مستشفى رضوم فارغ ورحيل المنظمات الغربال الذي تغطى به جروح المواطن

> عتق «الأيام» خاص:

> ​مأمور بلا إمكانيات ومدير صحة مشغول ومدير مشفى يعدد ما يحسب له..
رضوم الغنية تبحث عن طبيب معالج

بلا مستلزمات طبية ولا أدوية أو حتى أطباء يقف مستشفى رضوم خاويًا خاليًا مما يعين على تسميته مستشفى. في رضوم الغنية يعيش قطاع الصحة واقع فقر مزريًا والمشفى الريفي الوحيد في تلك المنطقة ينقصه الكثير ليرقى إلى ما يطلق عليه.


إلى وقت قريب كان الوضع مغايرًا لما هو عليه الآن داخل هذا المبنى، إلا أن الأطباء الذين كانوا يتناوبون على رعاية المرضى قرروا ترك العمل لما وجوده من إهمال وتهميش وقلة تقدير لجهدهم ووجودهم، وقالوا: فالطبيب مرعي بالحمان الذي كان يداوم في مستشفى رضوم الريفي، كان قد كتب رسالة إلى مدير عام مديرية رضوم هادي سعيد الخرماء قال فيها: "أنا الدكتور مرعي محسن بالحمان المشجري، طبيب عام في مستشفى رضوم العام أوجه هذه الرسالة وفيها شكوى لحضرتكم حول مدير الصحة في مديرية رضوم، طبعا الموضوع ليس لي فيه مصلحة ولكن مديرية رضوم بوجود مستشفى ضخم  تستاهل أن يسعى لها الناس بكل خير لها ولأهلها ولو بهذه الرسالة لحضرتكم، مستشفى رضوم العام أفضل مستشفى، أنا طبيب جديد وهذا الشهر الثاني من دوامي فيه ولكن للأسف الشديد مهمش جدا، حيث يتم تهميش الأطباء ومماطلتهم في رواتبهم ولا توجد منظمات على الرغم من أن الإدارة السابقة كانت في عهدها منظمات وأنا لا أريد أي شيء لمصلحتي لأني رايح نهاية هذا الشهر 25 رمضان من المديرية بسبب تهميش مدير الصحة برضوم لنا ولمطالبنا، حيث لا يوجد ادوية كافية للإسعافات ولا يوجد ادوية طوارئ تبع المستشفى رغم أنهم فاتحين طوارئ واستدعاء عند الحالات الطارئة ولكن طالبنا بتوفير بعض الأشياء وأبسطها الإسعافات الأولية للمريض ولكن للأسف همشونا، على الرغم من أنني كنت راح استمر معهم في الدوام إلى عيد الحج (الأضحى) وبعدها عندي زواج وراح اجيب دكتور يغطي مكاني ولكن الذي ما رضيته عن نفسي لن أرضاه لزميلي الذي سيأتي عن طريقي أنا رايح وراحوا كثير اطباء لن يستمر أحد منهم لأنه يوجد سبب، أنا ليس لي مصلحة ولكن حبي لأهل المنطقة يستأهلون أن أكتب هذه الرسالة لتصل حضرتكم وتنظرون في موضوعهم أما نحن الاشغال كثيرة ولكن مستشفى ضخم في منطقة مثل مديرية رضوم تستأهل التعجيل في حل هذه المشكلة ونرجو من حضرتكم أن تنظروا في هذا الموضوع بأسرع وقت لأنه مستشفى مهم سيقدم خدمات كبيرة للمواطنين ولكم خالص الشكر والتقدير"، رسالة مليئة بما يعبر عما وصل إليه الحال في رضوم التي لا يجد فيها من يمسه تعب من يعالجه ويضطر لقطع مسافات طوال تزيده على مرضه مرضا.

مستشفى رضوم_صورة أرشيفية
مستشفى رضوم_صورة أرشيفية

الطبيب بالحمان، تكرار لحالات سابقة أتت وغادرت نتيجة سياسة تطفيش تمارس ضد الكادر وإهمال وظلم ضد المواطن. صفوان جليجل، أحد أبناء المديرية تحدث عن الوضع الحالي وقال: "مستشفى رضوم حاليا بدون أدوية ولا كادر طبي، حيث غادر الدكتور العام ودكتورة النساء والولادة نهاية شهر رمضان الماضي، وقد خاطبنا الإدارة قبل أسبوع بما يعانيه المستشفى، فردت الإدارة بأن المشكلة في المنظمات التي غادرت المستشفى قبل عدة أشهر وتركت المستشفى يعاني من شحة الإمكانيات".

وأضاف جليجل أن المنظمات التي تتحدث عنها الإدارة تعمل في مديريات أخرى من محافظة شبوة، معتقدا أن سبب مغادرة المنظمات مستشفى رضوم وبقائها تعمل في مديريات أخرى من نفس المحافظة هو الإدارة الحالية التي لم تتعامل مع المنظمات بشكل إداري جيد وأسلوب كسب المنظمات وإقناعهم للتخفيف من معاناة المواطنين، "إدارة المستشفى لم تقنع دكتورا واحدا فقط في البقاء للعمل داخل المستشفى وفيه رسالة سابقة من د. مرعي بالحمان موجهة للمواطن وللسلطة المحلية بمديرية رضوم لإنقاذ المستشفى من سوء معاملة الإدارة للكادر الصحي العامل في المستشفى لكن لم يستجب أحد".

صالح ملاقي، مواطن من ذات المنطقة أكد أن مستشفى رضوم يعاني أوضاع سيئة للغاية "ولا وجود فيه دكتور ولا دكتورة ولا اي قسم من الاقسام يشتغل في المستشفى، بالإضافة إلى عدم وجود الأدوية الضرورية التي يحتاجها المرضى كإسعافات أولية، وكذلك عدم وجود أدوية للأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر وغيرها من الأمراض".

مدير عام مديرية رضوم
مدير عام مديرية رضوم

وتابع: "المستشفى يعمل على استقبال الحالات المرضية الخفيفة ويقدم بعض الفحوصات بعد تشخيص أحد المساعدين الطبيين فقط، والفحوصات تذهب لها إلى العيادات الخاصة، كذلك أن المستشفى لا يوجد فيه دكاترة اختصاصيين أو حتى على الأقل دكتورة نساء وولادة، وتوقف العمل في أقسام المستشفى المختلفة مؤخرا فيضطر المرضى للذهاب إلى مستشفيات عزان بمديرية ميفعة والمكلا بمحافظة حضرموت، مما يسبب معاناة كبيرة للمرضى، فنتمنى من الجهات المختصة والسلطة المحلية بمديرية رضوم ومحافظة شبوة أن يعملوا على الإسراع في إنعاش المستشفى وانتشاله من الوضع المزري الذي يعيشه حاليا".

مدير المستشفى د.محمد سعيد بامعبد، تحدث لـ "الأيام" عن واقع المستشفى وتقييمه للوضع الصحي منذ توليه إدارة المشفى وقال: "نحن في البداية بشر نصيب ونخطئ ونجتهد ونفتر، وضع المستشفى من بداية العام 2022 غير مرضي لي شخصيا ولا لكثير من أبناء مديرية رضوم فمنذ أن توليت إدارة المستشفى كانت لي رؤية شاملة في جميع الجوانب من توفير الكادر الطبي المؤهل وفتح أقسام جديدة وترميم عدة أقسام أخرى، نحن نواجه العديد من الصعوبات والمعوقات ومنها عدم توفر السيولة لتسديد رواتب الأطباء والكادر الطبي المتعاقد وذلك لقلة الموارد المتاحة لدينا و انسحاب معظم المنظمات التي كانت توفر حافز للطبيب العام وبعض الكوادر المتعاقدة معنا وعدم توفر الأدوية وخاصة أدوية الأمراض المزمنة".

واستطرد: "الأقسام التي تعمل حاليا في المستشفى هي العيادة الطبية التي يداوم فيها الطبيب العام حيث يتم معاينة جميع الحالات فيها وكذلك عمل جهاز السونار لجميع الحالات المرضية من نساء وأطفال ورجال بالإضافة إلى قسم الطوارئ العامة على مدار  24 ساعة حسب الإمكانيات المتاحة لدينا، وقد تم استقبال عدة حالات طارئة وآخرها الحادث المؤسف لاثنين من أبناء منطقة جلعة، حيث تم عمل الإسعافات الأولية لهم من أوكسجين وتوقيف النزيف وربط الكسور وشفط السوائل من البلعوم، إضافة لقسم المختبر الذي يعمل 24 ساعة وقسم الوضع الذي يقدم خدمة 24 ساعة والمجارحة والعمليات الصغرى وقسم التغذية العلاجية لأمراض سوء التغذية وقسم التحصين. أما بقية الأقسام لم تتفعل بعد لعدة أسباب منها عدم وجود كادر موظف متخصص وعدم وجود أجهزة طبية والبعض بحاجة لصيانة شاملة مثل قسم الأشعة الذي تم بذل فيه كثير من الجهد، حيث قمنا بإنزال مهندس من عتق على نفقة الإدارة وتم فحص الجهاز وعمل له صيانة مع شراء أفلام وأحماض جديدة، لكن لقدم نوع الجهاز فهو بحاجة لصيانة دورية، وكذلك عدم توفر الكادر المؤهل كان عائقا أمام تشغيل الأشعة".

وأوضح أن تشغيل قسم الأسنان كان من ضمن الخطة التشغيلية التي وضعها، "تم التواصل مع بعض الأطباء على أساس التعاقد معهم لتشغيل القسم مقابل راتب شهري أو نسبة لكن العائق كان في خروج كرسي العيادة عن العمل تمامًا وتعذر صيانته وإصلاحه بسبب طول فترة التخزين"، قال مدير مستشفى رضوم.

مدير مستشفى رضوم ، الدكتور محمد سعيد بامعبد
مدير مستشفى رضوم ، الدكتور محمد سعيد بامعبد

وأكد بامعبد أن المستشفى يقدم خدمات حسب ما هو متاح.

وحول تدخل المنظمات قال: "صحيح عندما كانت منظمة الإنقاذ الدولية تعمل في المستشفى تمت الاستفادة منها وقمنا بالتعاقد مع طبيب للفترة المسائية على نفقة الإدارة إضافة للفترة الصباحية الذي كان بالتعاقد مع المنظمة وكذلك استدعاء للحالات الطارئة على مدار 24 ساعة وتوفير طبيبة نساء وولادة لفترتين واستدعاء للحالات الطارئة على مدار الساعة وهو لأول مرة يتم تفعيله في قسم الطوارئ التوليدية بالمستشفى، وهذا يعتبر إنجازا يحسب للإدارة، بالإضافة إلى أن منظمة الإنقاذ كانت تدعم في مجال الأدوية وخاصة الأمراض المزمنة، ولكن بعد مغادرتها ازداد وضع المستشفى سوءا".

وتابع: "كان هناك طبيب عام وطبية نساء وولادة إلى قبل إجازة عيد الفطر المبارك، بالنسبة للطبيب كان لديه بعض الاشتراطات حيث كان يريد أن يحصل على مبلغ من راتبه في أي وقت وهذا كان صعبا علينا، حيث كانت مساهمة المجتمع التي نأخذها من تحصيل فحص الـCBC، ومعاينة المرضى لا تغطي حتى محاليل الفحوصات لأن معظمها مجاني وهو ما سبب لنا عجزا واستدانة راتب الطبيب لشهرين متتاليين".


وأفاد بامعبد بأنه خاطب الجهات المختصة أكثر من مرة آخرها عند زيارة الوكيل الشيخ سالم صبيح للمستشفى، "كنت شفافا وواضحا معه وقلت له انني غير قادر على توفير راتب الأطباء بعد شهر أبريل وكان هناك خطاب ورسالة رسمية بهذا الخصوص، وكانت هناك وعود من الأستاذ هادي سعيد الخرماء مدير المديرية للجلوس مع المحافظ بخصوص هذا الأمر ونحن ثقتنا فيه كبيرة ولكن ستضل الوعود وعودا إلى أن تترجم على أرض الواقع".

ووجه بامعبد رسالة طالب فيها السلطة المحلية في المديرية ومكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة بالنظر لمستشفى رضوم باهتمام كبير لكونه المستشفى الوحيد بمديرية النفط والغاز حيث يقدم خدماته لأكثر من ثلاثين ألف نسمة من المجتمع الذي يعد من أكثر المجتمعات فقرا وحاجة، مطالبا رجال المال والأعمال في المديرية بالمتاجرة بأموالهم مع الله ودعم المستشفى في مجال الأجهزة الضرورية والأدوية وخاصة أدوية الأمراض المزمنة لأن أكثر المتعاطين لها من الفقراء وذوي الدخل المحدود، حد قوله.

من جهته، قال هادي سعيد الخرماء، مدير عام مديرية رضوم: "نحن في السلطة المحلية بمديرية رضوم نبذل قصارى جهودنا لخدمة المديرية وخصوصا في الجانب الصحي ولكن لضعف الإمكانيات والموارد لم نستطع أن نقدم ما يحتاجه مستشفى رضوم الذي يستفيد منه أبناء المديرية كافة، وتقدمنا بخطابات رسمية إلى الجهات المختصة في المحافظة وإن شاء الله يتجاوبوا معنا ويقدموا ما يستطيعون تقديمه".

وعن الوضع السيء الذي يمر به مستشفى رضوم قال الخرماء: "شكلنا لجنة أمناء على المستشفى لمراقبة عمل المستشفى واطلاعنا على كل شيء فيه ونتمنى أن يقوموا بعملهم على أكمل وجه ويتعاونوا مع إدارة المستشفى".

هذا، واعتذر مدير مكتب الصحة العامة والسكان في مديرية رضوم ناصر محمد لسود، عن التعليق على ما ورد من اتهامات للمكتب بالإهمال وتعمد تهميش الكادر الطبي والقطاع الصحي، ورفض الحديث واستخدام حق الرد والإيضاح بحجة أنه مشغول، حسب وقوله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى