> «الأيام» الخليج أونلاين:
تسير الهدنة في اليمن نحو طريق مسدود في ظل تعثر بنودها الأساسية التي أعلنت، في أبريل الماضي، ولا سيما فك الحصار عن مدينة تعز، في وقتٍ يطلب الحوثيون مزيداً من التنازلات لتمديدها.
وبينما عجزت الأمم المتحدة مرتين على التوالي في تمديد الهدنة ستة أشهر، تأمل أن يتحقق هذا الهدف مع انتهاء الهدنة في الـ2 من أكتوبر القادم، وسط عدم تجاوب من الحوثيين مع كثير من شروط الهدنة.
تنازل حكومي
تبدو كل المؤشرات الحالية تمضي نحو هدنة لـ6 أشهر، مقابل تنازلات من الحكومة الشرعية لمصلحة الحوثيين، فيما يبدو أن المتمردين الموالين لإيران سيستمرون في مراوغاتهم المتكررة في ظل عدم تنفيذهم سوى جزء من بنود وشروط الهدنة الأممية.
آخر تلك الأنباء جاءت من صحيفة "البيان" الإماراتية، التي نقلت عن مسؤول حكومي لم تسمه قوله، إن الهدنة الإنسانية الجديدة في اليمن ستكون مدتها 6 أشهر.
وأشار المسؤول الحكومي اليمني إلى أن الهدنة الجديدة تتضمن فتحاً لمطار صنعاء بشكل كامل وصرف المرتبات في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وهي جزء من المطالب التي يطالب بها الحوثيون منذ بدء الحرب.
وقالت الصحيفة إن التحركات الدولية والإقليمية الجارية "أنعشت آمال اليمنيين بإمكانية تمديد الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة ستة أشهر أخرى، مع حلول الثاني من أكتوبر المقبل موعد انتهاء التمديد الحالي لهذه الهدنة، كاشفة أن التوقعات تشير إلى أن التمديد سيصاحبه الاتفاق على آلية لصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، وكذلك الاتفاق على فتح ممر إلى مدينة تعز وتسيير رحلات تجارية إضافية من مطار صنعاء إلى ست عواصم عربية وإقليمية جديدة".
تحرك أمريكي
على الرغم من التحركات الأممية المحدودة لتمديد الهدنة فإن تحركات المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينج، كانت هي الأكبر والتي يبدو أنها تأتي في إطار ضغوط أمريكية لحسم مسألة تمديد الهدنة 6 أشهر.
وتأتي هذه التحركات على الرغم من تزايد انتهاكات الحوثيين، ومن ذلك تنظيم الجماعة مؤخراً عروضاً عسكرية في محافظتي الحديدة وصنعاء، وظهور معلومات تتحدث عن أكبر عرض عسكري سيعرض في العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر الجاري.
ويقود المبعوث الأمريكي إلى اليمن جهود تمديد الهدنة، إذ بدأ منذ أيام جولة تشمل الإمارات والسعودية وسلطنة عُمان لـ "حث الأطراف على تكثيف المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في الأسابيع الثلاثة المقبلة، فضلاً عن العمل على نحو عاجل ومتماسك واتخاذ الخطوات اللازمة لتمديد وتوسيع الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة"، بحسب الخارجية الأمريكية (8 سبتمبر).
وأشارت الخارجية الأمريكية إلى أن توسيع الهدنة "يؤدي إلى زيادة المنافع الملموسة لجميع اليمنيين، وإحراز تقدم لا غنى عنه في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وكذلك توسيع وجهات الرحلات الجوية وفتح الطرق، كما أنه سيمهد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار، وقرار يمني شامل ودائم يستجيب لدعوات الشعب اليمني للعدالة والمساءلة".
ثمن كبير
يؤكد الصحفي والناشط اليمني عبدالله اليدومي، أن الحكومة اليمنية تقدم ثمناً كبيراً للحوثيين، على الرغم من عدم التزامهم ببنود الهدنة، وفي مقدمتها فك الحصار عن تعز.
وتساءل "اليدومي"، في حديثه لـ "الخليج أونلاين": "لا يعلم اليمنيون لماذا هذا الخضوع والذل من الحكومة التي تقدم مزيداً من التنازلات للمليشيا، بدلاً من إجبارها على تنفيذ البنود المتفق عليها؟"، مشيراً إلى أن "كل المؤشرات تؤكد أن الحكومة ستخضع لمطالب الحوثيين وبموافقة من السعودية وأمريكا".
ولفت إلى أن "الحوثيين في حال تحقق هدفهم بفتح مطار صنعاء لجميع الرحلات، وصرف مرتبات الدولة كاملة، وفتح الموانئ، حينها سيطالبون بطلبات أخرى في حال مضت 6 أشهر دون التوصل لسلام شامل".
ويلفت إلى أن الأشهر الـ6 القادمة ستستغلها المليشيا بترتيب مزيد من صفوفها، دون التوصل إلى أي مفاوضات أو حوار، وعند أي تمديد جديد ستطلب مزيداً من التنازلات لإخضاع الحكومة لتقديم تنازلات أخرى كتقاسم الثروات، وهو ما يتوقعه الجميع.
ويوضح: "واشنطن لا تفكر باليمن بقدر ما تفكر أن تحل الملف النووي الإيراني الذي كان أحد مساومات طهران تنفيذ مطالب الحوثيين، وهذا ما يحدث الآن، في وقتٍ لا يبدو أن حلفاء الحكومة جادين في الوقوف إلى جانبها".
فيما يرى الصحفي خليل ثابت العُمري، أن الحوثيين يستغلون الحرب "من أجل التقدم على الأرض ويستغل الهدنة من أجل التحشيد المسلح وكسب مزيد من الأموال من المواطنين".
ويقول العُمري لـ "الخليج أونلاين": "يرفض الحوثيون محاولات إرساء السلام لأنهم جماعة أيديولوجيتهم الحرب، ولا يوجد في قاموسهم السلام والهدنة".
وأضاف: "لهذا هم يرون في أي هدنة قائمة لغماً كبيراً في طريق مشروعهم التوسعي المسلح"، مبيناً أنهم "منذ الهدنة الأولى وهم يختلقون المبررات لإنهائها وشنوا هجمات عسكرية على منفذ الضباب في تعز وشريانها الوحيد للمحافظات الأخرى".
رفع المطالب
وكانت مليشيا الحوثي حددت أربع نقاط أساسية من أجل القبول باستمرار الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن منذ شهر أبريل الماضي.
وأكد عبد السلام تمسك الحوثيين بهذه الاشتراطات، وضرورة تنفيذها الكامل للموافقة على استمرار الهدنة الأممية.
ومُددت الهدنة لشهرين إضافيين من 2 يونيو، انتهت في 2 أغسطس ومُددت للمرة الثالثة لغاية 2 أكتوبر القادم.