظام الرئيس هادي إلى تشكيل المجلس القيادي الرئاسي كـ "المستجير من الرمضاء بالنار» ليس تشاؤمًا مبكرًا، ولكن نظرًا لعدم دستوريته وعدم واقعية الوضع الذي سيؤول إليه، لكثرة المعوقات العسكرية والاقتصادية والأمنية وغيرها، والتي تشكل جميعها معوقات أكثر تعقيدًا من المعوقات التي كانت تواجه منظومة الرئيس هادي التي أصيبت بالجمود وعجزت عن تحريك المياه الراكدة في الأزمة اليمنية منذ اندلاع الحرب نهاية العام 2014.

انتهى الأسبوع الأول منذ ولادة المجلس القيادي الرئاسي، من دون أن يتمكن من أداء اليمين الدستورية، حيث بمجرد الإعلان عن تشكيل المجلس، وقع أعضاؤه في ورطة، لا يعرفون أين وأمام من يفترض أن يؤدوا اليمين الدستورية، حيث انتفت سلطة الرئيس هادي بمجرد نقل صلاحياته لهذا المجلس، وأصبحت شرعية ولايته منتهية، كما أن مجلس النواب «البرلمان» الذي يمكن أن يكون البديل القانوني لأداء اليمين الدستورية، غير مكتمل ولا يمكن أن يحصل على النصاب القانوني للقيام بذلك، لانقسام أعضائه بين المجلس البرلماني في صنعاء الواقع تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين وبين المجلس التابع للسلطة الشرعية، وكلاهما يفتقر للعدد الكافي لانعقاد أي جلسة قانونية لهما، بالإضافة إلى وفاة العديد من أعضائه، منذ انتخابه في 2003 والذي أصبحت ولايته أيضًا منتهية.

وبعيدًا عن الجانب القانوني والدستوري، بدى المجلس الرئاسي في اليمن وكأنه مجلس لأمراء الحرب في الجانب الحكومي، حيث يتزعم 5 على الأقل من أعضاء المجلس الثمانية قوات مسلحة، بدءًا برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، مرورًا بقائد قوات الساحل الغربي العميد طارق صالح، وانتهاء بالرجل الغامض قائد قوات العمالقة عبدالرحمن أبوزرعة المحرمي، وهؤلاء موالون لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يكن مؤهلهم لتولي عضوية المجلس الرئاسي سوى تزعمهم لقوات وميليشيات تقع تحت سيطرتهم.

وفي المقابل لا يمتلك رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي، أي قوات حكومية أو ميليشيات مسلحة تحت سيطرته، وهو ما قد يضعف سلطته على أعضاء المجلس السبعة، ناهيك عن الضعف الذي قد يواجهها نفوذه على أرض الواقع في حال ظل أعضاء المجلس الرئاسي يسيرون بنفس العقلية والسياسة السابقة التي كانوا يسيرون فيها خلال فترة الرئيس هادي، حيث كان هؤلاء لا يعترفون بسلطته ويعملون صراحة للانقضاض عليها.

وفي الوقت الذي ظل فيه رئيس المجلس الرئاسي بعيدًا عن الأضواء طوال الأسبوع المنصرم، منذ الإعلان عن تشكيل مجلس الرئاسة، بدأ بعض أعضاء المجلس في عمليات الاستقطاب المبكرة للسياسيين والمؤثرين في الساحة اليمنية، بما في ذلك من المعارضين لسياساتهم، وفي مقدمتهم عيدروس الزبيدي وطارق صالح، وهما اللذان استحوذا على النشاط السياسي للمجلس كأعضاء فيه، واستأثرا بالأضواء الإعلامية طوال الأسبوع المنصرم، والذي يكشف مبكرًا عن إمكانية عدم توافق جميع أعضاء المجلس بشأن الصلاحيات المخوّلة لكل منهم وتضارب المصالح الرئاسية بينهم، والذي سينعكس سلبًا على الأداء الرئاسي.

وخرج رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي إلى العلن في ظهور نادر، الجمعة، يرأس اجتماعًا لأعضاء المجلس الرئاسي والحكومة والمحافظين والسفراء، استعرض خلاله الاتجاهات العامة لخطة عمله للفترة المقبلة، وآليات ترجمة المسؤوليات المناطة به وفق قرار التشكيل وتحويلها إلى خطط عملية تنفيذية، وفقًا لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» النسخة الحكومية.

وشدد الاجتماع على ضرورة التزام رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بـ«مبدأ المسؤولية الجماعية وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق، بما يتناسب مع دقة المرحلة الراهنة وبالاعتماد على الإجماع المحلي للقوى والمكونات السياسية والمجتمعية في إطار وحدة الصف الوطني لاستكمال استعادة الدولة وتخفيف معاناة اليمنيين» وهو مؤشر على انتقال عدوى الصراع السياسي السابق إلى العهد الرئاسي الجديد، والتي يحاول مجلس القيادة تجاوزها عبر آليات وضوابط جديدة للحد من تأثيرها على مسار الاستقرار السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي على أرض الواقع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى