انعدام الثقة والخوف من الآخر ودور الطرف الثالث

> كانت وستبقى الثقة المتبادلة بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية هدفًا ومطلبًا وطنيًا وسياسيًا وتاريخيًا كذلك، بل وشرطًا حاسمًا لجهة وحدة وصلابة وتماسك جبهة الجنوب الداخلية؛ لما لذلك من أهمية استثنائية بالغة في هذه الظروف التي يمر بها الجنوب وقضيته الوطنية وما تواجهه من تحديات ومخاطر ومؤامرات تتعدد ألوانها ومصادرها وعناوين ومسميات أطرافها ومشاريعها؛ ولكنها تلتقي عند هدف واحد مشترك وهو العداء للجنوب والإصرار على إخضاعه والسيطرة على ثرواته وحرمانه من تحقيق تطلعاته الوطنية المشروعة المتمثلة باستعادة دولته وحريته وسيادته على أرضه.

فعندما لا تثق بالآخر وهو هنا الشريك لك في العمل الوطني والحياة السياسية، تجد بذلك مبررًا كافيًا للخوف منه والتشكيك بصحة وصواب أقواله وأفعاله؛ لأن السبب الجوهري الذي يقف خلف ذلك يكمن بالابتعاد عن الحوار الجدي والعميق معه، و ربط ذلك بالمواقف الشخصية والخاصة أو بمكانة هذا أو ذاك في إطار القيادة بحثا عن (الزعامة) ناهيك عن جعل التأويل والقراءة في النوايا من قبل البعض الآخر مصدرًا لمواقفهم بل وتذهب بهم بعيدًا أحيانًا ليصل الأمر إلى حد التخوين لمن يختلفون معهم مع الأسف، الأمر الذي لا يمكن أن نبني معه موقفًا وطنيًا موحدًا إذا لم يغادر البعض هذه الحالة التي تجسد سلوكًا سياسيًا خطيرًا وضارًا بالجنوب وقضيته الوطنية وتضعف قدرته على مواصلة مسيرته الكفاحية نحو المستقبل الذي يليق به وبتضحياته العظيمة.

فمن يبحثون عن المستقبل بجدية وبموقف ثابت وقناعات حقيقية وراسخة وبرؤية سياسية ووطنية ناضجة وشاملة ولا يلتفتون إلى الماضي بكل ما له وما عليه إلا بقدر الاستفادة من دروسه وعِبَره الغنية والاتعاظ بها فإنهم بلا أدنى شك سيجدون مع غيرهم ممن يحملون نفس الهم الوطني ويرفعون الهدف ذاته وهي الآلية الوطنية المناسبة عبر الحوار الجدي الصادق والمسؤول وسيتفقون على الرؤية والموقف ليسيروا معًا وجنبًا إلى جنب، انتصارا لشعبهم وقضيته الوطنية، ولن يسمحوا للأوهام أن تتسلل إلى نفوسهم أو الوقوع تحت تأثير أفعال ودسائس الطرف الثالث الذي كان موجودًا دائمًا في تجربتنا الماضية مع الأسف الشديد، وسيبقى همه وهدفه الأول منع الجنوبيين من الاتفاق وتوحيد صفوفهم؛ لأن في ذلك تكمن قوتهم وتصلب إرادتهم وتُوحَّد قبضتهم، وهذا الطرف وبشقيه ( المتخفي والمعلن ) لا يرى خطرًا عليه أكثر وأكبر من وحدة الجنوبيين الوطنية، وهي اليوم مقياسًا وطنيًا حقيقيًا تنتصب أمام الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى