شباب حضارم بين نارين.. البطالة والهجرة والاغتراب

> المكلا «الأيام» خالد بلحاج:

>
قال الأمام الشافعي في السفر:

تغرب عن الأوطان في طلب العلا           وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشــة             وعـلـم وآداب وصحبة مـاجد.

وهاهم شبابنا يواجهون التحديات والصعاب ويكتوون بنارين نار البطالة والجوع في الوطن ونار الهجرة والاغتراب، خياران لا ثالث لهما أحلاهما مر، فالعيش في الوطن مع البطالة غربة والمال في الغربة لا يغني عن الوطن.

شباب في مقتبل العمر ضاقت بهم السبل في الوطن وتكدرت أحوالهم بسبب المعيشة في زمن أصبح المال السبيل الوحيد لعيش حياة كريمة، شباب يحلمون بغد مشرق ومستقبل آمن في وطنهم فتضاءلت آمالهم وطموحاتهم أمام رغد العيش وكسب اللقمة الحلال في ظل البطالة والجوع والفقر المدقع ففضلوا الهروب من نارها إلى نار الهجرة والاغتراب بحثًا عن عيشة كريمة في وطن آخر.

فالسفر والغربة عنصر أساسي ارتبط به أبناء حضرموت منذ القدم فكانت هجرتهم لشرق آسيا ودول الخليج، وقلما تجد في بلادنا بيتًا إلا وبه مهاجرًا خارج الوطن. نهج يبدو أنه أصبح ملازمًا لكل الأجيال في كل الأزمان وخصوصًا المناطق النائية والأرياف التي تشهد هجرة غير عادية."الأيام" لامست ذلك الواقع المرير من خلال استطلاع آراء عدد من الشباب العازمين على السفر من تلك المناطق النائية والأرياف يوضح الدوافع والأسباب لذلك.

الشاب نائف يسلم  يقول:"أنا خريج بكلاريوس إدارة أعمال، بعد التخرج بحثت عن وظيفة أو عمل مناسب لتخصصي ولم أجد فسافرت حينها أي قبل15  عاما وتوفقت بالعمل في المملكة العربية السعودية ومكثت ما يقارب من سبع سنوات وفضلت العودة إلى الوطن لفتح مشروع خاص بي".

وتابع:"عملت مشروعي بعيدًا عن منطقة سكني واستمر المشروع 5 سنوات ولكن دون فائدة فحلمي بأن أعيش حياة كريمة تبدد، بل أصبح ما أدخره من المشروع يذهب للمعيشة بل لا يفي بها أحيانا".

وواصل وفي صوته بحة وعبرة :"أمام هذه الظروف الصعبة قررت الهجرة مرة أخرى مع أنني أعلم بنارها التي اكتويت بها من سابق ولكن ماذا أفعل فنار الغربة أهون من نار الجوع في الوطن".

يسلم علي، هو الآخر خريج جامعي بحث ولا يزال يبحث عن عمل في المدينة، ففرص العمل في الأرياف نادرة جدًا كما قال.

ويفضل علي السفر والاغتراب حيث أنه ينتظر استكمال إجراءات سفره،"أدرك أن الغربة كربة ولكن لا خيار غيرها، فالوطن لا يتسع لنا في ظل البطالة والجوع مع أن بلدنا وحضرموت خاصة غنية بالنفط والخيرات والموارد التي تتيح فرص كثيرة للشباب ولكن لا حياة لمن تنادي في ظل مافيا الفساد التي تحكمنا" قال علي.

حسين عبدالله
حسين عبدالله
ويحكي حسين عبدالله تجربته بالاغتراب قائلًا:"جربت الغربة مرة واحدة ولمدة خمس سنوات ثم عدت للوطن وعملت سائق أجرة والحمدلله كانت الأمور تمام " ويضيف: "وفي ظل الغلاء وارتفاع أسعار المحروقات لم يعد العمل في التاكسي مفيدًا حيث لا أحصل سواء على مصروف يومي، فأحلامي وأهدافي ببناء مسكن خاص بي وأسرتي لم يتحقق بعد" ويواصل حديثة :  "فجاءتني فرصة السفر مرة أخرى علني أتوفق في الغربة مع أنني أعلم توابعها، ولكن أسأل الله التوفيق".

سالم مبارك
سالم مبارك
بينما يرى العم "سالم مبارك"  أحد الأهالي المغتربين أن لا محالة من السفر والاغتراب حيث يقول : "هاجرت وأنا شاب في مقتبل العمر وتوفرت لي فرص عمل بالمملكة العربية السعودية وظننت أنني سوف أكوّن مستقبلي ومستقبل أسرتي بعد الزواج والحمدلله توفقت خلال فترة الهجرة التي تقارب الـ "50" عاما بالحفاظ على العيش بكرامة وحفظ ماء الوجه فحاولت العودة للوطن والاستقرار فيه ومنح الفرصة للأبناء ولكن الظروف شاءت أن تكون الغربة هي الملاذ الآمن لتحسين سبل العيش فكانت هي الخيار أمامي وأمام أولادي" ويضيف : "فنصيحتي للشباب الذين لا يحصلون على فرص العمل في الريف بسبب عدم وجود فرص للاستثمار والأسواق وهجرة رجال الأعمال إلى المدن عليهم بالهجرة والسفر وتحمل تبعاته".

حسن مبارك
حسن مبارك
ويقول "حسن مبارك" : "يبدو أن السفر والغربة قدر محتوم علينا وعلى أولادنا ولن ننعم بلذة العيش في الوطن" ويواصل حديثه : "أربعون عاما قضيتها في الغربة فذهب الشباب وجزء من مراحل الشيخوخة وما زلت في الغربة بل أبنائي، فالوضع لا يطاق والحال صعب، فالمعيشة في الوطن صعبة في ظل أوضاع كهذه" كان حلمي بضع سنوات في المهجر وأعود للعيش في الوطن ولكن هيهات ما كل ما يتمناه المرء يدركه وها أنا اليوم في كنف الغربة أنا وأولادي.

ويقول عدد من الشباب الذين ما زالوا في البلد : "حلمنا السفر مثل أصدقائنا وإخواننا، فالبلاد لا تصلح للعيش يجب علينا الاعتماد على أنفسنا لا على غيرنا" وهنا لا توجد أعمال عدا النوم ونستلم مصاريفنا من أهلنا المغتربين ولكن الوضع لن يدوم، لذلك نحن نسعى لشراء فيز عمل للسفر".

الباحث الاجتماعي "عبدالرحمن عمر" يقول :  "الحديث عن الغربة أمر شائك فالغربة والتغيير أمر مسلم به للبحث عن مصادر للدخل، أن ما يمر به شبابنا اليوم من بطالة وفقر ناهيك عن الفراغ القاتل يحتم عليهم البحث عن التغيير في حياتهم لذلك فهم يفضلون الغربة والهجرة على البقاء في هذه الحالة".

من هنا نرى أن إيجاد فرص عمل للشباب أمر ضروري سواء من رأس المال أو الحكومة مع أن الفرص في الأرياف قد تكون ضئيلة ولكنها قد تحد نوعًا ما من الهجرة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى