​"العيش" الأوكراني على موائد الفقراء يوم تُرفع العقوبات عن روسيا

> «الأيام» العرب:

> يمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بورقة مهمة لإنهاء الحرب، وهي قدرته على التحكم في عودة القمح الأوكراني متى شاء، فبيده “العيش” الذي ينتظره فقراء العالم، ولأجل ذلك تشترط موسكو قبل أي كلام رفع العقوبات التي أقرتها الولايات المتحدة وأوروبا، في وقت تحذّر فيه تقارير دولية من أن العالم على أبواب الجوع.

وحذّر الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف -الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي- من أن بلاده لن تواصل الإمدادات الغذائية ما لم يخفف الغرب عقوباته عن الكرملين.

واعتبر أن الأمر غير منطقي؛ “فهم من ناحية يفرضون عقوبات جنونية علينا ومن ناحية أخرى يطالبوننا بضمان توفير الغذاء. الأمر لا يتم على ذلك النحو، لسنا أغبياء”.

كما حذّر ميدفيديف -الذي شغل منصب الرئيس بين 2008 و2012- من أن الأزمة الغذائية لن تطال مناطق العالم الفقيرة فقط بل إن أوروبا نفسها ستكون في دائرة المتضررين؛ فـ”دون أسمدتنا لن تنمو (في أوروبا) سوى الأعشاب”.

وأضاف “لدينا كل الفرص لضمان حصول البلدان الأخرى على الغذاء، وعدم حدوث أزمات غذائية. فقط لا تتدخلوا في عملنا”، مشددا على أن “البلدان التي تستورد قمحنا ومنتجاتنا الغذائية الأخرى ستواجه أوقاتًا صعبة للغاية دون إمدادات من روسيا”.

وتزامن كلام ميدفيديف مع تصريحات أدلى بها الأمين العام  للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال فيها إن “الحرب أدت إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في الدول الفقيرة بسبب ارتفاع الأسعار”.

وأضاف أن “العالم قد يواجه نقص إمدادات الغذاء عالميا في الأشهر المقبلة، إذا لم تتم إعادة الصادرات الأوكرانية إلى مستويات ما قبل الحرب”.


واتهمت الولايات المتحدة روسيا باحتجاز الإمدادات الغذائية العالمية كرهينة وسط مخاوف متزايدة من المجاعة في الدول النامية.

وأدت الحرب إلى قطع الإمدادات من موانئ أوكرانيا، التي كانت تصدر في السابق كميات هائلة من زيت عباد الشمس وكذلك الحبوب مثل الذرة والقمح. وقاد هذا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 30 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب تقارير للأمم المتحدة.

وتنتج روسيا وأوكرانيا 30 في المئة من إمدادات القمح العالمية و69 في المئة من زيت عباد الشمس في العالم. وروسيا هي أكبر مصدر للقمح عالميا بواقع 37.5 مليون طن، فيما تحتل أوكرانيا المركز الخامس في التصدير بنحو 18 مليون طن. وتطعم أوكرانيا وحدها 500 مليون شخص.

وقالت إرثارين كوزين، التي تدير مشروع “الغذاء للمستقبل” إن “الأزمة يمكن أن تكون لها تداعيات في جميع أنحاء العالم”.

وأضافت “ستؤثر هذه الأزمة علينا جميعًا في مختلف أنحاء العالم (…)، وتزامنا مع ذلك ستواجه الاقتصاديات منخفضة الدخل خطر الدمار والاضطرابات المحتملة”، موضّحة “نحن لا نتحدث فقط عن أفقر الفقراء الذين يعانون بالفعل من الجوع، بل نتحدث أيضًا عن الأشخاص الذين استطاعوا مؤخرًا توفير رغيف خبز لعائلاتهم والذين لن يتمكنوا الآن من القيام بذلك”.

ويقول خبراء إن من يدفعون ضريبة هذه الحرب جراء انقطاع إمدادات الغذاء هم مواطنو الدول الفقيرة، فيما الدول الغنية تجد نفسها قادرة على تأمين احتياجاتها بكل الطرق.

وكانت كارمن راينهارت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي قد توقعت أن يفاقم “ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية”.

وأضافت راينهارت “ستكون هناك تداعيات خطيرة على الشرق الأوسط وأفريقيا وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على وجه التحديد” والتي تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي.

وحذر البنك الدولي في فبراير الماضي من أن التداعيات قد تكون قاسية على وجه الخصوص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستورد بلدان مثل مصر من أوكرانيا وروسيا ما يصل إلى 80 في المئة من احتياجاتها من القمح.

ولم يستبعد الخبراء أن تؤدي الزيادات المفاجئة في أسعار الغذاء إلى اضطرابات اجتماعية مثلما حدث في عامي 2007 و2008 ثم مجددا في 2011، عندما ارتبطت أحداث شغب في أكثر من 40 دولة بارتفاع أسعار الغذاء العالمية.

ويحذرون من مغبة الاستخفاف بهذه السيناريوهات، حيث لم يمض سوى عقد من الزمن على انتفاضات الربيع العربي، التي كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية فيها بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة في تونس ومصر.

وكان تقرير لمعهد كييل الألماني للاقتصاد العالمي قد نبه إلى أن الدول الأفريقية قد تتعرض لأضرار جسيمة نتيجة استمرار وقف صادرات الحبوب الأوكرانية جراء الحرب.

وقال المعهد “من الممكن أن تلحق الحرب في أوكرانيا أضرارا جسيمة بإمدادات الحبوب المستخدمة في إنتاج الطعام بالدول الأفريقية، على نحو يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الغذاء إذا توقفت أوكرانيا عن تصدير الحبوب”.

وأضاف “يزود البلد (أوكرانيا) دول شمال أفريقيا -بشكل خاص- بكميات كبيرة من الحبوب، والتي لا يمكن تعويضها من خلال مصادر إمداد أخرى حتى على المدى البعيد”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى