المعابر نقطة ضعف هدنة اليمن.. احتجاز السلع والعملات

> «الأيام» محمد راجح*:

>
تبرز قضية المعابر والطرقات في اليمن كمعضلة رئيسية تهدد جهود تمديد الهدنة وإيقاف الصراع الدائر في البلاد منذ ما يزيد على سبع سنوات في ظل تعقيدات وتحديات واسعة تقف حاجزاً أمام حلحلة هذا الملف الشائك وما يمثله من تحدٍّ رئيسي ومفترق طرق لإحلال السلام في اليمن.

وضاعفت المعابر والطرقات الرئيسية المغلقة بسبب الحرب من معاناة اليمنيين، خصوصاً في مدينة تعز جنوب غربي اليمن والتي يفرض عليها الحوثيون حصاراً خانقاً منذ نحو ست سنوات، الأمر الذي فاقم من عملية التنقل مع اتخاذ طرق بديلة ووعرة في ظل إغلاق الطرق الرئيسية الأمر تسبب باختناق تجاري كبير انعكس على تكاليف المنتجات النهائية المتداولة في الأسواق.

وتضمنت أهداف الهدنة الإنسانية التي أتاحت مرور نحو 12 سفينة محملة بالوقود إلى ميناء الحديدة وإعادة تشغيل مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، تحسين القدرة على الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية وحرية التنقل داخل اليمن ومنه وإليه. لكن هذا الهدف معلق على نتائج مشاورات متواصلة ومنها ما يتعلق بتمديد الهدنة المحددة بشهرين والتي شارفت على الانتهاء.

وربطت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" حلحلة ملف الطرقات وفتح المعابر الرئيسية في اليمن بملفات أخرى مطلوب البت فيها مثل توحيد المؤسسات المالية والنقدية والعملة المجزأة بالتوازي مع إجراءات تحسين التنقل وإعادة تشغيل الطرق أمام المسافرين وشاحنات نقل البضائع.

في السياق، يرى الخبير المالي والمصرفي نشوان سلام، أن الوقت قد حان لوضع حد لهذا الانقسام المدمر في المؤسسات والسياسة المالية والنقدية وتوحيد عملية التداول للعملة المحلية الورقية في جميع المحافظات والمناطق اليمنية، إذ يصل الانقسام في بعض المناطق إلى مستوى المحافظة الواحدة كما الحال بالنسبة لمحافظة تعز الذي يتداول الجزء الشرقي منها المسيطر عليه من قبل الحوثيين العملة الورقية القديمة ويتبع السياسة المالية والمصرفية لسلطة صنعاء.

يشمل هذا الوضع كذلك محافظات ومناطق أخرى مثل الحديدة غربي اليمن والضالع جنوب البلاد ومناطق أخرى على خطوط التماس بين طرفي الحرب الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين التي تمنع منذ نهاية عام 2019 تداول العملة الجديدة المطبوعة من قبل الحكومة اليمنية في ظل اعتماد سعر صرف مختلف بين المناطق المسيطر عليها من قبل الطرفين.

وفي لقاء نوعي ونادر اجتمع المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج في العاصمة الأردنية عمّان مع خبراء اقتصاديين يمنيين من مختلف الخلفيات للتشاور معهم حول أولويات عملية السلام متعددة المسارات، وما قدمته الهدنة في الجانب الاقتصادي المتردي في البلاد.

وتطرق الاجتماع بشكل رئيسي، وفق مصادر مطلعة، إلى تحديد أهم القضايا التي يجب معالجتها في المسار الاقتصادي لأي حوار ينشأ بين الأطراف في المستقبل وفي المسار الاقتصادي لعملية متعددة المسارات تقودها الأمم المتحدة.

في حين تضمنت هذه القضايا مسألة تنسيق السياستين المالية والنقدية، وتحقيق الاستقرار في سعر صرف العملة المحلية في كل أنحاء اليمن، والإيرادات الحكومية، وتمويل رواتب الخدمة المدنية، وارتفاع تكاليف السلع بسبب القيود المفروضة على حرية التنقل وازدواجية الضرائب، وإعادة الاعمار، والدين العام، إضافة إلى المسائل الاستراتيجية الأخرى ذات الأولوية التي تقود إلى التنسيق بين في القطاعات الحيوية التي يمكن أن يكون لها أثر مباشر على حياة المدنيين وسبل عيشهم.

وترزح كتلة سكانية كبيرة في مدينة تعز تحت طائلة معاناة قاسية نتيجة للحصار المفروض عليها من قبل الحوثيين والذي تسبب بمضاعفة تكاليف السفر الذي لم يكن يستغرق أكثر من 20 دقيقة للوصول إلى المدينة من منطقة الحوبان شرقي تعز، ليتجاوز على الطرق البديلة الوعرة ما يقارب خمس ساعات، إضافة إلى عملية نقل البضائع من ميناء عدن المعتمد في الشحن التجاري لليمن، إلى صنعاء ومخازن التجار في المحافظات الشمالية التي تقع تحت سيطرة الحوثيين.

يقول سائق شاحنة نقل بضائع تجارية، عبد الله الوافي، إن عملية نقل البضائع التجارية على خطوط السير البديلة شاقة للغاية ومنهكة ومكلفة للجميع، سواءً على مستوى القطاعين التجاري والنقل أو غيرها من القطاعات المتضررة.

ويشكو السائق على خطوط النقل التجاري، صديق محمد، من تكبدهم خسائر جسيمة بسبب الطرق البديلة الوعرة والتي يعتبرها خطرة، إذ يتعرضون فيها للمضايقات ما يؤخرهم في الوصول بالمدة الزمنية المحددة وهو الأمر الذي يؤدي إلى تلف بضائع وخسائر للتجار والسائقين ومكاتب النقل.

لا تتوقف معاناة السائقين للنقل الثقيل على بقعة معينة من الأراضي اليمنية، فكل الأراضي تعاني من تدهور حالة الطرق في الأساس لكنها تزداد تفاقماً مع خطوط نقل البضائع من عدن إلى صنعاء وتعز والحديدة بدرجة أساسية.

فهذه الخطوط لم تعد الطرق الرئيسية التي كانت سائدة قبل عام 2015، نظراً إلى ما خلفته الحرب من تأثيرات واسعة تسببت في تحويل هذه المعابر لأطلال وطرق أشباح ومفخخة بالألغام، إذ لم يعد باستطاعة قطاع النقل البري استخدامها في حال تم فتحها بتوافق الجهات المعنية في البلاد.

وتؤكد دراسة صادرة عن الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أن هناك ارتفاعاً كبيراً في أجور النقل الداخلي للبضائع في اليمن بشكل غير طبيعي، خاصة من المحافظات الجنوبية والشرقية والتي تجاوزت أضعاف ما كانت عليه نتيجة قطع الطرقات واحتكار مكاتب النقل في بعض المحافظات كما هو حاصل في محافظة الحديدة، إضافة إلى الجبايات غير المقننة في النقاط المتعددة عبر خطوط الإمداد الداخلي.

الباحث الاقتصادي مراد منصور، يؤكد أن الحرب تتجسد في الطرقات على امتداد المناطق اليمنية وتحول بعض المعابر إلى مناطق فصل يرفض فيها طرف عملة الطرف الآخر ولا يسمح بمرورها وتداولها، إضافة للبضائع والسلع، ما ساهم في الإضرار بالمعروض السلعي في الأسواق المحلية وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية وتفاقم الأزمة الإنسانية بصورة يصعب معها مواجهتها وتخفيف وطأتها على اليمنيين.

ويطالب القطاع الخاص التجاري وقطاع النقل والمسافرين بفتح الطريق الرئيسية الدولية المعتمدة للنشاط التجاري في اليمن، وعلى رأسها طرق "عدن كرش الراهدة تعز" لأهميتها الاقتصادية للنقل والتجارة والإمدادات الغذائية والدوائية والكسائية.

*"العربي الجديد"​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى