​المرأة بين حقوق ممنوحة لم تصل وواقع لا يعترف بالقرارات

> عدن«الأيام» فردوس العلمي:

>
  • بعد 22 عاما على القرار 1325.. مطالبات بتنفيذه وإشراك النساء سياسيا
  • شراكة المرأة في المأساة تجعلها شريكة في الحل  
  • نماذج نسوية تبرهن على قوة المرأة وقدراتها المهدرة


يعتقد الكثير أن القوة تمكن في العضلات لذا نراهم يحرمون المرأة حقوقًا كثيرة ولا يعلمون أن القوة فكر وإرادة صلبة لا تلين ولا تقهر، فعلى مدى عقود أثبتت المرأة بأنها رمز للنضال ومتحدية للصعاب من أجل عائلتها ومجتمعها، تضحي ليعيش من تحب وتناضل حتى لو كانت بنصف جسد، فالمرأة قوة وإرادة تقهر الصعاب.

في مطلع شهر مايو المنصرم أطلعتنا الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي صورة لامرأة بنصف جسد تجوب شوارع مدينة تعز، وهي تحمل الماء على ظهرها وتزحف على الأرض، تسحب الماء في جالونات برفقة طفلة صغيرة، الصورة أثارت تعاطف الكثير من رواد  منصات التواصل الاجتماعي مع السيدة الزاحفة بنصف جسد التي أثبتت أن النساء قادرات على عمل المستحيل، وأن المرأة ليست مجرد كمالة عدد؛  بل هي النصف وتنجب النصف الآخر وتربيه، فعظمة المرأة مخفية خلف غيرة بعض الذكور ممن اتخذوا الدين سلاحًا لمواجهة المرأة ومحاربتها وقمعها وإبقائها في الظل، على الرغم من أن الدين الإسلامي أول من عظّم المرأة ومنحها حقوقها كاملها غير منقوصة، فأعطاها حق الاختيار وحق التعليم، ولم يقتصر طلب العلم على الذكور فقط؛ ولكن على كل مسلم ومسلمة ليس حق فقط بل فريضة،  وضمن الإسلام حق المرأة بالحياة بعد أن كانت تدفن رضيعة، كما أعطى الإسلام المرأة حق العمل والتكسب وحق النفقة والمهر والميراث وحق المساواة، والحق في طلب الطلاق والكثير من الحقوق فعند الله جميع النفوس البشرية تستوي بالأصل الواحد، و الذي لا يكون فيه تفريق بين الذكر والأنثى.

وحاليًا تعمل الكثير من المؤسسات الحقوقية والإنسانية في اليمن عامة وعدن على وجه الخصوص على إعمال مبدأ السلام العادل والشامل للمرأة، والملاحظ أنه كلما زاد نشاط تلك المؤسسات عملت الحكومة على قمع النساء وحرمانهن الكثير من الحقوق لمجرد أنهن نساء، ولا يصلحن للعمل في مشاورات السلام والجلوس على طاولة المفاوضات أو  الوصول إلى مواقع صنع القرار، لهذا استثنيت  المرأة من مفاوضات السلام ومواقع صنع القرار على الرغم من أنها ليست من يدعوا للحرب ولكنها تدعو للسلام.

 القرار 1325 جاء لحماية المرأة من جبروت الرجال والحكومات التي لا تعترف بحق المرأة، إلا أنه بقي حبيس الأدراج 22 عامًا، ويرتكز القرار على مكونين رئيسين هما مكافحة العنف الجنسي أثناء الصراع المسلح، وزيادة مشاركة المرأة في عمليات السلام والمؤسسات السياسية، حيث جاء بعد أن استثنيت النساء من ممارسة الحقوق وبقيت مجرد آلة للإنجاب وخدمة الرجل الذي طمس كل حقوقها ليكون هو السيد المطلق.

ثمان سنوات من الحروب والضحية هي المرأة بالطبع، فهي من تعاني الفقد وتعاني الاضطهاد والاغتصاب والخطف، داعية سلام لم تكن يومًا لتدعو لحرب هي من تتجرع نتيجة قرارات ذكورية.

نبذة عن القرار 1325: هو قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اتخذ بالإجماع في 31 أكتوبر 2000، يدور القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن وحث كلًا من مجلس الأمن والأمين العام والدول الأعضاء وجميع الأطراف الأخرى لأخذ التدابير اللازمة في المسائل المتعلقة بمشاركة المرأة في عمليات صنع القرار والعمليات السلمية، والأخذ بدمج النوع الاجتماعي في التدريب وحفظ السلم، وحماية المرأة، إضافة إلى إدماج النوع الاجتماعي في جميع أنظمة تقارير الأمم المتحدة وآليات تنفيذ البرامج. ويعتبر تبني القرار بمثابة خط فاصل بالنسبة لتطور حقوق المرأة وقضايا الأمن والسلام، حيث يعتبر أول وثيقة رسمية وقانونية تصدر عن مجلس الأمن يطلب فيها من أطراف النزاع احترام حقوق المرأة ودعم مشاركتها في مفاوضات السلام وفي إعادة البناء والإعمار التي تلي مرحلة النزاع والصراع.

يعد القرار مهمًا بالنسبة للمرأة على المستوى العالمي؛ لأنه أول قرار لمجلس الأمن يهدف إلى ربط تجربة النساء في النزاعات المسلحة بمسألة الحفاظ على السلام والأمن الدوليين ودعا القرار (1325) إلى زيادة مشاركة المرأة في جميع مستويات صنع القرار وفي عمليات حل الصراعات والمشاركة بقوات حفظ السلام وفي المفاوضات في اليمن.   وتعمل الكثير من المؤسسات في مجال رفع الوعي الحقوقي للمرأة للتعريف بالقرار 1325، "الأيام" تستطلع الآراء لمعرفة عدد من المهتمين بهذا القرار ومدى ‏تناغم القرار 1325 مع تطلعات النساء في اليمن وماذا يستفيد

المجتمع والنساء من تنفيذ القرار على أرض الواقع؟

القاضى اكرام العيدروسي
القاضى اكرام العيدروسي
القاضية إكرام أحمد حسين العيدروس، نائبة رئيس المحكمة العليا المكتب الفني قالت: "القرار 1325 المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمتمثل في مشاركة النساء في صنع القرار يحتاج إلى إرادة سياسية من قبل صناع القرار؛ لأن مشاركة النساء على أرض الواقع مشاركة بنسبة ضئيلة جدًا على الرغم من أن النساء يشكلن ما نسبته 49.62 % من إجمالي السكان في اليمن".

‏وأضافت: "أنا كقاضية أرى أن القاضيات يواجهن تحديات كبيرة في الوصول إلى مراكز صنع القرار سواء في المحكمة العليا أو رئاسة محاكم الاستئناف أو في مجلس القضاء الأعلى، حيث إن مشاركة المرأة في السلطة القضائية مثلًا في المحكمة العليا هناك توجد قاضية واحدة فقط وفي محكمة الاستئناف في مراكز صنع القرار أيضًا هناك امرأة واحدة رئيسة الشعبة المدنية الثانية، أما بالنسبة للاستفادة من تنفيذ القرار على أرض الواقع، أولًا تطبيق القرار هو تحقيق للعدالة في المساواة والحماية القانونية وتحقيق العدالة هدف أساسي لمواجهة التمييز الموجه على أساس النوع الاجتماعي الذي تعانيه المرأة في مختلف أنحاء العالم، ثانيًا تعيينات النساء للعمل في مراكز صنع القرار في مجال السلطة القضائية هذا المجال الحيوي والهام الذي لا يؤمّن فقط استحقاقات للنساء القاضيات فحسب؛ بل إنه يوفر البيئة والمناخ الملائم لحقوق النساء اليمنيات عامة ما يعني أن الاستفادة للمجتمع والنساء وأن عدم وصول النساء إلى مراكز صنع القرار بسبب عدم وجود إرادة سياسية يجعل القرار 1325 نصًا قانونيًا مكتوبًا ولا يتم تنفيذه على أرض الواقع".

مديرة الحالات في اتحاد نساء اليمن فرع عدن فالنتينا مهدي، أكدت بأن تفعيل القرار 1325 وتنفيذ ما جاء فيه من قبل حكومات الدول سيعطي للمرأة مجالًا في تمكينها من مراكز صنع القرار والمشاركة بالتنمية المستدامة والعيش بأمان.
فالنتينا عبد الكريم مهدي
فالنتينا عبد الكريم مهدي

وقالت د. ياسمين باغريب، أستاذة جامعية: "بمناسبة مرور 22 عامًا على تبني مجلس الأمن القرار 1325 المتعلق بأجندة المرأة والسلام والأمن، فهو يعد أول وثيقة رسمية قانونية تصدر من مجلس الأمن ليؤكد على دور المرأة الهام في منع النزاعات والصراعات ومشاركتها الفعالة في بناء السلام والأمن، لا ننكر الجهود اليمنية الرامية لتنفيذ القرار 1325 التي لم تبدأ إلا بعد مرور سبع سنوات من صدور القرار وذلك من خلال تأسيس اللجنة الوطنية للمرأة بقرار من قبل رئيس الوزراء أو من خلال إعداد الخُطَّة الوطنية في أغسطس 2018 لتنفيذ القرار 1325، إلا أن تلك الجهود لم تحقق شيئًا يذكر على أرض الواقع".

د. ياسمين باغريب
د. ياسمين باغريب
وتابعت: "المرأة اليمنية لعبت دورًا هامًا وجبارًا إبان حرب 2015 على المجالات كافة سواء إنسانية كانت أو إغاثية أو بعد الحرب عن طريق إطلاق العديد من المبادرات الحقوقية والإنسانية أو حتى عن طريق المناصرة المجتمعية إضافة إلى دورها في مواجهة جائحة كوفيد - 19 وما تعرضت له من مخاطر وتهديدات ومصاعب متزايدة إلا ذلك لم يوقفها، وعلى الرغم من ذلك نجد استمرار عدم المساواة واستمرار الإقصاء و التهميش في مشاركة المرأة في مشاورات السلام وصنع القرار والمشاركة في مفاوضات السلام وتناقص تمثيلها في مواقع صنع القرار حتى على مستوى السلطة المحلية ومستوى المحافظات والمديريات والمؤسسات الحكومية، سواء كان قطاع التعليم والتربية والصحة وفي كل القطاعات فمازلنا ننتظر لغاية عامنا هذا 2022 العمل على أهمية الوعي وتنفيذ بنود القرار كافة الذي يمَكِّن المرأة اليمنية من أداء دورها الفاعل والمؤثر في المجتمع فضلًا عن مشاركتها في صنع القرار والبناء والإعمار والتعافي وتكون شريكًا متكافئًا مع أخيها وزميلها الرجل بما يحفظ لها مكانتها".

الصحفية نعمة عيسى
الصحفية نعمة عيسى
الصحفية نعمة عيسى، ترى أن القرار 1325 يمثل أهم القرارات التي تساعد وتساند وتحمي النساء في مختلف مناطق الصراع، بل أصبح بمثابة دستور دولي يساهم في إيجاد العون الإنساني والقانوني والتنموي للنساء في مختلف مستوياتها المعيشية في مناطق الصراع في الدول النامية، حسب تعبيرها.

وقالت: "نحن نأمل من الدولة كشريك فاعل مع الجهات ذات العلاقة بتفعيل القرار والاستفادة منه ومن كل بنوده ومواده فقرة فقرة لصالح النساء في اليمن شمالًا وجنوبًا شرقًا وغربًا وتوفير مجمل الفرص والمناخات الآمنة للجهات العاملة عليه حتى يتسنى لهم تطبيقه على واقع النساء في اليمن خصوصًا بعد إصدار رئاسة الوزراء قرارًا بتشكيل لجنة للخطة الوطنية للمرأة والسلام فيما يخص القرار 1325 لاسيما وقد أصبح لدينا العديد من المنظمات والجمعيات والمؤسسات النسوية والتنموية والقانونية الفاعلة والتي تسعى لاستيعاب كل فرصة دولية وكل قرار دولي من شأنه الدفع بالنساء في اليمن نحو السلام ونحو التنمية والبناء ونحو المشاركة السياسية في مواقع صنع القرار".

وطالبت عيسى، قيادة مجلس الرئاسة ممثلة بـ د. رشاد العليمي بإصدار قرار عاجل بتبني مشروعًا جديدًا وفاعلًا لصالح نساء اليمن "عبر الاستفادة من القرار 1325 وتوجيه الجهات في وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بجعله الوجهة الأولى لهم في مشاريعهم القادمة في ظل تباطؤ وتساهل وزارة الشؤون الاجتماعية في إيجاد جسر نشط بينهم وبين الجهات المانحة والجهات ذات الصلة خصوصًا في هذه المرحلة التي تتطلب جهدًا مضاعفًا لإكمال ما بدأ به غيرهم من توفير الشراكة والفرص لليمنيات عبر المانحين والاستفادة لمضامين القرار واستغلاله الاستغلال الأمثل لصالح نساء اليمن".

وفي ختام حديثها قالت: "بهذه الخطوة قد يتولد لنساء اليمن أمل جديد في حصولهم على التشريع الدولي للمشاركة بمواقع صنع القرار لإيجاد سلام مستدام عبر القرار 1325 الذي أشرنا إليه سابقًا بأنه بمثابة دستور دولي للنساء في مختلف مناطق الصراع ونتمنى أن تكون اليمن السباقة لذلك آملين من مجلس القيادة الرئاسي بمختلف توجهاته الاتحاد لتخفيف معاناة نساء اليمن كونهن نصف المجتمع والمنتج للنصف الآخر".

مديرة دائرة تنمية المرأة العاملة بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل فرع عدن، فاطمة محمد يسلم قالت: "خلال الفترة من 2017 إلى 2019 كنت عضو اليمن في لجنة لحماية النساء والفتيات بجامعة الدول العربية ومن خلال هذا اللجنة تم تكليفي من قبل الدول الأعضاء في هذه اللجنة بإعداد خطة عمل لخطط وطنية للاستجابة للقرار 1325 والتي تم المصادقة عليها من قبل رئيس الوزراء ويتم العمل عليها على مستوى محافظات الجمهورية"، موضحة بأن القرار الأممي جاء في أربع محاور لحماية المرأة في النزاعات المسلحة والأمن والسلام.
فاطمه محمد يسلم
فاطمه محمد يسلم

الكاتب الصحفي والقلم الحر صلاح السقلدي تحدث عما تعنيه المرأة في الحروب وقال: "ويلات الحروب- ومنها هذه الحرب القاسية التي تفتك بالجميع منذ ثماني سنوات- لا تميز بين ضحاياها بين رجال ونساء، بل إن أشد وطأة في هذه الحرب كانت من نصيب النساء كأمهات ثكالى، ونساء أرامل".

وأضاف: "طالما وأن الجميع رجالًا ونساء شركاء بالمأساة فيجب أن يكونوا شركاء بالحلول وبكل مراحل الحلول، وهذا الحق هو بالأصل مكفولًا بشرائع السماء وبقوانين الأرض، فثمة قوانين وأعراف محلية تؤكد على تلك الشراكة، كما أن المواثيق والقرارات الدولية هي الأخرى تؤكد ذات الأمر، ومنها على سبيل المثال القرار الأممي رقم  1325 الذي يحث جميع الأطراف في النزاعات بالعالم بأخذ التدابير اللازمة في المسائل المتعلقة بمشاركة المرأة في عمليات صنع القرار والعمليات السلمية، والأخذ بدمج النوع الاجتماعي في التدريب وحفظ السلم".

الصحفي صلاح السقلدي
الصحفي صلاح السقلدي
ويشعر السقلدي، بالأسف عن الحالة التي وصل إليها الوطن "للأسف الحالة التي نعيشها في وطننا المنكوب والذي يتم تغييب حق المرأة عن عمد، ليس فقط من المواقع الحكومية بل تغييبها بشكل فج عن الشراكة بصنع القرارات التي تهم المجتمع وليس فقط التي تهم الساسة والسياسيين،  لهذا خلت الحكومة اليمنية الحالية بتشكيلتها من أي عنصر نسائي أبدًا"، مؤكدًا بأن المرأة تعيش في صميم المعاناة وفي قلب الأحداث وتشكل وزنًا كبيرًا في المجتمع وتمتلك مخزونًا هائلًا من التعليم والوعي وتهميشها يعني بالضرورة تهميش النصف الآخر من المجتمع وتعطيل نصف طاقاته، وستظل أية إجراءات - كالتي نراها اليوم في مشاورات وقف الحرب والتسوية السياسية والاجتماعية والخدمية- ناقصة ومهددة بالفشل إن ظلت النساء على هامش الأحداث وخارج دائرة الترتيبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى الأمنية.

وقال: "من أجل ذلك نطلق أصواتنا عالية بوجه كل الجهات السياسية والحزبية والاجتماعية وكل منظمات المجتمع المدني بخطورة تغييب شريك فاعل بالمجتمع بحجم وثقل المرأة في مجتمع نصف سكانه من الإناث، بحسب عدة إحصائيات سكانية خلال العقود المنصرمة".

الصحفي ماجد الداعري
الصحفي ماجد الداعري
الصحفي ماجد الداعري، تحدث عن عدم تنفيذ القرار 1325 وأثر ذلك على واقع المرأة قائلًا: "استمرار تهميش المرأة اليمنية سياسيًا وعزلها من أي منصب وزاري وعدم إشراكها في مفاوضات الحل السياسي دليل على عدم الالتزام بالقرار 13250 وعدم وجود توجه لتنفيذه حاليًا ومنح المرأة أي حقوق أو نسبة تمثيل ممكنة لذلك غيّب أي فرصة حقيقة للاستفادة المجتمعية من القرار وتمكين المرأة في أي جوانب سياسية أو مجتمعية ممكنة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى