معبر تعز وماراثون المفوضات إهدار للوقت واستهداف قضية الجنوب

> المعبر الذي تحرك العالم من أجله وكأن لا شيء قبله ولا بعده ويخيل لنا بأنه مفتاح الحل السحري لأزمة اليمن، ما زال تحت المفاوضات الماراثونية بين الشرعية والانقلابيين وقد برز في أول تفاوض بينهما في الكويت وجنيف حتى تم تثبيته باتفاق ستوكهولم، واليوم يتنقل المفاوضون بين مسقط وعمان ولم تظهر ملامح فتحه في المدى المنظور وسيسجله التاريخ كأطول مفوضات في تاريخ البشرية حول معبر مدينة، حيث اشتركت العديد من الدول الإقليمية والعالمية والعديد من المبعوثين الدوليين وكلها تعمل ليل نهار وتبذل جهودًا جبارة وخارقة فوق العادة لينفتح ذلك المعبر لكي يسهل لمواطني المدينة الحالمة حرية الحركة منها إلى العالم الخارجي بعد أن أصبحت معزولة عنه بطربال كثيف.

معروف عن اليمنين عادة المشارعة الطويلة على أتفه القضايا ويمكن بعضها أن يصل إلى سنين دون الوصول إلى نتائج لا أدري هل الإقليم والعالم يعرفون هذه العادة أم أنهم لا يعرفون، وفي الحالتين سيغرق العالم في متاهات تلك العادة دون الوصول إلى حلول مرضية، وهذه لعبة يجيدها اليمنيون في حياتهم اليومية ويمكن أن تجد الطرفين قد عقدا العزم في إهدار وقت الإقليم والعالم لتفاصيل جانبية وغير مهمة بشكل متعمد حول هذا المعبر أو معابر مدن أخرى والهدف الأخير هو تمييع قضية الجنوب واستهدافها بعد أن ضمنوا ترحيلها للمفاوضات النهائية التي يمكن أن تأتي أو لا تأتي حتى بعد عقود عديدة، وهذا ما لمسناه من تصرفات الشرعية السابقة وما نلمسه الآن من وريثها المجلس الرئاسي الحالي الذي يسير بنفس الخطى دون تغيير متكئ على الضمانات الإقليمية والدولية في حجز الجنوب إلى المرحلة النهائية وإبقاء وضعه في حالة حصار ومعاناة شديدة في حياته المعيشية وفي نفس الوقت يجري نهب ثرواته ومحاولة تغيير الواقع على الأرض وهذه سياسة معلنة للشرعية السابقة ونشاهد استمرارها من قبل المجلس الرئاسي الجديد.

مع الأسف هناك فيتو من العالم والإقليم بتأجيل حل قضية الجنوب إلى نهاية الماراثون التفاوضي الذي ليس له سقف زمني محدد، فعلى الإنسان أن يتخيل كم من الوقت سيصبر شعب الجنوب حتى يتم الاتفاق على فتح هذا المعبر والمعابر الأخرى وبقية قضايا التفاوض مع الحوثي، ورغم هذا الكم غير المسبوق من الدول التي تشترك في إقناع الحوثي على السماح بفتح هذا المعبر ومع كل التنازلات والاغراءات التي تقدم له، فإنها ستكون على حساب قضية الجنوب، والأعباء والتكاليف المترتبة سيدفعها شعب الجنوب من ثرواته المستباحة التي لا يعرف أحد أبواب صرفها حتى اليوم.

ثمان سنوات حرب لم تستطع الشرعية السابقة أن تحقق نصرًا حتى ولو محدود على جغرافية الجمهورية العربية اليمنية، وليس ذلك عجز منها ولكن لم يكن لديها الاستعداد لأن تحارب شمالًا وتحرر أي جزء منه لكنها أصرت على حرف البوصلة جنوبًا لتسيطر عليه كاملة مع نزع سلاحه الذي قاوم به غزو الانقلابيين وانتصر فيه، وهذا التصرف ليس بجديد فقد سرح نظام صنعاء ما بعد احتلال الجنوب الجيش والأمن الجنوبي مباشرة، بل وجهت فرق الاغتيالات لمواصلة استمرار استهداف العسكريين الجنوبيين الذي بدأ منذ أول أيّام الوحدة تحت زعم بأن القاعدة هي التي تستهدفهم وكأن هذه القاعدة أتت من المريخ لتغتال فقط الجنوبيين ولم يكن القتلى من طواقم الأمن والجيش الشمالي، ومع ذلك يتلقى الجنوبيون الضربات حتى دون رد ليس لأنهم غير قادرين على الرد بالمثل لكنهم ما زال لديهم الاعتقاد بأنهم لن ينجروا إلى عمل عصابات مسلحة لاغتيال نظرائهم الشماليين لأنهم يؤمنون بالقانون، ولأن الدولة هي التي يفترض أن تتحمل حماية المواطنين وإنفاذ القانون في معاقبة المجرمين الذين يمارسون القتل خارج إطار القانون.

إذا كان معبر تعز الذي كما يصوره الناس بأنه الحاجز بين المتقاتلين مغطى بطربال أخذ من المفاوضات هذه السنين، فكم من السنوات سيأخذ التفاوض على بقية القضايا الأخرى؟ وبالتالي كم من السنين يجب أن يتنظر الجنوبيون لحل قضيتهم؟

حجز الجنوب وعدم السماح للحياة أن تدب فيه مثل بقية شعوب العالم يعتبر جريمة مع سبق الإصرار والترصد مارستها الشرعية السابقة، ونلاحظ استمرار المجلس الرئاسي الجديد بهذا النهج، ومن غير المعقول والمقبول أن تمر مثل هذه الحالة على التحالف والدول الكبرى التي توفر الغطاء لهذه الشرعيات باحتجاز شعب لا ذنب له إلا أنه يريد أن يعيش حياة مدنية كريمة ولم يسمح له حتى بإدارة ذاته، بينما أثبتت التجربة أن الشرعية السابقة وأيضاً المجلس الجديد غير جادين في الحرب وغير جادين في حسم المفاوضات، لكنهما أثبتا أنهما جادان في البقاء بعدن والجنوب والكتاب مبين من عنوانه حيث أظهر المجلس عزمه في استعادة طاقمه السياسي والإداري الذي كان سبب الأزمة والحرب وأصبح الأمل في التغيير مفقودًا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى