​شارع الذهب في الشيخ عثمان.. كر وفر و"بلاطجة" وإتاوات غير قانونية

> تقرير/ أحمد زكي

> نتأثر كثيرًا عندما نشاهد مندوبي المجلس المحلي لمديرية الشيخ عثمان وهم يلاحقون بائعي (البسطات) في شارع الذهب وسط مدينة الشيخ عثمان صباحًا ومساءً.. هذه المشاهد تتكرر بشكل شبه يومي عندما يأتي البائعون المتنقلون لبسط أمتعتهم على طول الشارع الضيق أصلًا، فيستقبلهم مندوبي المجلس المحلي بالمداهمة كـ (موت الفجأة) فترى بضائعهم وقد انقلبت رأسًا على عقب من جهة، ومن جهة أخرى يفر البائعون من المطاردة إلى الأزقة المجاورة أو الاحتماء بأماكن بعيدة، مخلفين ورائهم قيمة ما كانوا يجمعوه طوال حياتهم.

"الأيام" التقت بطرفي النزاع في هذا الموضوع لمعرفة الأسباب والحلول


بائع: ندفع 50 ألف ريال لاستعادة البضائع المحتجزة في المجلس المحلي

البائع (ع. أ. أ) في سوق الذهب بمديرية الشيخ عثمان تحدث قائلًا "إن عملية الكر والفر تحدث كل يوم، ومنذ أكثر من سنة، ولا نعلم لماذا يعبثون ببضائعنا، ويقطعون أرزاقنا". في إحدى المرات وقع (ع. أ. أ) هو وممتلكاته في أيدي مندوبي المجلس المحلي للمديرية ولم يطلقوا سراحه وبضاعته إلا بعد أن دفع مبلغًا وقدره 50 ألف ريال، وكتابة تعهد بعدم العودة مرة أخرى للبيع في هذا المكان".

ولمعرفة ما إذا كانت المبالغ النقدية التي يدفعها البائعون لإطلاق سراحهم موحدة ومحددة بالتساوي على الجميع التقينا بائعًا آخرًا (ب. و) فأجاب "إنه ذاق مرارة التوقيف والمنع، وعلى حسب حجم البسطة وسعر البضاعة تتحدد المبالغ المدفوعة، فالبعض من زملائه فرضوا عليهم تسديد أكثر من 50 ألف ريال وبعضهم أقل من ذلك، وليس هناك وصلًا رسميًّا أو سندًا صادرًا عن أي جهة بالمبلغ الذي سدده، قائلًا "ندفع، ونتعهد، ونأخذ بضاعتنا، ونغادر".

"الأيام" تفقدت نفس الشارع عدة مرات وفي أيامٍ متتاليات فوجدت أن الحال كما هو، البائعون يسدون الطرقات ولا تجد زاوية أو موقعًا إلا وعليه بسطة، فالازدحام على أشده، والإزعاج مستمر بواسطة مكبرات الصوت، ومستوى النظافة يكاد يكون منعدمًا.

كان هناك أحد باعة ملابس الأطفال ويدعى (أ. ج. ع) قال إن أصدقاءه ممن صادر المجلس المحلي لمديرية الشيخ عثمان بسطاتهم يراهم يأتون في اليوم التالي حتى بعد أن قاموا بكتابة تعهدات خطية بالتوقف عن البيع والشراء في شارع الذهب" متسائلًا أين يريدون منهم أن يبيعوا بضاعتهم؟

وأوضح أن المواطنين هم من يشجعونهم على البيع في سوق شارع الذهب فيضطر ملاك البسطات إلى الافتراش على قارعة الطريق لكسب لقمة العيش.

وأضاف بائع أحذية أن هذا المكان متعارف عليه بين النساء والرجال والشباب والفتيات من كافة مديريات العاصمة عدن، فهو يعتبر سوقًا شعبيًّا للعاصمة بأكملها، والأسعار هنا مناسبة لجميع الناس وهم يعلمون بذلك، ولم يمانع من الانتقال إلى مكان آخر بديل لجميع البائعين، مبديًا رغبته هو والعديد منهم في الاستقرار بموقع رسمي بعيدًا عن الملاحقات والإهانات.

 الحاج (ح. م) لديه بسطة يحصل منها على مصدر رزقه الوحيد منذ العام 2009م أي أكثر من 12 سنة، حتى أن أبناءه يشاركوه العمل في البيع والشراء، أبدى تذمره من الأساليب المجحفة التي يجدها من مندوبي المجلس المحلي، مطالبًا بحل جذري لهذه المعضلة التي أنهكته منذ سنين، معربًا عن أمله في انتهاء هذا الكابوس، إذ أنه لم يدعوه يعمل دون متاعب، ولم يأتوا إليه بحل.

ودعا المجلس المحلي في مديرية الشيخ عثمان إلى تنفيذ الوعد الذي قطعوه لهم بإيجاد مكان آخر للبيع، متذمرًا من كثرة الأعذار التي يتحججون بها عندما يطالبهم الباعة المتجولون بذلك، مع العلم أنه توجد مساحات فارغة في إطار المديرية وهي تتبع للمجلس المحلي مثل حديقة الأفراح المهجورة والتي يؤوي إليها المرضى النفسيون والكلاب المشردة، وكذلك المساحة الخالية التي تقع بجانب مسجد النور.

يقول (ع. م. ع) وهو أحد الباعة المتنقلين في الشارع ذاته "إن الغرض من النزولات المفاجئة على مواقع افتراشنا من أجل تحصيل النقود مقابل استرجاع بضائعنا منهم، حيث أننا نقوم بالهرب أثناء تنفيذ المداهمات علينا، فيصادرونها إلى مقر المجلس، ومن ثم نضطر إلى الإذعان لما يفرضوه علينا من رسوم.


إيجار المتر مربع بـ30 ألف ريال وفي المواسم 100 ألف ريال

وأكد أنه وزملاء المهنة يدفعون إيجار مساحة الافتراش على الأرض والتي تُـقاس بالمتر ومقدار رسومها عبارة عن 30000 ريال للـ (متر× متر) وهذا في الأيام العادية، بينما ترتفع بالفترات التي ينشط فيها البيع والشراء مثل شهر رمضان، وعيد الأضحى، لترتفع الإيجارات إلى 100 ألف ريال وأكثر، أضف إلى ذلك نقوم بتسديد مبلغ 500 ريال عن كل بسطة تذهب لما يسمى بـ (عاقل السوق) وكل تلك المبالغ ندفعها خارج إطار القانون وهي عند التحصيل تقدر بالملايين، مناشدًا المجلس المحلي أن يوفر المكان المناسب للبائعين والحماية اللازمة من ما أسماه "البلاطجة" الذين يفرضون عليهم إتاوات غير قانونية، مردفًا أن هذين المطلبين يستطيع المجلس المحلي تحقيقهما، ولكنه لا يريد لأسباب غير معروفة.

مواطن: لصوص ينتهزون الحملات على البائعين لسرقة بضائعهم المتناثرة

إلى ذلك قال المواطن (أحمد نجيب) "دائمًا ما آتي إلى سوق شارع الذهب لأتسوق فيه، فأجد معظم ما أريده وبأسعار لا بأس بها، وأثناء مداهمة السوق رأيت معظم البائعين يهربون، والبضائع تتناثر في جنبات الشارع، وبعضها تسرق من ضعيفي النفوس والذين يتزامن وجودهم أثناء الحملة، فنقوم نحن المواطنون بلملمة بضائع البائعين البسطاء لمنع وقوعها في أيدي اللصوص".

ويرى كثير من البائعين أن على المجلس المحلي اعتماد موقع رسمي مقابل دفع رسوم قانونية للمجلس بدلًا عن تسديد المبالغ بالقوة وتحت التهديد لمجموعات خارجة عن النظام والقانون.

ولمعرفة الرأي الرسمي حول هذه القضية قامت "الأيام" بالتواصل مع أحد موظفي المجلس المحلي في مديرية الشيخ عثمان فقال "نحن نقوم مكافحة ظاهرة البيع والشراء عبر البسطات في شارع الذهب بسبب إغلاق البائعين للشارع والتسبب بشلل في حركة المرور وحتى حركة المتسوقين، وهو الذي يعتبر من أطول شوارع الشيخ عثمان".


مصدر بمحلي الشيخ: نعمل على إيجاد حل جذري للباعة المتنقلين

ولفت المصدر المحلي إلى أن الحل الجذري لإنهاء هذه الظاهرة هو توجيه قوة أمنية تمشط الشارع كل يوم وفي أوقات مختلفة، مستطردًا أن هذا الحل لا يستطيع المجلس المحلي أن يقوم به، "لكن ما نقوم به هو ضبط بضائع المخالفين وتوقيفهم من خلال إقامة حملات مكافحة بين الفينة والأخرى، وتغريم الموقوفين لتسببهم بأضرار كبيرة على الحق العام والحق الخاص، وفي حال تم تكرار الفعل يتم الحبس".

وأوضح أن المجلس المحلي فكَّـر جدياً في توفير سوق رسمي للباعة المتنقلين (البسطات) ولكن فوجئوا بحدوث ضغوطات خارجية لم يستطع المجلس من تنفيذ فكرته.

وكشف أن البائعين يسمح لهم بالبيع في شهر رمضان كاملًا بدفع رسوم للمجلس المحلي مقدارها 1000 ريال عن كل يوم تذهب لتحسين المديرية، مؤكدًا أن المجلس المحلس يبحث عن الحل الجذري لهذه المشكلة وتنفيذها في القريب العاجل بإذن الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى