ملاحظات أولية على مسودة الفريق القانوني المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي

> 1 - تفضل أحد الأصدقاء مشكورًا وأرسل لي مسودة تم تسريبها لم تنشر رسميا بعد عن نتيجة أعمال الفريق القانوني المذكور أعلاه، وبعد الاطلاع السريع على محتوياتها ارتأينا أن نضع بعض الملاحظات الأولية حول السند القانوني للأفكار الواردة فيها على النحو التالي:

2) إن إعلان رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي ونقل السلطة قد أنشأ هذا الفريق القانوني وحدد اختصاصاته في الفقرة (أ) من المادة الثالثة من الإعلان، وأسند إليه مهمة صياغة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة والفريقين الاقتصادي والقانوني.

3) وحسب المنطق الطبيعي للأمور وحسب تسلسل القواعد القانونية ينبغي ألا تخرج المواد التي يقترحها الفريق القانوني مع تلك المواد والأحكام الواردة في إعلان رئيس الجمهورية بتشكيل المجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له، باعتبار هذا الإعلان المصدر الوحيد لصلاحياته واختصاصاته.

4) وعلية ينبغي ألا تتناقض مقترحات الفريق القانوني أو تتعارض أو تصطدم أو ألا تنسجم النصوص التي يقترحها الفريق القانوني بأي شكل كان مع مواد وأحكام إعلان رئيس الجمهورية المذكور.

نلاحظ للأسف أن الفريق القانوني قد خرج عن إطار مهمته على النحو التالي:

أ‌) قام الفريق القانوني بتقديم مشروع قانون للقواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له، بينما نجد أن مهمته في رأينا تقتصر على وضع المقترحات والأفكار حول هذه المسألة، ولا تمتد إلى وضع مشروع قانون كامل لها، بدليل أن إعلان رئيس الجمهورية قد حدد مهمة الفريق بوضع مسودة لتلك الأعمال ليناقشها مجلس القيادة الرئاسي لكي يبت فيها، بدليل ما أورده الفريق القانوني ذاته من أن مجلس القيادة الرئاسي سيقوم بمناقشة ما يقترحه الفريق القانوني ويبت فيه إما بالموافقة أو بالتعديل أو بالإضافة أو بالرفض.

ب‌) نص إعلان رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي ونقل السلطة في فقرته (أ) من مادته الأولى على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وفوّضه بكامل صلاحياته واختصاصاته المذكورة في الدستور والمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية والقوانين النافذة كما نقل الإعلان اختصاصات نائب رئيس الجمهورية إلى مجلس القيادة الرئاسي، لكن الفريق القانوني في المسودة عمد إلى تجاوز نطاق المهمة الموكل بها المحددة بصياغة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له فقام بإضافة اختصاص واسع النطاق في الفقرة (9) من المادة الخامسة من المسودة، وبموجبها منح الفريق القانوني رئيس مجلس القيادة الرئاسي كل الاختصاصات الممنوحة لرئيس الجمهورية في الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها والقوانين النافية غير ما ذكر في المادتين 4 و5 من المسودة.

ونلاحظ بهذا الخصوص أن الفريق القانوني قد أخطأ بمخالفته نص المادة الأولى الفقرة (أ) التي تمنح مجلس القيادة الرئاسي وليس رئيس المجلس كامل صلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومما يعزز رأينا أن الاختصاصات الحصرية الممنوحة لرئيس المجلس في إعلان رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي ونقل السلطة الواردة في الفقرة (ز) من مادته الأولى لا تنص مطلقًا على ما ذهب إليه الفريق القانوني من منح هذا الاختصاص الواسع النطاق لرئيس المجلس، وعليه نقترح شطب وإلغاء الفقرة 9 من المادة 5 للمسودة.

5) تدخل الفريق القانوني تدخلًا غير موفق بوضعه قواعد قانونية في المادتين الحادية عشر والثانية عشر من المسودة خصصها لأمور ذات طبيعة سياسية محضة تخرج بحكم ماهيتها وطبيعتها من نطاق التنظيم القانوني، وتندرج بحسب هذه الماهية والطبيعة في إطار الاختصاصات السياسية المحضة التي يقدرها مجلس القيادة الرئاسي، المسند إليه اختصاص إدارة البلاد سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا بموجب الفقرة (و) من المادة الأولى من الإعلان. وهكذا أخطأ الفريق القانوني بوضعه قواعد محددة للحوار مع الحوثيين وكيفية إجرائه وشروطه، وبذلك خرج عن إطار مهمته في رأينا المتمثلة بوضع قواعد تفصيلية حسب ما ورد في إعلان رئيس الجمهورية حول القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له وتندرج في صلب الاختصاصات السياسية التي يعود حسن تقديرها لمجلس القيادة الرئاسي المسند إليه في إعلان رئيس الجمهوري المهمة بإدارة البلاد سياسيًا وعسكريًا وأمنيا، وعليه نقترح شطب وإلغاء المادتين 11 و12 من مسودة الفريق القانوني.

د) لم يلتزم الفريق القانوني بحدود مهمته المحددة في الفقرة الفرعية (5) من الفقرة (و) من المادة الأولى للإعلان الرئاسي، فقام بانتهاك الدستور وقانون النيابة العامة الذي عمم على كامل أراضي الجمهورية وقانون الإجراءات الجزائية بقيامه في الفقرة (5) من المادة الرابعة من المسودة بإسناد الاختصاص للجنة الأمنية بدلا من النائب العام وأعوانه في القيام بالإجراءات القانونية في جرائم الإرهاب وإحالته المتهمين بارتكابها للتحقيق والمحاكمة. وعلية نقترح شطب وإلغاء الفقرة الفرعية 5 المشار إليها.

ه) وفيما يتعلق بما ورد في إعلان رئيس الجمهورية من صلاحية للفريق القانوني في رفع المسودة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي لاعتمادها حسب ما هو منصوص عليه في الفقرة (م) من المادة الأولى من إعلان رئيس الجمهورية، قام الفريق القانوني بتكرار ما ورد في الفقرة م المذكورة، وذلك في المادة 41 من المسودة.

وترى في هذا الخصوص أن كلمة "لاعتمادها" الواردة في تلك المادة 41 كلمة غامضة ومبهمة قد تفيد بأن الجهة المختصة بهذا الاعتماد هو رئيس مجلس القيادة أو كما أنها تفسر أيضا أن مجلس القيادة هو الجهة المختصة باعتمادها.

وقد خصصنا مقالا كاملا حول هذه المسألة أوضحنا فيه أن هذا الاعتماد يدخل في صميم اختصاصات مجلس القيادة الرئاسي، وقد ذهبت المذكرة التفسيرية للمسودة إلى ما ذهبنا إليه في هذا الموضوع.

نرى أن مجال وضع القاعدة التفصيلية لمسألة تحديد الجهة المختصة باعتماد مسودة القواعد المنظمة لمجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له، هو في صلب المسودة (مشروع القانون). وينبغي ألا تترك للمذكرة التفسيرية، بل ينبغي أن ينص عليها صراحة في متن نصوص المسودة التي أسماها الفريق القانوني مشروع قانون، وذلك نظرا لأهميتها البالغة لأنها تمس جوهر وصميم عمل المجلس وتلك الهيئات من ناحية، ولكي نضع حدًا من ناحية أخرى لأي تضارب أو نزاع في تفسير كلمة لاعتمادها مستقبلًا.

ويتم ذلك في رأينا بوضع مادة في المسودة (مشروع القانون) توضح دور كل من مجلس القيادة الرئاسي من ناحية ودور رئيسه من ناحية اخرى في هذا الاعتماد، بحيث ينحصر دور رئيس المجلس بعرض المسودة على مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبت فيها بالقبول أو بالتعديل أو بالإضافة أو بالرفض، وبعدئذ يقوم رئيس المجلس بإصدار قراره باعتماد المسودة حسبما ينص عليه قرار مجلس القيادة الرئاسي. وينبغي ذكر تاريخ موافقة او تعديل مجلس القيادة للمسودة في قرار رئيس المجلس باعتمادها وذلك تطبيقا لمبدأ القيادة الجماعية الذي يحكم عمل المجلس والهيئات التابعة له.

ز) نصت المواد 21، 22، 23، و24 من المسودة على اختصاص مجلس النواب في انتخاب البديل في حالة خلو منصب رئيس مجلس القيادة أو أي من أعضائه بالوفاة أو العجز أو الاستقالة.

ونصت على أن يلجأ مجلس النواب إلى إجراء الانتخاب لتعيين البديل في اي منصب يخلى من صاحبه لأي سبب من الأسباب المذكورة، ونصت على أن يكون انتخاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأغلبية الثلثين، وبالأغلبية البسيطة للحاضرين بالنسبة لبقية الأعضاء.

ونلاحظ في هذا المجال أن الفريق القانوني قد خرج عن نطاق المهمة المنوطة به، وذلك بقيامه بالنص على مبدأ الانتخاب من قبل مجلس النواب وإلغاء الاستمرار بالتعيينات وفقا لمبدأ التوافق، ونلاحظ أن إعلان رئيس الجمهورية لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لأي دور لمجلس النواب في ملء حالات الشواغر في مناصب مجلس القيادة الرئاسي، ولم توكل لمجلس النواب أصلًا تسمية أعضاء هذا المجلس أو تعيينهم بالانتخاب.

وفي رأينا أن مبدأ التوافق هو الذي يحكم أعمال وتصرفات كافة الهيئات الدستورية في البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي ما زالت قائمة حتى اليوم، سواء كانت تلك الهيئات مجلس القيادة الرئاسي أو مجلس النواب أو مجلس الوزراء، وهذا المبدأ الأساسي بالتوافق منصوص عليه في الوثيقتين الدستوريين اللتين علقتا بعض أحكام الدستور خلال المرحلة الانتقالية، واللتين تحكمان الفترة الانتقالية بأسرها، ونقصد بهما إعلان رئيس الجمهورية الذي يقضي بأن يحقق مجلس القيادة الرئاسي أقصى قدر من التوافق بين أعضائه: كما أنه منصوص عليه في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي تقضي بأن يتخذ كل من مجلس النواب ومجلس الوزراء قراراتهما بالتوافق بين أعضاء كل منهما، وهكذا نجد أن هاتين الوثيقتين الدستوريتين اللتين تحكمان المرحلة الانتقالية بأسرها تستبعدان المبدأ الانتخابي وتتبنيان عوضًا عنه مبدأ التوافق الذي يخدم تحقيق الإجماع الوطني وإنهاء الحرب وتحقيق السلام، وعليه نقترح شطب المواد 21 إلى 24 من المسودة.

ه) وفي رأينا فإن أنسب جهة دستورية والأقرب إلى منحها الاختصاص بالبت في مسألة ملء شواغر المناصب في مجلس القيادة الرئاسي هو الاجتماع المشترك الذي يضم كلًا من مجلس القيادة الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة بسبب أنه بحكم صلاحياته بموجب إعلان رئيس الجمهورية بتقريب وجهات النظر بين صفوف مجلس القيادة الرئاسي في حالة الاختلاف وإسهامه في حلها يكون مؤهلًا عمليًا أكثر من أي جهة أخرى وقادرًا على ملء هذه الشواغر بكفاءة عالية وبأقصى سرعة ممكنة، وعليه أرى شطب المواد من 21 إلى 24 من المسودة المذكورة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى