"هي مسألة ثقافات"

> أجزم تمامًا أن الأشقاء في الإقليم افترضوا ضرورة توافر استراحة محارب للحرب الدائرة في جغرافيتنا هنا، ولإحباطهم من الشرعية، وحسنًا فعلوا إلى حدٍ ما، وهكذا جاءت مخرجات المشاورات اليمنية - اليمنية الأخيرة المجهزة من الإقليم، وعلى الرغم من أن تجليات الواقع تشيرُ صراحة إلى أن كل الشمال عدا نتفٍ من تعز ومأرب قد تمّ ابتلاعه في فم الحوت الحوثي / الإيراني ، وأُجزم هنا أنه في حكم المحال أن تفرّط إيران بجغرافيا عربية التهمتها في جوفها، فهذه إيران، ثمّ أن شعب الشمال في حكم المحال أيضًا أن ينتفض أو يتململ سعيًا للخروج من واقعه الراهن تحت الحوثي، ويُخطئ في الحسابات من يظن عكس ذلك.

* هي ثقافة تأصلت في الوجدان الشمالي لقرون خلت، وفي جنوبنا بالعكس تمامًا، وخلال احتلال الحوثي لعدن والجنوب، هبّت الجموع هائجة لقتاله، وتجندلت طوابير طويلة من الشهداء والجرحى من معظم محافظات الجنوب، وفي عدن وحدها قائمة الشهداء تحويها ملزمة متخمة بعشرات الصفحات، وهكذا في لحج وأبين والضالع وشبوة، ولكن في الشمال خلال سبع سنوات حرب، قائمة الشهداء لاتصل إلى نصف صفحة واحدة فولسكاب! وأتحدّى أن تنشر الصحافة قوائم الشهداء الصحيحة هنا وهناك.

* بالمناسبة، كل الشماليين المتواجدين في عدن كنازحين أو مقيمين، كلهم متعاطفين مع الحوثي، ولسان حالهم يقول: (هو في حالهِ ونحن في حالنا)، مع أن فضائع منعهِ لصلاة التراويح، أو تغييره المناهج الدراسية للطلاب إلى المذهب الشيعي، أو تحويله الكثير من الجوامع إلى مبارز للقات، وهذه تتناول صورها الميديا بكثرة، كل هذا لا يحرك ساكنًا لدى إخوتنا في الشمال! فهذا شأن سلطة الحوثي بحسب تعبيرهم!

* ينظر الشمال بمجمله للجنوب كمساحة فيدٍ أو باحة للقمع والتنكيل بشعبه، حتى في الإجراء الإداري (البصمة والصورة) للازدواج الوظيفي الذي نفّذته سلطة عفاش، تمّ ذلك في الجنوب حصرًا وحسب، وعلى خلفيته تمّ شطب الآلاف من قوائم الموظفين لأنهم لم يحضروا للبصمة في مراكز الخدمة المدنية، فمنهم من اعتبر ذلك مجرّد إجراء عابر ولم يُوله أهمية، ومنهم من كان خارج البلاد أو لزيارة قريب أو في الريف وخلافه، وشُطبوا جميعًا من كشوفات الخدمة المدنية كموظفين، وفي الشمال لم يحدث شيئًا البتة، فما انفك من يستلم راتبين وثلاثة وأربعة من الدولة في الكشوفات وحتى اللحظة!

* كذلك كشوفات المرتبات في الجنوب والشمال، هنا في جنوبنا في كشوفات المرتبات تجد اسم الموظف وقائمة بالاستقطاعات والإجمالي الصافي وحسب، لكن في الشمال تجد كشوفات رواتب كل الموظفين بالاسم والاستقطاعات وقائمة طويلة من البدل والعلاوات كلها مملؤة وبينها بدل الإشراف والنوبة وبدل تطبيب وإيجار سكن وخلافه! وصافي الراتب المستلم بفارق كبير جدًا بين الموظف الشمالي والموظف الجنوبي في الوظيفة الواحدة!

* القائد عيدروس وعد أُسر الشهداء بإضافة في رواتبهم قبل فترة، حيث سيصل راتب الشهيد إلى 120 ألف ريال يمني بدلًا من 60 ألف ريال الحالية، ولم يحدث ذلك من قبل التحالف، والآن بعودة المطالبة للوفاء بهذا الوعد من الدولة، سوف يجد (الرفض) من أهل الشمال في السلطة الحالية وبكل تعنت أيضًا، لأن الشمال بدون شهداء وجرحى أصلًا، أو هم محدودين، وستكون مثل هذه الزيادة كامتياز في صالح أسر شهداء الجنوب الكثيرين، ولأن مجلس القيادة والشماليين في حكومة معين يأبون لأي امتياز كانت للجنوب سيرفضون ذلك رفضًا قاطعًا، وهذا الفارق بيننا وبينهم، وهم يقولون لك كهرطقة وحدة.. وشعب واحد، وعلى القائد عيدروس والجنوبيين في السلطة أن يستميتوا إزاء هذا الاستحقاق لشهداء الجنوب والمشروع أيضًا.

* الثقافة بين الشعبين يصورها البون الشاسع في كل الممارسات، وهذا لم يأخذه إخوتنا في الإقليم في الاعتبار، ولو خُيّر الشماليون للبقاء إلى جانب الحوثي ومعه لاختاروا البقاء تحته بدون تردد، وكل ما أسلفناه هو قنابل موقوتة ستتفجّر حتمًا في توقيت ما، بل هي بين أسباب إصرارنا على فكّ الارتباط أصلًا، أليس كذلك ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى