هُدَن بمكاسب حوثية

> جهود حثيثة يُبذلها خلال هذه الأيام المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرج ، ومعه المجتمع الدولي ، لأجل تمديد عمر الهدنة الهشة في اليمن التي أوشكت على نهايتها ، حيث تأتي هذه الجهود في وقت يزداد فيه موقف الحوثيين من تمديد الهدنة أكثر حدةً وصلابة.

ونشاهد مع كل مرة يتم التفاوض من أجل تجديد الهدنة في اليمن، كيف يظهر قادة الجماعة الحوثية بمطالب مُسبقة على المبعوث الأممي والوسطاء الدوليين، ليكن قبولهم بها وتحقيقها، شرطاً لموافقة الجماعة على هدنة مُزمّنة لمدة قصيرة سرعان ما تنقضي بعد 60 يوماً، حتى يتسنى لها فرصة أخرى لفرض شروط إضافية حتى تكتمل الصورة بالشكل الذي يتوائم تماماً مع مخطط طهران وصنعاء معاً .

ومع كل هدنة يخرج الحوثيون بتحقيق شروطهم بصورة دراماتيكية ، فيما تخرج الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً بانتصار زائف اسمه « تنازلات من أجل الشعب »، ولا نعلم أي شعب هذا الذي تقدم من أجله التنازلات؟ هل هو الشعب الذي يعيش في كنفها بالمناطق المحررة حيث لا كهرباء ولا تحسين معيشة ولا خدمات تعليمية وصحية مناسبة، ولا محاكم قضائية ونيابية شغالة؟ أم هو الشعب الذي يحترق في جحيم الحوثيين ، حيث لم يعد قيمة للحياة البشرية؟

وتنازلات كهذه لا تساعد في انقاذه من ذلك الجحيم ، بقدر ما تنفخ فيه ليزداد اشتعالاً.

ثم أي تنازلات ممكن أن تقدمها الحكومة الشرعية أو تتحدث عنها؟ وهي من أعلنت سلفاً الاستسلام لجماعة الحوثي، من خلال تخليها عن مبدأ الحسم العسكري، واستبدلته بلغة الحوار والتفاوض للوصول إلى تحقيق سلام كامل مع جماعة متمردة انقلابية لا تؤمن إلا بلغة القوة ولا تفهم من السلام إلا ما يأتي عبر آلية العنف والسلاح.

إن تمديد الهدنة في حال تحقق في المرحلة الثالثة، ربما لن يحدث إلا بتنفيذ شروط جماعة الحوثي والتي حددتها في ثلاثة مطالب، صرف المرتبات ، وإنهاء كامل القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة ، وتثبيت وقف إطلاق النار، عند ذلك تكون الجماعة قد حققت أهدافها التي لطالما سعت إلى تحقيقها منذ سنوات الحرب الأولى، وهذا يعد في نهاية الأمر انتصاراً سياسياً مهما حاولنا إغفاله أو التقليل من شأنه.

إن وضع جماعة الحوثي صرف المرتبات في مقدمة المطالب المطروحة، ليس أولوية بالنسبة لها ، بقدر ما يمثل كسب رضا على المستوى الشعبي، لكن ما هو أولوية للجماعة هو فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة دون قيد أو شرط ، لما في ذلك من أهمية بالغة بالنسبة لها.

مازلنا نتذكر عند سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء في سبتمبر 2014م ، كيف ركزت كل جهودها في السيطرة على المطار، وبدأت سريعاً بتسيير رحلات جوية بين مطاري صنعاء وطهران، وهما العاصمتين اللتين كانتا في قطيعة تامة لسنوات طويلة قبل ذلك، إلا أنه مع سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء كانت طائرات الشحن الإيرانية تهبط 20 مرة في الأسبوع ، في صورة أثارت الاستغراب والريبة والشك بين أوساط المجتمع.

إن فتح مطار صنعاء دون قيد أو رقابة ، يعد أهم مكسب يمكن أن تحصل عليه جماعة الحوثي، لأن ذلك يعني ربطها بدول العالم، ويعني أيضاً المزيد من تدفق الأسلحة وأجهزة التكنلوجيا المتطورة والحديثة التي تستخدم في الصناعات العسكرية وخوض الحروب، كما يعني ذلك صواريخ بعيدة المدى، وطائرات مسيّرة لا تحصى ولا تعد، ووجود عشرات الخبراء ممن يمتلكون الخبرة في رسم خطط المعارك ، واستهداف المدن والمنشئات الحيوية.

فإلى أين يقود المجتمع الدولي هذا البلد المنكوب؟ وهل تدرك دول المنطقة مدى خطورة أن تصبح جماعة الحوثي تمتلك معابر سيادية كالمطار والميناء؟ وعلى ماذا تعوّل حكومتنا الشرعية الكسيحة التي فشلت عسكرياً وسياسياً في مواجهة جماعة متمردة باتت اليوم هي الطرف الأقوى الذي يفرض شروطه ويحقق أهدافه التي هي ذاتها أهداف نظام ولاية الفقيه في طهران وربما أهداف دول وأنظمة عالمية لا نعلم خفاياها بعد؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى