حول المساعي الدولية لتوحيد السلطة النقدية

> *د مروان الخضر

> كثر الحديث مؤخرًا عن جهود يبذلها المجتمع الدولي لتوحيد السلطة النقدية وسياساتها، ومن خلال القراءة الفاحصة لمضامين التصريحات التي يطلقها الإعلام المتابع لهذا الشأن وإطارها الإجرائي فإنه يمكن وصفها بالغير واقعية ولا العادلة، لا بل بالمنحازة (انبطاحا) لتغليب مصالح الحوثة دون غيرهم.

وتتضمن خطة المشروع الدولية (المتداولة إعلاميا) جملة من العناصر التي سنعرض لاحقًا وبايجاز مؤيدات دحضها، على أن نفرد لها في قادم الأيام بحث مفصل بالأرقام لتأكيد ذلك ولبيان عدم صوابيتها.

حيث نرى أن الحوثيين يتحملون المسئولية الكاملة عن فصل السوق الاقتصادية اليمنية، وذلك من خلال قيامهم بعدد من الخروقات لقانون البنك المركزي واتخاذهم إجراءات معرقلة لوحدة السوق الاقتصادية الأمر الذي تسبب بكارثة الإرباك والفوضى الذي يعيشه الاقتصاد اليمني ويعاني من تبعاته التاجر والمواطن البسيط على حد سواء.

فالحوثة هم من أداروا فعليا البنك المركزي بعد الانقلاب وتسببوا في استنزاف موجوداته من النقد المحلي واحتياطيات وحساب البنوك التجارية لديه، وتوجيهها لتمويل مجهودهم الحربي، فكان من نتيجتها توقف الدورة النقدية كليا، والتسبب بكارثة للقطاع المصرفي، بل والنشاط الاقتصادي عمومًا، كما امتد الاستنزاف ليشمل الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي، فخلال أقل من عامين عبثوا بخمسة مليار دولار تقريبا، وحتى اليوم لم يفصحوا بشكل مقنع عن أوجه إنفاقها.

وبعد نُقِلَ البنك المركزي إلى عدن، وكإجراء انتقامي قام الحوثيون بفصل النظام المصرفي اليمني، حيث أخضعوا مراكز البنوك الرئيسية (الخاصة) المتواجدة في صنعاء لسيطرتهم وتحكموا في قراراتها ومقدراتها، مما تسبب في عزلتها تمامًا والنأي بها بعيدًا عن رقابة البنك المركزي الشرعي بعدن، والذي كان من نتيجته فقدانها ثقة النظام المصرفي العالمي وانحسار نطاق تعاملاتها خارجيًا، كما أن الحوثة هم من أصدروا تعليمات تسببت في إعاقة حرية حركة العملات بين مناطق نفوذهم والشرعية، كما قاموا بإصدار تعاميم تحضر التعامل بالإصدارات النقدية للبنك المركزي في عدن، الأمر الذي تسبب بكارثة فصل السوق واصطناع حدود اقتصادية فاصلة في السوق اليمنية، حتى وصل الأمر إلى وضع نقاط تقطع في الطرق الرابطة بين مناطق سيطرتهم والأخرى تحت الشرعية لنهب الأموال من شركات النقل والتجار والمواطنين البسطاء المتنقلين بين المنطقتين.

أليس من الأجدى للمبعوث الدولي والآخرين من سعاة توحيد الأداة المصرفية في اليمن، ولغرض إستعادة وحدة السوق الاقتصادية اليمنية أو على الأقل كمقدمة تمهيدية لإثباث المصداقية في بواعث جهود المساعي الدولية أن تتم مخاطبة الحوثيين بالتراجع عن مخالفاتهم لقانون البنك المركزي وحثهم على إلغاء الإجراءات التعسفية بحق البنوك والتجار والمواطنين والسماح لهم بالتحرك بحرية بمعاملاتهم التجارية وحركة أموالهم داخل أراضي الدولة.

أم أن اعتبارات السياسة في المنطقة، وبغية حلحلة ملفاتها ذات الإمتداد الإقليمي تلقي بظلالها على مقاصد الجهود الدولية فتجعلها تقفز متجاوزة اعتبارات المنطق والعدالة، وندفع نحن في بلادنا ثمنها ونقدم تنازلات عدمية من أجلها.

*باحث اقتصادي/ لندن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى