الجنوب وقوى الشر

> بين حين وأخر ، يُستهدَف الجنوب بعمليات إرهابية ، إذ تحولت مؤخرًا المناطق الجنوبية ، وتحديداً منذ عام 2015م وإلى اليوم ، مسرحًا لعمليات إرهابية لا حصر لها ، وهي في الأساس عمليات ناجمة عن إرهاب ممول التخطيط والتنفيذ ، هدفه الأول التخلص من قيادات الجنوب ذات الثقل السياسي والعسكري ، وكذلك خلق بيئة جنوبية غير مستقرة في نظر الإقليم والعالم.

ولكن لماذا الجنوب؟

منذ العقد الأخير من القرن الماضي ، حرصت القوى الشمالية المهيمنة بتشعباتها الثلاثة"الدينية ، والعسكرية ، والسياسية "، على جعل الإرهاب ورقة سياسية للانتقام من خصومها السياسيين ، والقضاء على التحولات الوطنية الكبرى ، التي ينبثق من رحمها ولادة أي مشروع وطني جامع.

ولمن المؤسف أن كل تلك الخصومة المقيتة كانت ومازالت تصب حممها الحارقة على الجنوب وقاداته ومفكريه دون غيرهم، وهذا ما حدث في بدايته خلال انقلاب تلك القوى الظلامية في الشمال على شركاء الوحدة في سنواتها الأولى، وبسببها تحول الجنوب من حامل لمشروع وطني وعروبي عظيم، إلى رقعة شطرنج خاصة بهذه القوى المتخلفة التي أمعنت العبث بمقدرات الجنوب طيلة 25 عام.

ومن ثم عادت الخصومة نفسها لتنسج خيوط الحقد والكراهية ضد الجنوب وأبنائه في العام 2015م ، ومن قبل قوى الشمال المسمومة ذاتها، في محاولة لتكرار مخططها الخبيث عام 94، وعلى الرغم من التكلفة الباهظة في الدماء والأرواح التي دفعها أبناء الجنوب في سبيل مقاومة هذا المخطط وهزيمته، حتى تمكن الجنوب بفضل هذه التضحيات الجسيمة من الوقوف شامخًا في وجه كل هذه المؤامرات والأطماع، إلا أن ذلك لم يشكل درسًا كافيًا بالنسبة لأطراف الخصومة، التي لم تدرك أن الوضع في الجنوب قد تغير كليًا، وأنه أصبح يملك ذراعين قويتين تستطيعان دفن كل من يتأبط شرًا بأرضه وشعبه.

وعند فشل قوى الشر الثلاثية من التعمق جنوبًا ، عاودت مجددًا لممارسة سلوكها الرذيل من خلال اللعب بورقة الإرهاب، وبدأت تستهدف قادة الجنوب العسكريين الذين يمثلون مداميك الوطن الجنوبي، حيث فشلت هذه القوى المريضة مرات كثيرة، ونجحت في بعض المرات، ومازالت ماضية اليوم وغدًا في استهداف كل ما يمتُّ بصلة لأرض الجنوب، وهي في نهاية الأمر ستفشل حتمًا ، وان كانت تضحيات الجنوب كبيرة ومؤلمة.

إن ما حدث بالأمس من عمل إرهابي جبان في محافظة أبين، ليست إلا واحدة من رسائل الانتقام التي تفتعلها قوى الشمال البغيضة في كل مرة ترى أن الجنوب يتموضع جيدًا في مكانه الصحيح ، الذي تتمثل قاعدته الأساسية بالتقارب الجنوبي - الجنوبي، وهذا ما لا تريده ولا تتمناه هذه القوى ، التي دأبت بشكل مستمر في التغلغل إلى الجنوب من نافذة الانقسام الجنوبي، وفي حال سُدت هذه الثغرة ، فلن تجد لها موطئ قدم ولو على حفنة من الرمل.

إن ما يحدث في رأيي من عمليات إرهابية في الجنوب، هو في الحقيقة يندرج ضمن الإرهاب الممنهج والمدروس الذي تتبناه قوى الهضبة الشمالية في كل مرحلة زمنية تسعى فيها لتحقيق مآربها الخبيثة على حساب مصالح الجنوب والشمال معاً، وبالتالي لن يهدأ لها بال مالم يكن الجنوب والشمال ككل مسخرًا لأطماعها ونزواتها الخاصة، وفي الوقت الذي بات الشمال يخلو من عمليات الإرهاب كونه باختصار قد أصبح في متناول يديها، يبقى الجنوب حالة خاصة وسيظل معرضًا لخطر الإرهاب المُصدّر له من قبل هذه القوى سيئة الذكر ، وهو ما ينبغي على الجنوبيين استيعاب مخاطره ومقاومته بل وهزيمته وهذا لن يتم إلا من خلال وحدة الصف والكلمة والبندقية.

*كاتب من الشمال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى