المجلس الرئاسي المؤقت أمام مفترق طرق

> مجلس الرئاسة المؤقت تحت المجهر وكل خطوة سيخطوها محسوبة عليه، وهذه الفرصة الأخيرة لإعادة الأمن والاستقرار أن تصرف بحكمة وواقعية لكن استعادة الدولة لا يعني إعادة تدوير نفس الوجوه التي كانت مشاركة في النظام السابق، ويتم إعادة تفعيلها من جديد بعد أن كادت تفقد الأمل بالعودة إلى السلطة، وبمجرد عودتها نراها ومن خلال قراراتها تحلم بعودة عجلة الزمن إلى الوراء، وكأن شيئًا لم يحدث، ولم تكن مشاركة فيما حدث بينما في الواقع جرت مياه كثيرة في النهر كما يقولون ولن تعود مرة أخرى إليه مهما كانت الظروف، وهنا لابد من التأكيد بأن ما بعد الحرب ليست كما قبلها، فشلت نظريات، وتبعثرت مبادئ، وتحطمت نفوس، وتشردت ملايين البشر، وقتلت وجرحت عشرات الآلاف، وتيتمت أسر، وهدمت مدن، وانقطعت أرزاق الناس، وتقطعت أواصر بين الأسر والمجتمعات، وتخاصم الأصدقاء والحلفاء، وبالعكس تصالح البعض منهم بعد قطيعة وحرب، وكالعادة هناك من قفز من معسكر إلى المعسكر المضاد، وكل هذه الأمور وغيرها حدثت إلا أن هذه الحرب أنتجت لها تجارًا وأمراء حرب استغلوا ظروف الحرب وكّوَّنوا ثروات هائلة مع بناء علاقات مشبوهة، جمعت بينهم المصلحة الشخصية، وغابت مصلحة الوطن، وهناك من استثمر الحرب ومعاناة الناس لأهداف ومغانم شخصية، أو لتنفيذ انتقامات بأثر رجعي، ويعتقد البعض أنه نظَّف الميدان وهو في ذلك لم يعرف بأنه يجني المزيد من العداوات وإبقاء النار تحت الرماد دون أن يدري.

سبحان مغير الأحوال ثمان سنوات من الحرب غيرت تحالفات، ونشأت تحالفات جديدة، العدو أصبح صديقًا، والصديق صار عدوًا، وهذه حال الدنيا ولن تبقى معك طالما لم تبقَ مع أحد من قبلك، ومع ذلك لم يتعض أحد، ألم يحن الوقت ليعيد كلٌّ حساباته، ويتعض مما جرى لمن سبقو، ولهذا فإن التغيير مطلوب حتى يكون هناك معنى كبير لوجود مثل هذا المجلس، كان طاقم الرئاسة المغادر ( هادي وعلي محسن ومناصريهم ) هم السبب في تسليم الجبهات للحوثي وتسليم المعسكرات دون إطلاق طلقة واحدة، وكانوا وراء عدم تحريك قوات المنطقة العسكرية الأولى، لتتخذ مواقعها في جبهات القتال وسبب تعنتهم وإصرارهم هو حماية ممتلكات النخب السياسية والقبلية والتجارية الشمالية في حضرموت، وكانوا أيضًا هم سبب وجود قوات شمالية في حقول نفط شبوة والتي تحمي ممتلكاتهم وعدم تسليم حراستها لأبناء شبوة كما أنهم وراء عدم تنفيذ قرارات اتفاق الرياض بسحب القوات المرابطة في شقرة وعودتها إلى مواقعها السابقة، الآن وبعد أن غادر الثنائي ( هادي ومحسن ) من قمة السلطة من الذي يمنع تحرك القوات من مواقعها في حضرموت وشبوة وشقرة وهي حتى الآن لم تتزحزح من مواقعها ولم يلمس المواطن خطة مطروحة لدى المجلس لزحزحتها، والدليل أنه لا أحد يتحدث عن أي معركة مستقبلية مع الحوثي في حالة أنه رفض أن يتجاوب مع المجتمع الدولي والإقليمي والجنوح نحو السلم، لكننا نشاهد استرخاء المجلس، وأيضًا لم ينتبه بأن تحركات غير مسبوقة لورقة الاٍرهاب في مناطق جنوبية، وهناك من أطلق سراح أخطر الإرهابيين جهارًا نهارًا في المنطقة العسكرية الأولى ولم نسمع للمجلس "لا حس ولا خبر" تندد بهذا العمل الخارج عن القانون وكأن القاعدة تتحرك في المريخ وليس في المناطق التي يراد حكمها من قبلهم كما بدأت عمليات إرهابية وذهب ضحيتها قيادات عسكرية جنوبية ونتوقع المزيد منها وحصريًا على مساحة الجنوب وضد أهداف جنوبية ومعروف متى تتحرك القاعدة وهي الذراع الخفي لنظام صنعاء موجه ضد الجنوب والجنوبيين.

الإعلان الذي على أساسه تشكل هذا المجلس هو لحل مهمتين التفاوض أو الحرب والهدف استعادة العاصمة صنعاء لكن لم يقل التفويض إعادة نفس الطاقم القيادي لإعادة النظام الذي سلم صنعاء للحوثي وتجاهل تضحيات الجنوبيين الذي هبُّوا لمقاومة الحوثي وهزيمته على أرض الجنوب في ظرف ثلاثة أشهر، هل يعرف المجلس أن الذين قاوموا هم من كان النظام السابق قد سرحهم من أعمالهم قسريًا بعد حرب صيف 94 م ،وبمن فيهم جيش وأمن الجنوب وأيضًا هم شباب الحراك السلمي الذين تعرضوا لأبشع أنواع العنف من قبل نفس النظام الذي يراد إعادته الآن وفي عقر دارهم في عدن، والمجلس الآن أمام مفترق طرق إما استعادة صنعاء أو مغادرة عدن وتركها لأهلها

لا أعتقد أن عاقلًا في الدنيا يصدق أن إيران ستسلم صنعاء عبر المفاوضات السلمية والتي قد أضافتها إلى قوام العواصم العربية الأربع المحتلة والتي أصبحت تديرها عبر وكلائها ما لم تضطر لذلك ولن تضطر إلا بوجود تهديد عسكري جدِّي لوجودها في صنعاء وهذا لن يأتي إلا من خلال حشد القوات في كل الجبهات والجدية في محاربة الإرهاب الذي أصبح وسيلة من وسائل تهديد الجنوبيين وإخضاعهم للتخلي عن أهدافهم، في استعادة دولتهم، وهنا نحب أن نذكِّر المجلس الرئاسي المؤقت يأن بقاء هذا المجلس مرهون بتنفيذ هذه المهمة وهي استعادة صنعاء لا بقاءه في عدن لإعادة بناء الدولة الظالمة التي احتلت الجنوب وشردت أهله في أصقاع الأرض فالجنوب حرَّره أبناؤه بعد أن تحولت جيوش ذلك النظام إلى أداة بيد التحالف الحوفاشي الذي غزا الجنوب في نهاية مارس 2015 م، حين لا يملك الجنوب إلا الإرادة الوطنية الصلبة وعدالة قضيته وأسلحة شخصية كان يتبادلها المقاومون فيما بينهم لشحنها وانتصروا بمساعدة التحالف العربي.

لن يستسلم الجنوبيون مهما بلغ حجم التاّمر وستظل عالقة في ذاكرتهم استعادة هويتهم ودولتهم المخطوفة برغم الحصار الجائر المفروض من قبل الشرعية طوال السنوات الثمان الماضية ورغم تعرضه لإرهاب دولة صنعاء الظالمة طوال أكثر من ثلاثين عامًا مضت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى