ثلاثة ملايين طفل خارج المدارس.. معدل الأمية باليمن يصل حوالي 45,7 % و71 % بين النساء

> عدن «الأيام» فردوس العلمي :

> يعد شهر سبتمبر شهر التعليم والعلِم  وتحتفل به كل دول العالم وعدن مدنية العلِم والتعليم تعيش في كابوس مرعب يشد الأجيال إلى الأمية المقننة المتمثلة بإغلاق المدارس وحرمان الطلاب من تلقي التعليم مما يزيد في أعدد الأمية ويؤدي إلى تدهور العملية التعليمية برمتها.

ففي عام 1966 أعلنت اليونسكو يوم 8 من سبتمبر يومًا عالميًا لمحو الأمية ويهدف إلى تذكير المجتمع الدُّوَليّ بأهمية محو الأمية للأفراد والجماعات والمجتمعات، ولتأكيد الحاجة إلى تكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماما بمهارات القراءة والكتابة. ورغم أهمية التعليم إلا أننا نسير بسرعة جنونية نحو الأمية و أصبح لدينا جيلًا أميًّا بشهادة ثانوية عامة.
حيث نحتفل هذا العام ونحن ننظر بحسرة ووجع إلى ماضٍ قريب حصلت فيه جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على شهادة القضاء على الأمية.

التقت "الأيام"  بالباحثة في مجال تعليم الكبار نبيلة أحمد دعدع الشمعي مدير عام المرأة برئاسة جهاز محو الأمية وتعليم الكبار لمعرفة واقع  تعليم  الكبار  بين الامس واليوم.

أكدت الباحثة  أن واقع  التعليم  في اليمن كما تظهره الأرقام يشير إلى حقيقة غير سارة  فهناك  عددًا كبيرًا من الأطفال حوالي 8.1 مليون طفل بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ، وأكثر من مليوني طفل خارج المدرسة، الغالبية من الفتيات.

وهو ما يشكل المصدر الرئيس للأمية في اليمن  وأن نسبة الأمية في المجتمع اليمني حوالي 45.7 % وترتفع بين النساء إلى حوالي 71 %في الفئة العمرية من 10 – 45 وهناك حوالي 3.65 مليون نازح الغالبية منهم دون تعليم ورعاية أو تمويل لاحتياجاتهم غالبيتهم من النساء الأميات والاطفال بنسبة73 % ويوجد حوالى 87 % من المهمشين خارج المدرسة، وتصل الأمية بين النساء في بعض المحافظات الى 90 %.

وأوضحت "بأن كل هذه الأرقام و تحليل البيانات والتقارير الرسمية صادرة عن جهاز تعليم الكبار ومحو الأمية ووزارة التربية والتعليم، و الوزارات ذات العلاقة منها  :نتائج الدراسات والابحاث  التي  أعدتها الباحثة إضافة إلى التقارير الصادرة من المنظمات الدولية خلال العام 1973-2021م.

وأتبعت: "أشار تقرير وزارة التربية والتعليم إلى أن النسبة المقدرة لانتشار الإعاقة تتراوح بين 8 – 13 % ، وإن هناك حوالي 41 % من الأطفال ذوي الهمم هم خارج المدرسة".
 
وعن معنى الأمية قالت: "الأمية هي نتيجة عدم مقدرة التعليم النظامي على استيعاب جميع الأطفال الذين يكونون في سن الالتحاق بمرحلة التعليم الأساسي، وفشل تلك المدارس في الاحتفاظ بتلاميذها حتى نهاية المرحلة الأساسية، لذلك فإن القضاء على زيادة أعداد الطلاب المتسربين يعزز الكفاءة التعليمية، ويزيد من نسبة المتعلمين. ويقلل من نسب الأمية".

 وتقول يوجد اهتمام عالمي بقضية تعليم الكبار، الأمر الذي  يؤكد  عقد كثير من المؤتمرات الدولية التي من بينها مؤتمر جومتين عام 1990، ومؤتمر داكار عام 2000، ومؤتمر البرازيل عام2009، وأخرها كان مؤتمر مراكش 2022م وكذلك في عام 2015 أقرت أهداف التنمية المستدامة للفترة من 2016-2030 وتشمل  17 هدفا تتناول مختلف جوانب التنمية وخصص الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030 وفيه يحدد أهدافا مرتبطة بالتعليم مدى الحياة وتعليم الكبار وهذه المؤتمرات والتوصيات  تؤكد على أهمية تعليم الكبار"
وذكرت في حديثها: "أن اليمن تعتبر ضمن الدول الخمس الأكثر أمية على مستوى الدول العربية والأضعف تنمية على مستوى العالم، فعندما أقرت أهداف التنمية المستدامة 2030، وضعت اليمن ضمن الدول الأشد احتياجًا للدعم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".
الباحثة نبيلة دعدع
الباحثة نبيلة دعدع


وعن أبرز الإشكاليات التي تعاني منها اليمن قالت: "حالة الحرب الأهلية وتزايد الصراعات السياسية، والمناطقية، قد لعبت دورًا كبيرًا في إهدار مقدرة الدولة، بالإضافة للفساد المالي والإداري، حيث تعد اليمن من ضمن الدول الأعلى فسادًا، وهو ما اشار إليه تقرير الشفافية الدولية عام 2014، وقد جاءت اليمن في المرتبة (14) على مستوى الفساد في العالم والبلد الأكثر فسادًا في منطقة الخليج العربي، فالفساد المالي والإداري ساهم في تفاقم مشكلة الأمية، والمحسوبية والحزبية السياسية التي ينخرها الفساد وتحمي من يخالفون القوانين جعلت من تعليم الكبار في اليمن منطقة يعم فيها خرق القانون، الأمر الذي بات يقوَض العملية التنموية والنهوض في المجتمع اليمني وبناء المؤسسات التعليمية الفاعلة والمستقرة وكذلك التركيز على برامج تعليم الكبار وأنه تعليم مستقل يتكامل، ويتناغم مع التعليم النظامي (الأساسي والثانوية)، وهو أحد المفاتيح الرئيسة للتعليم في القرن الحادي والعشرين، ويمثل قوة هائلة لتعزيز التنمية المستدامة، أن محاربة الفساد والقضاء على المفسدين ستدفع بالتعليم دفعًا إلى عالم النهضة والتقدم، فهذه الملايين التي تذهب عن طريق الفساد إلى جيوب حفنة من المتنفذين والمسؤولين كفيلة بافتتاح الفصول الدراسية، وتطوير المناهج و عقد الحملات الشاملة، و تدريب المعلمين، و إجراء التجارب الريادية، و توفير التجهيزات و التعبئة الاجتماعية، و غيرها مما سيجعلنا سادة أنفسنا وتخلصنا من وباء الأمية".

وتشير  الباحثة نبيلة دعدع  إلى أن هناك  أربع فئات  تعليمهم يمثل التحدي الرئيسي، فهم يجدون صعوبة في الوصول الى التعليم  البديل غير النظامي في اليمن وهم النازحين، الأقليات (المهمشين) ذوى الهمم و الفتيات والأطفال الفقراء.

وتتحدث الباحثة عن الجهود الوطنية الخاصة بالتعليم : "تعد أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي البداية الحقيقة للعمل المقصود والمنظم بمجال محو الأمية وتعليم الكبار، وإن كانت هناك محاولات في هذا المجال منذ عام 1964ولكن سرعان ما تعثرت تلك الجهود بسبب الظروف التي كانت تعيشها اليمن في تلك الحقبة وضعف البنية التحتية للمؤسسات التعليمية ومحدودية الإمكانيات والموارد المتاحة لتوفير الكتاب والمعلم المناسب للكبار ولذا تعتبر أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي البداية الحقيقية للعمل المقصود والمنظم" .

ففي المحافظات الشمالية من اليمن صدر في عام 1970 القرار رقم 30 بإنشاء الإدارات العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، وفي نفس العام صدر بالمحافظات الجنوبية قرار افتتاح مقر جهاز محو الأمية و تعليم الكبار، وفي عام 1973 اعتبرت قضية محو الأمية من القضايا الكبرى بالجنوب، فأُصدر القانون رقم 32 بشأن البدء بتنفيذ حملة شاملة لمحو الأمية وتعليم الكبار وتمثل الحملة الشاملة التي بدأت في عام 1973 برنامج ناجح تم توجيهه بدقة على مستوى وطني واسع النطاق فقد حشدت تلك الحملة الموارد البشرية والمالية وتم تعزيز البيئة التي تشجع  الأفراد على التعلم فقد ساهمت إدارة تنمية المرأة بإنشاء 66 مركزًا، كما ساهم اتحاد نساء اليمن في إنشاء59 مركزًا بهدف القضاء على الأمية وبحلول عام 1982 أعلنت اليونسكو بأن عدن خالية من الأمية، وقد استمرت الحملة نشطة وفعالة حتى أوقفتها أحداث 13يناير عام 1986م.

أما في الشمال في مطلع السبعينات 1971 تقريبا بدأ التخطيط للمرة الأولى لافتتاح مراكز رسمية لمحو الأمية بتمويل دولي وقد شملت الحديدة، وتعز، و إب، ورداع، وبعض مناطق صنعاء، منها أمانة العاصمة.

 وقالت: "بالنسبة للأنشطة والبرامج المقدمة فقد انحصرت في حدود المساعدات المادية والفنية التي كانت تقدمها الأليكسوا ، وقد كان أداء تلك المراكز ضعيف جدًا، خاصة مع انعدام المعلمين والمناهج  والكتب الخاصة بتعليم الكبار، كما كان الفساد الإداري يتسلل دائما لابتلاع المساعدات القليلة التي كانت تجودها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم".

 في 1974م  تبنت اليمن في نطاق مشروع تطوير التعليم مفهوم التعليم غير النظامي، وقد كان هذا المفهوم جديداً تمامًا على المنطقة العربية، واليمن وفي هذا الإطار خصص المشروع المذكور مخصصات مالية لإقامة مراكز للتعليم غير النظامي في بعض المحافظات في إطار مخصصات مشروع القرض التربوي الأول- أول قرض قدم لليمن من البنك الدولي- ثم توسع  المفهوم في القرض الثاني، ليجعل من تلك المراكز مراكز تخطيط وإشراف على عدد كبير من الأطراف لتشمل القرى والعزل والمديريات المجاورة، ولكن هذا المشروع فشل تمامًا لأن الإدارة اليمنية على المستويين المحلي والمركزي قد عجزت قدرتها على فهم هذا المشروع واستيعابه، أو انها رفضت استيعابه على الأرجح في مسار رفضها الكلي للتعاون مع المشروع.

في الفترة من 1974إلى 1980 كانت وزارة التربية والتعليم قد أنشأت في إطار مشروع تطوير التعليم إدارة التعليم غير النظامي وإدارة  للتعليم النسوي، وزودتهما بخبير للتعليم غير النظامي وخبيرتين للتعليم النسوي،  وقد حققت إدارة التعليم النسوي نجاحات موفقة لارتباطها الكلي بالمشروع، وأخفقت إدارة التعليم غير النظامي لارتباطها الكلي  بديوان عام الوزارة، وفي عام 1981م تجدد الاهتمام بتعليم الكبار في اليمن في أعقاب تبني المؤتمر العام ال 21 لليونسكو في بلغراد القرار لدعم اليمن في تنفيذ الخطة الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار، وتنفيذًا لذلك فقد حضر المدير العام لليونسكو أحمد مختار لإعلان الحملة من صنعاء عام 1981م، ثم قام فور عودته إلى باريس بتوزيع المسؤوليات المالية والفنية لمؤازرة تلك الحملة بين المنظمات الثلاث اليونسكو والإيسيسكو  والألكسو.

وتكمل حديثها : "بدأت الحملة قوية خلال تولى الدكتور/ أحمد الأصبحي في الفترة 1980-1983، حيث انفرد بمواقف تاريخية مشرفة و تبنى هذا الرجل مسؤولية تنفيذ الحملة الوطنية للتعليم ومحو الأمية واستقدم خبيرًا خاصًا من المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة ليتولى بصورة مباشرة أمام الوزير مسؤولية إدارة تلك الحملة فتواصلت نشاطاها وانتشرت وعمت جميع المناطق داخل الجمهورية، ثم توقفت تماما عقب خروجه من وزارة التربية والتعليم، وإن بقيت لها بعض الصور الشاحبة التي كانت تسعي فقط للحصول على أموال للدعم الإقليمي والدولي، وصرفها فيما لم يحقق أي مردود حقيقي.

وتوضح " أما عقب إعادة الوحدة في عام 1990م صدر القرار الجمهوري رقم 28 بإنشاء جهاز محو الأمية وتعليم الكبار، وفي عام 1996م صدر القرار رقم(193) بشأن تكوين لجنة لإعداد مناهج محو الأمية وتعليم الكبار، وفي عام 1998م صدر قرار مجلس الوزراء رقم 196 بإقرار الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار.

والواقع أن ذكر الجهود المبذولة في محو الأمية قد لا يهمنا بقدر ما نحتاج إلي وقفة موضوعية لنرى إلي أي حد قد أثمرت هذه الجهود في حل مشكلة الأمية، لان الإجراءات على الواقع لم تكن بمستوى حجم مشكلة الأمية  المرتفعة، فالفساد المالي والإداري قد عمل على تفريغ  تلك الجهود  والاستراتيجيات من مضمونها، ويتضح ذلك بالنظر إلى نسبة الأمية المرتفعة، ولا يزال جهاز محو الأمية وتعليم الكبار حتى اليوم يعاني من عثرات بسبب عدم وجود خطوط واضحة لتنظيم علاقته مع أجهزت التربية والتعليم على جميع مستوياتها المركزية والمحلية بالإضافة للفساد المالي والإداري المتعاقب منذ نشأت جهاز محو الأمية وتعليم الكبار والى يومنا هذا".


وقالت: "يعمل جهاز محو الأمية وتعليم الكبار اليوم في إطار الاستراتيجية الدولية التي تحمل اسم "القرائية من أجل التمكين" الأمر الذي لا يزال يؤكد أن تعليم الكبار إنما ينطلق إقليميا بما ذلك اليمن من الاهتمامات الدولية.

وتوصي الباحثة بضرورة تطوير استراتيجية تنموية شاملة عادلة قائمة على الإنصاف والمساواة، تعالج هذا الأسباب التي تؤدي إلى الأمية، وبخاصة أمية المرأة والفتيات وذلك عبر تعديل الهيكل التنظيمي لجهاز محو الأمية وتعليم الكبار وقوانين الأحوال الشخصية التي ساهمة ولا تزال تساهم في تهميش المرأة وخاصة الأمية.

وكذا إزالة العوائق التي تحول دون مشاركة كاملة للمرأة في مختلف مجالات الحياة، ومعالجة التسرب وتحسين نوعية التعليم في مراكز محو الأمية وتعليم الكبار ومعالجة التسرب، و القيام بالإصلاحات اللازمة في البنى التحتية التي تراعي حقوق جميع شرائح المجتمع وخاصة المرأة والفتيات الأميات لتصبح مراكز مجتمعية، وكذلك مراجعه مضمون  المناهج لتحسين ملاءمتها مع الاستجابة لحالات النوع الاجتماعي، إضافة  إلى العمل على توفير التعليم  القائم على تنمية المهارات القائمة بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني بحملات التعبئة المجتمعية لتشجيع المرأة والفتيات على المشاركة بأهمية تعليم الكبار ودوره في تحقيق ثقافة السلام المستدام، و أهداف التنمية المستدامة، وأثرها على المستقبل والمخاطر التي تنتج عن التسرب، والزواج المبكر، وكذلك الحروب والنزاعات و التركيز على القرار 1325.

وأكدت  التوصيات على ضرورة إعداد خطة لتعليم الكبار ومحو الأمية ويتم دمجها مع الخطة القطاعية  للتعليم والتي سيتم إعدادها العام القادم ويبدأ في تنفيذها من عام 2024  وتوصي  بإعادة النظر  في مصطلح "محو الأمية وتعليم الكبار" واستبداله بمصطلح تعليم وتعلم الكبار حسب ما جاء بتوصية تعليم وتعلم الكبار2015م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى