براءة ذمة

> التاريخ المعاصر لليمن لا يمثل تاريخه الحضاري ونخبه للأسف، فكرهم مغلق يصعب تغييره، ولهذا فإن القادم سيكون أسوء.

يقول الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

ثبت للجميع أن صراع الأحزاب السياسية التقليدية والمكونات الحديثة شمالًا وجنوبًا من أجل السلطة لا غير، وتقاسمها وفقًا لقوة السلاح والمال والدعم اللوجستي لهذا الحليف أو ذاك، وبالوقت نفسه تبعية المكونات الضعيفة للقوية من أجل كسب نصيبها، وهذا يعكس فكر القرن العشرين، ويؤكد ذلك فقدانها لمشروع وطني يعيد اليمن لمكانتها المستلهمة مما قدمته للإنسانية وبما يحلم به مواطنوها.

المحاولات الأممية والدولية بما فيها الإقليمية تصب في إقناع الأدوات اليمنية بتسوية سياسية لتقاسم السلطة وتشكيل سلطاتها، وإغلاق ملف اليمن نهائيًا، والتفرغ لملفات أكثر أهمية من وجهة نظرها، وهذا يعني ترك اليمن لصراعات بينية بنزعات متعددة كما حصل لبعض الدول والصومال خير مثال على ذلك.

وللأسف فالحوثي فاقد للدعم بنسبة عالية في الشمال، وغير مقبول جنوبًا بسبب فشله في تقديم مشروع وطني خالص.

والشرعية فقدت أمل المواطنين بكل المحافظات، بسبب هول فسادها واستمرارها بنفس النهج بمسميات جديدة. وكذا بسبب فشلها في تقديم مشروع معدل شامل يحل القضايا الرئيسة، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، ناهيك عن فشلها في تقديم نموذج واحد في أي محافظه أو حل معضلة رئيسة لحياة المواطنين، ولم تقدم فاسدًا للمحاكمة لتعيد الثقة بها.

أما ثالث القوى الحالية وهو المجلس الانتقالي الجنوبي على الرغم من الآمال الكبيرة لدى الجنوبيين به في بداية انطلاقه إلا أنه فشل في أن يكون ممثلًا لكل الجنوبيين، وذلك نتيجة إصراره على صحة نهجه الذي أفقده قاعدة شعبية لم تكن في عضويته، إنما كان أملها أن يستفيد من أخطاء سابقيه، وظلت تخلق الأعذار له عسى أن يصحو من سباته. ولعل ما تابعناه مؤخرًا في خطاباته وتوصياته في الجمعية الوطنية في دورتها الخامسة والتي تبشر الجنوبيين بما انتظروه طويلًا لجمع شملهم دون إقصاء لأحد. وبحيث يكون هناك حوار جنوبي جامع لإيجاد حلول عادلة لكل القضايا، والخروج بصيغة متفق عليها تعرض على الجنوبيين للاستفتاء عليها، وتشكيل مرجعية فكرية جنوبية ووفد جنوبي للتفاوض حول القضية الجنوبية. وليس حوار من أجل تقاسم سلطه غير موجودة وزائفة.

على الحوثي والشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي أن يستوعبوا معنى أهمية الحوار الجامع من أجل بناء وطن يحقق حياة حرة وكريمة للجميع، وأن استمرار اتباع نهجهم هذا يفرض على الحكماء والشرفاء بدراسة تشكيل رديف سياسي شامل في الجنوب ومثله في الشمال. بحيث يحمل كلا مشروعه بفكر جديد لا يقصى أحدًا حتى من هم أعضاء هذه القوى باعتبارهم مواطنون في محافظاتهم، وعلى أن تعد إليه مميزة ومختلفة عن كل سابقاتها للوصول لصياغة حلول عادلة لكل القضايا المتراكمة لعقود وعرضها للاستفتاء.

هل يستطع المجلس الانتقالي الجنوبي أن يحدث المعجزة ويكون سباقًا لهذا النهج قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه ليس على المجلس فحسب؛ وإنما على الجنوب وقضيته العادلة ومستقبل أجياله.

الأيام القادمة ستثبت من يصدق مع وطنه قولًا وفعلًا، ومن لم يتعلم الدروس سيفاجئ بدفعه ضريبة قاسية نتيجة جشعه الذي دمر أهله وأجيالهم القادمة.

كنا ولا زلنا وسنظل مؤمنون بقدرة الله على تحويل كارثتنا إلى جنة إذا ما غيرنا تفكيرنا وتجمعنا على قلب رجل واحد تضحية لأجيالنا القادمة.

اللهم هل بلغت؟.. اللهم فاشهد

*نائب وزير الخارجية السابق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى