الأعين على الهند صيدلية العالم وسلة خبزه الجديدة

> نيودلهي "الأيام"

> ​تتركز الأنظار منذ نحو سنتين على الهند التي أصبحت تلعب دورا أكثر أهمية على الصعيد العالمي، حيث باتت بمثابة صيدلية للعالم وسلة خبزه الجديدة بعد أن تدخلت لصناعة الملايين من اللقاحات ضد فايروس كورونا وتقدم الآن نفسها كبديل لروسيا وأوكرانيا في إنتاج القمح، لكن مراقبين يشككون في قدرة نيودلهي على تحقيق التوازن الدقيق بين طموحها لتكون مزودا للعالم وسدّ احتياجاتها الخاصة.

وأشارت الهند إلى نيتها زيادة صادرات القمح وسط نقص الغذاء العالمي الناتج عن الحرب الروسية في أوكرانيا بصفتها ثاني أكبر منتج له في العالم وأعلنت أنها سترسل وفودا للنظر في زيادة تجارة القمح في آسيا والشرق الأوسط، قبل أن تتراجع عن القرار.

وأعلنت نيودلهي نهاية الأسبوع قبل الماضي فجأة تعليقا جزئيا لصادرات القمح، مشيرة إلى ضرورة التركيز على الطلب المحلي.

ويشبه القرار تجربة الهند مع صادرات لقاحات كوفيد – 19، حيث عززت مكانتها كأكبر منتج للقاحات في العالم وأعلنت عن جهد كبير لتصديرها قبل تعليق العمليّة عندما واجهت طفرة في الداخل.

وبعد وقت قصير من طرح برنامج التطعيم ضد فايروس كورونا المستجد في يناير 2021، أعلنت الهند أنها ستبدأ التصدير. وأرسلت في بضعة أيام أكثر من 3 ملايين جرعة مجانية إلى خمسة جيران في المنطقة. وبحلول مارس الماضي، كانت قد صدرت نحو 65 مليون جرعة.

ويفاخر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بأن بلاده هي صيدلية العالم، وقال إن “الهند قدمت الأدوية الأساسية للمحتاجين في جميع أنحاء العالم في الماضي وهي تفعل ذلك اليوم أيضا”.

ولكن الهند واجهت أسوأ موجة من انتشار الفايروس في العالم خلال أبريل 2021، واضطرت الحكومة إلى وقف جميع شحنات اللقاحات دون استثناءات. وكانت حالة الطوارئ الصحية العامة في الداخل حادة، لكن القرار أضر بسمعة الهند وكلّفها دبلوماسيا.

وكانت بعض الدول التي لم تصلها اللقاحات قد دفعت للهند معلوم تلقيها اللقاحات، بمن في ذلك الشركاء الرئيسيون في جنوب آسيا. واستمر التعليق، على الرغم من اتخاذه كخطوة مؤقتة، حتى أكتوبر الماضي وخلق نقاط ضعف فورية لـ91 دولة كانت تنتظر لقاحات هندية.

وتعكس كلتا الحادثتين التوازن الذي يجب أن تحققه الهند بين دورها العالمي كمزود للسلع العامة وسدّ احتياجاتها الخاصة.

ولا تُعد الهند عادة مُصدِّرا رئيسيا للقمح، ولكن تحسين اختيار البذور والممارسات الأفضل منحاها محاصيل وفيرة في السنوات الأخيرة.

وحددت نيودلهي هدفا لتصدير 12 مليون طن من القمح على مدار 2022 و2023، وبدت مستعدة للمساعدة في تخفيف انعدام الأمن الغذائي.

وأعلنت الهند عن مواجهة موجة حر شديدة دمرت المحاصيل وأضاف التضخم قيودا جديدة. وكانت الآثار العالمية فورية كما حدث مع قطع صادرات اللقاح. وارتفع مؤشر عقود القمح الآجلة في شيكاغو إلى 12.40 دولار للبوشل، وهو الأعلى منذ 2008. وعُلّق ما يقرب من مليوني طن من الحبوب في الموانئ الهندية، مما خلق صعوبات للتجار.

ومع ذلك، وعلى عكس ما حدث عند تعليق تصدير اللقاح، حددت الهند استثناءات متعددة لحظرها الجزئي لتصدير القمح. ولن تنطبق القيود على الشحنات المسجلة قبل الثالث عشر من مايو أو على الحكومات التي تطلب القمح “لاحتياجات الأمن الغذائي”. وتقول مصر إنها ستكون من ضمن الذين سيتم استثناؤهم، ولكن لم يصدر تأكيد هندي إلى حد الآن.

ومع احتمال مواجهة العالم لأسوأ أزمة غذائية عالمية منذ 2008، لا يزال من الممكن ترك العديد من البلدان في مأزق. وتصدر الهند القمح إلى أفغانستان وبنغلاديش وإندونيسيا وماليزيا ونيبال وعمان وقطر وسريلانكا والإمارات العربية المتحدة واليمن ومصر. ومن غير المحتمل أن تستنتج نيودلهي أن لدى هذه الدول جميعا “احتياجات تتعلق بالأمن الغذائي” تستدعي استمرار الشحنات.

وتحتاج دولة مثل مصر أن يطمئن رئيسها عبدالفتاح السيسي الناس شخصيا في ظل غموض موقف نيودلهي من استثناء بلاده من تعليق الصادرات.

واقترح السيسي إدارة ملف تخزين القمح بالشكل الذي كان متبعا خلال أيام النبي يوسف (عليه السلام)، من خلال إبقاء القمح في سنابله للحفاظ عليه من التلف.

وتعكس استعانة السيسي بترميزات دينية في سياق الحديث عن الأمن الغذائي عمق الإحساس بالخطر إذا لم يجد العالم حلا سياسيا يضمن عودة الصادرات الأوكرانية والروسية إلى الأسواق.

وجاء قرار الهند في الوقت الذي استضافت فيه الأمم المتحدة مؤتمرا على المستوى الوزاري حول الأمن الغذائي العالمي. وضغط المسؤولون هناك على الهند للتراجع عن قرارها، ومن المرجح أن تواجه ضغوطا مماثلة في قمة مجموعة السبع الشهر المقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى