انقسام داخل المجلس السياسي للحوثيين بشأن تمديد الهدنة الأممية

> صنعاء "الأيام"

> ​كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”العرب” عن إفشال الجناح العسكري والعقائدي للحوثيين اتفاقا معدلا تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ السبت، في محاولة لمنع انهيار الهدنة الأممية التي تنتهي الأحد.

وقالت المصادر إن ضغوطا عمانية وأممية على وفد التفاوض الحوثي المتواجد في مسقط بسلطنة عمان أسفرت عن إبلاغ محمد عبدالسلام رئيس الوفد المبعوثَ الأممي بالموافقة الحوثية على الاتفاق المعدل لتمديد الهدنة، قبل أن يصدر المجلس السياسي الأعلى للحوثيين الأحد بيانا يمثل تراجعا عن الموافقة الحوثية على بنود تمديد الهدنة الأممية.

وقالت المصادر نفسها إن الاتفاق المعدل الذي تقدم به المبعوث السبت تضمن تمديد الهدنة لستة أشهر وفتح خطوط جديدة للطيران من مطار صنعاء وفتح ميناء الحديدة وفتح الطرقات في مدينة تعز والتوافق على قيام الحوثيين بإيداع إيرادات ميناء الحديدة في حساب خاص تحت إشراف الأمم المتحدة يتم من خلاله صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، على أن تتولى الحكومة الشرعية تغطية العجز في بند الرواتب من الإيرادات في مناطق سيطرتها.

وأشارت هذه المصادر إلى مطالبة الحوثيين بأن تتولى الحكومة الشرعية دفع الرواتب من إيرادات النفط والغاز في المحافظات المحررة، على أن تقوم الميليشيات الحوثية بفتح طرق فرعية في مدينة تعز، كان ممثل الحكومة في مفاوضات الأردن قد رفضها سابقا واعتبرها غير كافية.

وحول رؤيته لمآلات الهدنة وعواقب فشلها قال المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي في تصريح لـ”العرب” إن “الحوثي يستخدم إستراتيجية رفع السقف بالضغط على مخاوف الإقليم الذي يريد الاستقرار بسبب الظروف الإقليمية الحالية ومنها فعاليات كأس العالم”.

ولفت المذحجي إلى أن “مطالب الرياض وواشنطن حاسمة في ضمان الهدنة والحوثي يدرك ذلك، ولذلك فإن المجلس الرئاسي ليست لديه قدرة على التحفظ وسيستجيب لهذه الضغوط، ومشكلة هذه الضغوط تكمن في أنها غير حساسة تجاه كلفة هذه الاستجابة وبالتالي يستطيع الحوثي أن يستثمر الهشاشة التي عليها خصومه الإقليميون وأيضا المحليون والحصول على مكاسب، وبذلك ستمضي الهدنة في الأخير”.

وفي تصريح لـ”العرب” حول قراءته للتطورات المتسارعة المتعلقة بمصير الهدنة الأممية في اليمن أكد يعقوب السفياني، مدير مركز ساوث 24 للدراسات والأخبار في عدن، أن “الهدنة الأممية في اليمن تتجه إلى مسارين قاتمين يحددهما الحوثيون؛ الأول فشل الهدنة وعودة الحرب، والثاني تمديد وتوسيع الهدنة لمصلحة الجماعة المدعومة من إيران وهذا في كلتا الحالتين صفقة سيئة بالنسبة إلى المجلس الرئاسي والتحالف بقيادة السعودية”.

ولفت السفياني إلى أن الحوثيين يتعاملون مع الهدنة كملف لابتزاز المجتمع الدولي والإقليم، تماما كما تعاملوا مع الملفات الإنسانية طوال فترة الحرب، مشيرا إلى أن تحذيرات الجماعة باستهداف الشركات النفطية تأتي ضمن سياسة الابتزاز الحوثي نظرا للأزمة العالمية في الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية – الأوكرانية، وكذلك التهديدات باستهداف الشركات الملاحية والتلميح بنقل الحرب إلى المضايق والممرات المائية.

وتابع “قد تنجح الضغوط الدولية في إرغام كل الأطراف على تمديد الهدنة، لكن الحوثيين سيواجهون عمليا صعوبة في تقبل واقع الحد الأدنى من الشروط والتنازلات خصوصا إذا تمسك المجلس الرئاسي بموقفه الثابت إزاء إيرادات ميناء الحديدة التي يفترض أن تغطي جزءا من رواتب موظفي الخدمة العامة في مناطق الحوثيين. وهذا ما قد يدفع إلى بروز مواقف متطرفة من الجناح الحوثي المتشدد المقرب من طهران”.

عتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر أن “الحوثيين يسعون للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية، ضمن خططهم الساعية لانتزاع اعتراف دولي بشرعيتهم، والقضاء على شرعية الحكومة اليمنية، ويستغلون الوضع العالمي المتوتر لإرهاب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من خلال التهديدات التي يطلقونها لاستهداف منابع الطاقة والشركات النفطية العاملة في المنطقة”.

وأشار الطاهر إلى أن الحوثيين يستغلون مخاوف واشنطن والغرب من التأثير على إمدادات الطاقة، ما من شأنه أن يقوي الموقف الروسي في الحرب الأوكرانية في حال تم استهداف الحوثي لمنابع الطاقة التي ستتضرر كثيرًا، لذلك يسعى الحوثيون للضغط في هذا الاتجاه، بينما سيزيد الضغط الدولي على الحكومة اليمنية بهدف القبول بالشروط الحوثية.

وتابع “سيستمر الحوثي في الضغوط وقد يرتكب عمليات إرهابية، لكن سلوك الحوثي سيتغير إلى الانصياع أو إلى البلطجة من خلال المواقف الدولية تجاه الميليشيا، إن كانت حازمة سيخضع، وإن كانت غير حازمة لن يخضع وقد يزيد من مطالبه، وفي الأول والأخير سيتم الاتفاق على تمديد الهدنة إذا وجد الحوثي أنه معزول دوليًا، وأن عليه ضغطًا عسكريًا”.

وكانت الساعات الماضية قد شهدت تصاعدا غير مسبوق في التحركات الدولية لمنع انهيار الهدنة التي كان المجتمع الدولي يعول على تحويلها إلى مسار دائم للسلام في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى