مركب القمح

> يوصي الفلاح الجنوبي المجلس الانتقالي في موسم الزراعة القادم بإطلاق "مشروع الجنوب الأخضر" وهو المشروع الذي سيقود خارطة التغيير عندما يقدّم المجلس إجراءات تحفيزية أكثر فعالية.

لا تنقص هذا الشعب الحقول والبساتين العريضة على امتداد أرضنا الطيبة، وفي زمن استيراد القمح كان المزارع في الريف الجنوبي يأكل من حبوب أرضه فلا يستهلك من المستورَد إلاّ القليل، وكانت الأعلاف تغطي كل أسواق الماشية، وشهدت مزارع الأبقار في تُبَن طفرة في إنتاج الحليب الذي كان يشربه كثير من الناس طازجاً، عدا وفرة الحليب المستورد من "الدانو والدتش بي بي".

لايزال المواطن يتذكر "القرطاس الحليب المثلث" من إنتاج مصنع الألبان في عدن الذي كان يروي من برّح به العطش في الشتاء والصيف، وهو المصنع الذي تم تدميره بعناية فائقة مع تشكيلة كبيرة من المؤسسات الاقتصادية الناجحة.

إن القول الفصل في الحديث عن الجنوب يتطلب في المرحلة الأولى تنحية السياسة قليلاً إلى أجَل، والشروع في الهَم الاقتصادي، وأيسر السُّبل إلى ذلك إعلان مشروع الجنوب الأخضر، فالمواطن الجنوبي الآن واقفٌ على أرضه في انتظار موسم المطر ليبدأ في تحريك عجلة الزراعة عندما يُعطى له من الدعم ما يحفزه للبذل والعطاء.

نريد أن نسمع صوت الزامل الجنوبي في الشِعاب والأودية، ونردد نشيد الحقول في السهول والجبال، وحين نشهد رعاة الماشية غادين رائحين في مسارح الرعي والأرض ترفل بثوب الاخضرار زاخرة بسنابل الخير المثقلة بحبوب الطعام سيكون صوت "القضية" قوياً والوصول إلى "التمكين" أقرب ما يكون.

يا بادية الجنوب آن لكِ أن تطربي للحون العشق الأخضر، فما كان للأحرار أن يذوقوا طعم الحرية اللذيذ إلاّ حين تكون أرضهم جاهزة للخِصب والنماء تلتهب بالزينات حافلة بالعمران بقوة الساعد الذهب.

نريد لشجرة الرمّان أن تنبت فوق ترابك ، ونعصر عِنَب حدائقكِ اليانعات، ونفرش التفاح في حقول الضالع وردفان، ويعود إلى طريق الحرير بخور ولُبان سقطرى والمهرة.

سمعنا عن تجارب ناجحة في زراعة الأرز بحضرموت والقمح في أبين والفاكهة في لحج وكم فاحت رائحة البُن اليافعي في البيوت والمقاهي، وخرجت عشرات القاطرات محملة بالخضار من بلاد الصبيحة والفيوش، وحضر إلى السوق برتقال بيحان وعسيلان.

ليس غير ثورة الزراعة أولاً، وقد قيل إن الاقتصاد يقود السياسة، وأن الغني يأمر وينهي، وأن السياسة "اقتصاد مكثف"، وحين تكون لنا مؤسسات مليئة من خيرات أرضنا، كما كانت "مدافن" أجدادنا في الدور تزخر بشتى أنواع الحبوب، فقد وفرنا لأنفسنا الجهد وعناء طاولة المفاوضات والبحث في أروقة السياسة.

أيُّها الأحرار لديكم حقول من النفط وحقول من الغاز، وحين يكون ثالثهما حقول الزراعة فقد اكتملت أضلاع المثلث الثلاثة واستقام الشكل، وسار مركب القمح ونُشِرَت الأشرعة من عدن إلى دلهي وفاءً لمراكب الناد والصندل والعطور القادمة من الهند إلى رصيف المعلا في زمن الجنوب المزدهر، وهذا الخير لن يكون حكراً على الجنوب فحسب، بل سيعم اليمن كله شرقه وغربه، شماله وجنوبه في زمن الدولة المنشودة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى