​من معارك المسلمين

> حرب العدوان الثلاثي في 1956

هي الحرب التي شنتها كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956، وهي ثاني الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948،  بدأت جذور أزمة السويس في الظهور عقب توقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954 بعد مفاوضات مصرية بريطانية رافقتها مقاومة شعبية شرسة للقوات الإنجليزية بالقناة. في تلك الفترة كانت المناوشات الحدودية مستمرة بشكل متقطع بين الدول العربية وإسرائيل منذ حرب 1948، وأعلن عبد الناصر صراحة عداءه لإسرائيل، وضيّق الخناق على سفنها في قناة السويس وخليج العقبة، ما شجع الأخيرة ووجدت فيه تعليلاً لتدعيم ترسانتها العسكرية عن طريق عقد صفقة أسلحة مع فرنسا، فقرر عبد الناصر طلب السلاح من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أنهما ماطلتا في التسليم ورفضتاه في النهاية معللتين ذلك بوضع حد لسباق التسليح في الشرق الأوسط، لم يجد عبد الناصر بديلاً إلا أن يطلب السلاح من الاتحاد السوفيتي وهو ما قابله الأخير بالترحيب لتدعيم موقفه بالمنطقة، فقررت كلٌ من بريطانيا والولايات المتحدة الرد على الخطوة المصرية، والرد على رفض عبد الناصر الدخول في سياسة الأحلاف، ورفضه الصلح مع إسرائيل طبقاً لشروط الغرب.

رأى عبد الناصر في تأميم قناة السويس فرصته الوحيدة للحصول على التمويل اللازم لبناء السد العالي، وأعلن في 26 يوليو 1956 قرار التأميم، فقررت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل استخدام القوة العسكرية ضد مصر ، وفي 29 أكتوبر 1956 هبطت قوات إسرائيلية في عمق سيناء، واتجهت إلى القناة لإقناع العالم بأن قناة السويس مهددة، وفي 30 أكتوبر أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً يطالب بوقف القتال بين مصر وإسرائيل، ويطلب من الطرفين الانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس، وقبول احتلال مدن القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية بحجة حماية الملاحة في القناة، وإلا تدخلت قواتهما لتنفيذ ذلك بالقوة. أعلنت مصر بدورها رفضها احتلال إقليم القناة كما رفضت القيادة المصرية الإنذار رفضاً قاطعاً، فالإنسحاب مسافة 10 كيلومترات يعني التخلي عن مدن القناة ومجرى الملاحة في الوقت الذي كانت فيه تحت السيطرة العسكرية المصرية، كما أنها ستترك لإسرائيل حرية في الإستيلاء على أراضي شبه جزيرة سيناء بأكملها، وفي اليوم التالي (31 أكتوبر) هاجمت الدولتان مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية. ونظراً لتشتت القوات المصرية بين جبهة سيناء وجبهة القناة وحتى لاتقوم القوات المعتدية بحصارها وإبادتها، أصدر عبد الناصر أوامره بسحب القوات المصرية من سيناء إلى غرب القناة، وبدأ الغزو الإنجليزي الفرنسي على مصر من بورسعيد التي ضُربت بالطائرات ومن البحر تمهيداً لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات.

خلال ليلة 30 أكتوبر ويوم 31 أكتوبر سارعت القيادة المصرية بإرسال تعزيزاتها إلى سيناء وشرم الشيخ، وشرع سلاحها البحري في مهاجمة الشواطئ الإسرائيلية. ولكن عندما تأكدت من التواطؤ بين الدول الثلاث بعد القصف الجوي الأنجلو-فرنسي مساء يوم 31 أكتوبر، صدرت الأوامر خلال ليلة 31 أكتوبر ويوم 1 نوفمبر بانسحاب القوات من سيناء وعودة الفرقة الرابعة المدرعة التي عبرت في الليلة السابقة إلى سيناء، ووقف تقدم أي تشكيلات أخرى مع استمرار تمسك كتائب المشاة الست بمواقعها في سيناء لمدة 48 ساعة لحين إتمام الفرقة الرابعة المدرعة انسحابها إلى غرب القناة.

المذيع السوري عبد الهادي بكار يقطع البث الاذاعي فورا من اذاعة دمشق ويقول : "من دمشق .. هنا القاهرة"، وذلك بعد توقف البث الاذاعي المصري عند تعرضه للقصف في اللحظات الأولى للعدوان في 2 نوفمبر 1956
المذيع السوري عبد الهادي بكار يقطع البث الاذاعي فورا من اذاعة دمشق ويقول : "من دمشق .. هنا القاهرة"، وذلك بعد توقف البث الاذاعي المصري عند تعرضه للقصف في اللحظات الأولى للعدوان في 2 نوفمبر 1956

كما صدرت الأوامر بإرسال قاذفات القنابل من طراز (إليوشن) إلى صعيد مصر والسعودية خوفا من تدميرها وهي في مرابضها. ووضعت خطة حرب العصابات موضع التنفيذ، ووزعت الأسلحة على المتطوعين في المقاومة الشعبية، وجابت عربات الجيش الشوارع حاملة مكبرات صوت تدعو الناس إلى الجهاد ومقاومة الغزاة.  وعطلت الملاحة في قناة السويس بتنفيذ خطة كانت معدة مسبقًا بإغراق باخرة محملة بالإسمنت في عرض المجرى الملاحي.

قاومت المقاومة الشعبية ببورسعيد الاحتلال بضراوة واستبسال حرك العالم ضد القوات المعتدية، وفي 2  نوفمبر اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بوقف القتال، وتم وقف إطلاق النار ابتداءً من 7  نوفمبر، وفي 19  ديسمبر أُنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، تلا ذلك انسحاب القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد في 22  ديسمبر، وفي 23  ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، وهو التاريخ الذي اتخذته محافظة بورسعيد عيداً قومياً لها أطلق عليه (عيد النصر( ، وفي 16  مارس 1957 أتمت القوات الإسرائيلية انسحابها من سيناء.

كان من تبعات الحرب استقالة رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، وفوز وزير الشؤون الخارجية الكندي ليستر بيرسون بجائزة نوبل للسلام، ومن المرجح أن الحرب قد شجعت الاتحاد السوفييتي على غزو المجر. يرى المؤرخون أن تلك الحرب مثلت «نهاية وضع بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العظمى في العالم»، كما أظهرت هذه الحرب أن الشعب المصري وقف صفاً واحدا تحت قيادة واحدة، وعلى الرغمن من ضراوة الهجوم وعنفه إلا أن الشعب والجيش المصري تمكن من تكبيل القوى الغازية وحرمها من السيطرة على قناة السويس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى