تهديد الحوثي للملاحة في البحر الأحمر تهديد للأمن القومي المصري

> وائل الغول "الأيام" الحرة

>
​دول عربية تنتقد دور طهران "المزعزع".. مواجهة مستبعدة وترقب لـ"تضافر الجهود"
من الخليج مرورا بالأردن ختاما بالقاهرة، تزايدت  التصريحات العربية تجاه التحركات الإيرانية في المنطقة، والتي وصفتها بعض الدول بـ"المزعزعة لأمن واستقرار الشرق الأوسط"، فهل يمكن أن تترجم هذه التصريحات إلى تحركات فعلية؟ وكيف يمكن أن يحدث ذلك؟

وجاء آخر التصريحات من العاصمة المصرية، حيث اتفق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي استقبل رئيس مجلس القيادة اليمني، رشاد العليمي، على "تكثيف العمل العربي المشترك، لحماية أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، والخليج العربي".

الأمن القومي "في خطر"

ويرى الباحث في شؤون الشرق الأوسط، فادي عيد، أن تلك التصريحات تحمل إشارة واضحة لدور إيران "المزعزع" في المنطقة عموما ومنطقة البحر الأحمر خصوصا.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال إن مليشيات الحوثي المدعومة من إيران تهدد أمن مضيق باب المندب وسواحل اليمن على البحر الأحمر عبر نشر العديد من الألغام البحرية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على القاهرة.

وأشار إلى أن تهديد الحوثي للملاحة في البحر الأحمر، ينعكس سلبا على قناة السويس المصرية التي تمثل شريانا رئيسيا للاقتصاد المصري، واصفا ذلك بـ"التهديد الحقيقي للأمن القومي المصري".

وتابع: "القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك التهديدات، فمصر تمتلك واحدة من أقوى القوات البحرية في المنطقة"، لكن استبعد في الوقت ذاته وقوع "مواجهات عسكرية مباشرة" بين الجيش المصري والمليشيات الإيرانية.

ويتفق معه المحلل السياسي اليمني، محمود الطاهر، الذي يشير إلى "الدور المصري الهام في حماية الممرات الملاحية بالبحر الأحمر".

وأضاف في تصريحات لموقع "الحرة"، أن عدم تدخل مصر في حماية البحر الأحمر يفاقم من التهديدات التي تواجه "الأمن القومي"، متوقعا "تصاعد الدور القاهرة لفرض السلام في اليمن، في المرحلة المقبلة".

حرب مخدرات على الأردن

لكن ذلك لم يكن الموقف العربي الأول، ففي 25 مايو، اتهم الأردن "وحدات من الجيش السوري وفصائل موالية لطهران"، بتهريب مخدرات بمئات الملايين من الدولارات عبر الحدود الأردنية.

ووصفت السلطات الأردنية عمليات التهريب "بحرب مخدرات على الأردن"، حيث أعطيت للجيش سلطة استخدام القوة الساحقة، وفقا لـ"رويترز".

وقال العاهل الأردني، الملك عبد الله، إنه يخشى أن يؤدي انسحاب روسيا من جنوب سوريا نتيجة الحرب الأوكرانية إلى السماح لجماعات مسلحة مدعومة من إيران بملء الفراغ.

وتعليقا على ذلك، يقول النائب البرلماني الأردني السابق، نبيل غيشان، إن لإيران "مشروع سياسي في المنطقة"، وتقوم بشن حرب بالوكالة في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، أشار إلى "مخاوف أردنية حقيقة"، من وصول مليشيات مسلحة تابعة لإيران إلى حدود الأردن، والتي حكمها أتفاق بين عمّان وموسكو يقضي بـ"منع تلك المليشيات من التواجد على مسافة 15 كم من الحدود الأردنية السورية".

وأكد أن تسارع وتيرة عمليات تهريب المخدرات خلال الفترة الماضية، قد جاء نتيجة "الحصار المفروض على طهران وحاجتها لدعم عملياتها في المنطقة بالأموال".

الخليج "في قلب المواجهة"

ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محمد القبيبان، إن "إيران دولة لا ترغب في السلام، وتهدد أمن واستقرار جيرانها، وتستخدم أذرعها لفرض سيطرتها على المنطقة".

وأشار في تصريحات لموقع "الحرة"، إلى مادة بالدستور الإيراني تتحدث عن "دعم الجماعات المستضعفة"، مؤكدا أن النظام الإيراني يستغل تلك المادة للتدخل في شؤون المنطقة، ورأى أن دول الخليج كانت دائما في قلب المواجهة مع طهران.

وأوضح أن "بعض دول الخليج لم تتعامل مع التهديدات الإيرانية بشكل واقعي واعتبرت إيران دول جارة"، معتبرا أن ذلك تسبب في " عدم اتخاد استراتيجية خليجية موحدة ضد إيران".

وقال إن "مصر والسعودية تعيان مدى الخطر الإيراني، وتواجهان التمدد الفكري والعقائدي الإيراني، الذي تعاني منه جميع دول العالم وليس دول الخليج أو الدول العربية فقط"، مستشهدا بشعار النظام الإيراني الداعي إلى "تصدير الثورة" لجميع دول العالم.

دور تخريبي  

ومنذ الثورة الإيرانية في عام 1979، دأبت طهران على استخدام شعار "تصدير الثورة"، للتدخل في شؤون الدول، وعن ذلك يقول عيد، إن جميع الدول العربية من البحرين شرقا وحتى المغرب غربا قد تأثرت بما وصفه بـ"العبث الإيراني".

وتابع:" الأردن يعيد تفعيل نشاط غرفة الموك بالتعاون مع أجهزة استخبارات دولية بالتزامن مع تصعيد إسرائيل استهداف مواقع في سوريا".

وأشار عيد إلى "تعاون أمني واستخباراتي بين إسرائيل ومصر والأردن وبعض دول الخليج" ضد إيران، معتبرا أن ترجمة ذلك إلى تحركات على أرض الواقع يتطلب "الاتفاق على الأهداف المرجوة من ذلك التعاون".

من جانبه يتحدث الطاهر عن "مشروع إيراني" يهدف للسيطرة على الممرات الملاحية الدولية ومنابع النفط، مستخدما لتحقيق ذلك "مليشيات يمولها وتدين له بالولاء الإيدولوجي".

ويرجع غيشان، تنامي الدور الإيراني في المنطقة إلى "غياب حل سياسي حقيقي للقضية الفلسطينية"، معتبرا أن "الحل العادل للقضية الفلسطينية سيردع التجاوزات الإيرانية".

وأعتبر أن "تشكيل حلف لوقف تمدد إيران"، قد يواجه مشكلات تتعلق بالقبول الشعبي في حال "مشاركة إسرائيل".

واستعبد غيشان، تشكيل تحالف عربي موحد موسع لمواجهة إيران، بسبب مصالح بعض "دول الخليج" مع إيران، ومخاوف لدى "دول خليجية أخرى".

وأشار  إلى إمكانية تشكيل حلف مناوئ لإيران يضم " السعودية والأردن ومصر واليمن"، لكنه توقع ألا يحظى برديف شعبي قوي.

لكن القبيبان، يشير إلى إمكانية "تحالف السعودية مع إسرائيل"، لمواجهة الخطر الإيراني الذي وصفه بـ"المهدد للجميع".

وتابع: "بما أن الخطر يهدد الجميع فلا ضرر من التعاون مع إسرائيل في إطار ذلك، لكن بالتوازن مع دعم القضية الفلسطينية".

واستطرد: "التهديد يشمل جميع دول المنطقة، ومليشيات إيران تهدد الجميع بلا استثناء، لذلك سيكون التعاون مبني على تحقيق مصالح مشتركة في مواجهة دور طهران التخريبية".

مواقف ليست متطابقة

أما المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، فيري أن مواقف الدول العربية تجاه إيران "ليست متطابقة"، مستبعدا اتخاذ الدول العربية "موقف عربي موحد يتجاوز الشجب والإدانة والتنديد المكرر منذ سنوات".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، تابع قائلا: "بعض دول الخليج تناصب إيران العداء وترى فيها خطرا يهدد أمنها القومي، وإيران من جانبها ترى في تلك الدول تهديدا لأمنها أيضاً".

وأشار إلى التواجد الإيراني في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، جاء لحماية "الأمن القومي الإيراني"، مضيفا "الدور الإيراني فاعل وداعم للدول العربية في مواجهة إسرائيل".

مساومة من أجل "الاتفاق النووي"

في عام 2015، أبرمت طهران مع القوى الكبرى اتفاقا بشأن برنامجها النووي وهو ما أتاح رفع عقوبات عن طهران، مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية برنامجها.

لكن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات على طهران في إطار سياسة "ضغوط قصوى"، وردّت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.

وانطلقت المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي في أبريل 2021، وحققت تقدما كبيرا قبل أن يطالها الجمود في مارس، مع تبقّي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيَين، طهران وواشنطن، وفقا لـ"فرانس برس".

وعن ذلك يقول فادي عيد، "التحركات الإيرانية لن تهدأ في المنطقة إلا في حالة العودة للاتفاق النووي".

وأعتبر أن النشاط الإيراني في سوريا واليمن العراق، يهدف في المقاوم الأول لـ"مساومة الغرب والمجتمع الدولي"، من أجل القبول بـ"إيران النووية".

واستدرك قائلا: "لكن إسرائيل ترفض ذلك جملة وتفصيلا، وتسابق الزمن من أجل منع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية"، مضيفا أن إسرائيل تستخدم في سبيل ذلك "كافة الطرق"، على حد تعبيره.

واتفق معه القبيبان، الذي أكد أن "إيران تحاول مساومة دول الغرب وأوروبا لتمرير الاتفاق النووي"، بشكل يضمن تحقيق مكاسب استراتيجية لطهران.

وأشار إلى رفض الدول العربية وعلى رأسها السعودية، تقديم أي تنازلات لإيران بشأن ذلك.

أما الطاهر، فيعتبر أن "تضافر جهود الدول العربية لبتر أذرع إيران المتمددة في المنطقة" هو السبيل الوحيد للتصدي لنفوذ طهران المتصاعد.

وشدد على أهمية سعي الدول العربية لتصنيف "المليشيات الإيرانية" كجماعات إرهابية دولية، لخلق نوع من "الضغط المجتمعي الدولي" على طهران.

لكن يوسف، يرى أن "التفاهم والدبلوماسية" السبيلان الوحيدان لحل كل المشاكل بين الدول العربية وإيران، مشيرا إلى اتصالات عربية قائمة مع طهران في هذا الشأن.

وأشار إلى أن تصاعد حدة الخلافات أو تراجعها يعتمد على مدى ضبط النفس الإيراني وتغيير الرؤية الاستراتيجية الخليجي لتقوم على أساس أن "إيران دولة جارة يجب التعايش معها".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى